يشعر الجمهوريُّون بالرعب من التركيبة السكانيَّة المتغيِّرة للبلاد, وخَلُص العديد من خبراء الديموغرافيا إلى أنَّه بحلول عام 2045م، سوف يصبح البيض أقليَّة في البلاد، حيث سيصبح الأميركيُّون من أصل إسباني، وسود، وآسيويون، الذين يصوتون بأغلبية ساحقة لصالح الديمقراطيِّين، أغلبيَّة جماعيَّة, في الواقع، الحزب الجمهوري هو بالفعل حزب الأقليَّة وسوف تستمر أعدادهم في التقلص مع التطور الديموغرافي, ولهذا السبب، فإنَّ الحزب الجمهوري سيلجأ إلى أيَّةِ وسيلةٍ، مهما كانت عنصريَّة وفاسدة، للتلاعب بالانتخابات من أجل تغيير النتائج لصالحه, وبدلاً من التكيُّف مع الواقع الديموغرافي الذي يواجه الولايات المتَّحِدة وتطوير سياسات وبرامج اجتماعيَّة واقتصاديَّة جديدة لمواجهة التحديات الجديدة, وجذب المزيد من الناخبين من ذوي الأصول اللاتينيَّة والسود إلى صفوفهم، اختار الحزب الجمهوري اللجوء إلى المحافظة المتطرِّفة, والتفوُّق الأبيض لحماية نفسه, ويقول "ويليام هاول"، الأستاذ بجامعة شيكاغو ومدير مركز الحكومة الفعالة، أنَّ استطلاعات الرأي أظهرت أن الجمهوريِّين والديمقراطيِّين ينظرون الآن إلى بعضهم البعض, ليس فقط على أنَّهم مخطئون، بل حاقدون، ويشكِّلون خطراً على الجمهوريَّة, ويعتقد أكثر من 40% من الأمريكيِّين أنَّ الحرب الأهليَّة مُحتملة في العقد المقبل, فالجمهوريين أصبحوا أكثر تحفظًا بشكل ملحوظ مما كانوا عليه في عام 1970م، والديمقراطيُّون أكثر ليبرالية إلى حد ما في المتوسط[1]، وأشار المحلِّل السياسي "روبرت رايش", أنَّ من دلائل الانقسام في الولايات المتَّحدة, وتأثير ترامب وأنصاره على ذلك, أنَّ معظم الجمهوريِّين البارزين ينتَقِدون الرئيس بايدن، ومن المظاهر أنَّ "بيل بار"، المدَّعي العام السابق، في أحد البرنامج: لا شيء من هذا يدعو إلى الرِّضا عن النَّفس, ترامب خطير كما كان دائمًا, لقد ألهم العنف من قبل، ويمكنه أن يفعل ذلك مرة أخرى", "يريد ترامب أن ينخَرط الأميركيُّون في «معركة نهائيَّة» حول رغباته النرجسيَّة"[2], وأشارَت التحليلات إلى أنَّ ترامب يركِّز على مجدٍ خاص، وعلى مصالحه الخاصَّة، وليس مصالح الأمَّة, ويلقي عناقيد الغضب في جميع أنحاء البلاد, وظهر خطره الحقيقي في تقرير لجنة التحقيق التابعة للكونغرس من الحزبين حول تمرُّد 6 يناير[3], حيثُ حذَّر "بيتر نافارو" المستشار التجاري للبيت الأبيض في إدارة دونالد ترامب, من أنَّ "حربًا أهليَّة جديدة" ستندلع بسبب لائحة اتهام ترامب, وبسبب استهداف الحزب الديمقراطي المزعوم للرئيس السابق, وفي حديثه استشهد "نافارو" باستطلاع أجراه "مركز روني" لدراسة الديمقراطيَّة الأمريكيَّة بجامعة نوتردام في نوفمبر 2022م، والذي كشف أن حوالي نصف الجمهوريِّين وأكثر من ثلث الديمقراطيِّين, يعتقدون أن أمريكا على حافة