التغلغل الاسرائيلي في افريقيا (ح8)

اعداد خضر عواركة - صافي محمد سعيد- د. علي جمعة - د. زينة يوسف

2020.11.24 - 10:06
Facebook Share
طباعة

 سادساً). السيناريوهات المستقبليَّة للعلاقات الإسرائيلية الأفريقيَّة:

1.    السيناريو الأوَّل:
          إذا استمر النمط الحالي لهذه العلاقات على نفس الوتيرة الحالية، والعمق من التغلغل الإسرائيلي في القارة، واستسلم الأفارقة للواقع المفروض، وتهافت العرب على السلام؛ فسنكون على مشارف مرحلة جديدة من مراحل تطور العلاقات الإسرائيلية الإفريقية، وهي مرحلة الهيمنة الإسرائيلية على أغلبية دول القارة، ومن ثم سقوط النظام العربي الإقليمي، مقابل صعود النظام الإقليمي الجديد المتمثل في مشروع «الشرق الأوسط الكبير».
 
2.    السيناريو الثاني:
          في حالة استفادة الأفارقة من تناقض المصالح، وتشابك العلاقات الدوليَّة بين القوى الكبرى، خصوصاً الاتحاد الأوروبي والصين وروسيا، بهدف تحقيق نوع من التوازن والتكافؤ مع إسرائيل المدعومة أمريكيّاً، وفي هذه الحالة ستتضاءل وتيرة تطور العلاقات الإسرائيلية، وستعتمد إسرائيل على أدوات «القوى المستترة -Latent Power » في تغلغلها في القارة الأفريقيَّة، وتكون الأوضاع حينها على قاعدة «لا غالب ولا مغلوب».
 
3.    السيناريو الثالث:
          لو تنبَّهت الدول الإفريقيَّة والعربيَّة إلى مخاطر التغلغل الإسرائيلي في القارة على أمنها القومي، ومجالها الحيوي، ودورها الإقليمي، وتبنَّت استراتيجيَّات فاعلة حيال ذلك فنحن أمام سيناريو, تعرية الأساطير والأكاذيب التي تروجها إسرائيل كغطاء لتغلغلها في القارة، ولا سيما العَقَدِيَّة منها والثقافيَّة, وتنشيط التعاون العربي - الإفريقي في جميع المجالات، من خلال رفض إفريقي عربي شامل للتسويات السياسيَّة الناقصة وغير المتوازنة، والعمل العربي - الإفريقي المشترك على وقف الهرولة، والاستسلام للهيمنة الإسرائيلية، استغلالاً لحاجة إسرائيل الماسَّة إلى السلام المتعجل، وحينئذ ستنحسر العلاقات الإسرائيلية - الإفريقيَّة لكن بشكل "نسبي".
 
 
 
 
          إذا   أسهمت كلٌّ من بريطانيا وفرنسا بدور كبير في تمهيد الطريق لهذا التغلغل الإسرائيلي في المستعمرات الأفريقيَّة التي كانت تحت سيطرة كلٍّ منهما, حيث قامت بريطانيَّة بجعل كل من تنجانيقا وسيراليون نقاط ارتكاز لإسرائيل في إفريقيا، وفرنسا فتحت لإسرائيل حرية العمل في ميناء جيبوتي وميناء داكار في السنغال لدعم نشاطها، وسمحت لها بإقامة علاقة وثيقة مع مستعمراتها في غرب إفريقيا, كما حدث في ساحل العاج, كما استغلت الأقليات العرقيَّة أو الدينيَّة بوزائع أيديولوجيَّة, أو الجماعات الأخرى مثل تعاملها مع جماعة "الأمهرا" التي كانت حاكمة في إثيوبيا, سواء في ظل "هيلاسلاسي" أو "منجستو", دعماً لسيطرة هذه الجماعة على غيرها من الجماعات معظم الجماعات الأخرى, واستغلت إسرائيل في ذلك البعد الإيديولوجي لتقوية صلاتها بالجماعة, ذلك أنَّ هذه الجماعة لديها مزاعم بالانتماء للأسرة السليمانيَّة, وقادتها يسمّون أنفسهم زعماء إسرائيل, ثم إن الكنيسة الأرثوذكسيَّة الإثيوبية قد ظلت تقوم بدورها في تعزيز مزاعم الجماعة, حيث ركزت في دعمها على أن «شعب الأمهرا» هو شعب الله المختار, كما دعمت "قبائل الهوتو" على الرغم من الحظر الدولي عام 1994م, ضد قبائل التوتسي التي تقول إسرائيل أنَّ مصر كانت تدعمها في زائير.
 
          كثيرة هي الأساليب والسبل المباشرة أو الملتوية التي نفذتها إسرائيل في القارة الأفريقيَّة, وتمكّنوا من إقامة العلاقات مع العديد من الحكّام, ومنهم "جومو كنياتا" أول رئيس لكينيا، و"وليام تويبمان" الرئيس الليبيري الذي يُعد أوَّل رئيس دولة إفريقيَّة تعترف بإسرائيل, أيضاً "جوزيف موبوتو" رئيس زائير السابق الذي يُعرف بأنَّه أكثر أصدقاء إسرائيل وفاءً في إفريقيا؛ لأنَّهم ساعدوه في تولّي السلطة، كذلك "هيلاسيلاسي" إمبراطور إثيوبيا الذي يرى نفسه أنَّه من سلالة اليهود, وبين السياسة والاقتصاد والمال والدبلوماسية, والتجنيد والجاسوسيَّة والابتزاز, نشأ في "ربيع إسرائيل الأفريقي", في ظل وضع أفريقي وعربي متردي غير متجانس تملأه الحروب والفقر والأزمات من جهة, والتآمر والخيانة والتطبيع من أخرى.
 
 
يتبع...
 
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 2