الانهيار, والحرب الأهليَّة[4], بدوره يَقُول "ستيفن سميث" أنَّ ترامب لديه فُرصة لبدء "حرب أهليَّة" في الولايات المتَّحِدة, وأضاف: "عندما أَنظُر إلى ترامب، أعتقد أن جميع مؤيِّدِيه يجب أن يأخذوا شيئًا ما في الاعتبار: أعتقد أنَّه مثير للانقسام لدرجة أنَّه من المحتمل أن يتسبب في حرب أهليَّة في هذا البلد, هذا هو ما يقلقني بشأنه", "إنَّهُم سيفعلون الأشياء التي يفعلها ترامب، وسيفعلونها بمزيد من القدرة"[5]، وهذا ما أشار إليه "جيسون أوبال", أستاذ التاريخ بجامعة "ماكجيل" إن أمريكا على شفا حرب أهلية أخرى، هذه الحرب يغذيها "دونالد ترامب"[6], وأثار الانقسام السياسي المتزايد في الولايات المتحدة تكهنات باحتمال اندلاع حرب في أي لحظة بسبب الخلافات المتصاعدة بين الجمهوريِّين والديمقراطيين, واقترح أنصار ترامب مراراً وتكراراً أنَّه إذا لم يَفُز في انتخابات عام 2024م، فستكون هناك حرب أهليَّة, حيث يَحتل ترامب حاليَّاً المركز الأوَّل في السباق التمهيدي للحزب الجمهوري, ومن المؤشِّرات ما تحدَّث عنه الواعظ الإنجيلي "أندرو ووماك" أنَّ "الحرب الأهليَّة" ستكون "تستحق العناء" إذا كانت تعني إعادة الرئيس السابق "دونالد ترامب" إلى البيت الأبيض, وقال متحدِّث باسم ائتلاف الحقيقة والحريَّة لمجلَّة نيوزويك: "كانت تعليقات "أندرو ووماك" واضحة, مفادها أنَّ المسيحيِّين والمواطنين الآخرين, يجب أن يمارسوا حقوقهم في التصويت, وألَّا يتم ثنيهم عن هذا الواجب, خوفًا من أعمال العنف من قبل الأشخاص الذين يعارضون آرائهم"[7], ففي وقت سابق قال ترامب يعتقد أنَّه من الممكن تجنب الحرب الأهليَّة من خلال المفاوضات[8]، وعلى حد تعبيره: "كان هناك شيء أعتقد أنَّه كان من الممكن التفاوض بشأنِه", ولم يستغرق الأمر سوى دقائق قليلة قبل أن تدخل وسائل الإعلام الرئيسيَّة وحلفاؤها في وضع الهجوم الكامل ضد الرئيس السابق, في نية مسبقة للعنف[9], وعدم الاستسلام, وحول احتمالات العنف, قال " مايكل بودهورزر", إنَّ التهديد الذي يشكله ترامب وحركة "MAGA"، كبير, ويمكنك التفكير في "MAGA" كحركة فاشيَّة أو كتعبير "شرعي" عن الأمَّة الحمراء الثيوقراطيَّة التي تخوض حربًا باردة, حيث تُعد حركة "MAGA" عدوًا للديمقراطيَّة الليبراليَّة, واستولت على الحزب الجمهوري[10], وقال " ألون بن مئير", أستاذ وزميل أوَّل متقاعد في مركز الشؤون العالميَّة بجامعة نيويورك وزميل أوَّل في معهد السياسة العالميَّة, تواجه الولايات المتَّحِدة أكبر خطر لها منذ الحرب الأهليَّة, يجب على الجمهوريِّين الذين يدعون وضع البلاد قبل الحزب, أن ينهضوا مع زملائهم الديمقراطيِّين لإنقاذ الولايات المتَّحِدة من "دونالد ترامب"[11], ومن مؤشرات "الترامبيَّة العنيفة", أنَّ أنصار ترامب من اليمين المتطرِّف يهدِّدون بها, وقال "ديفيد جيلبرت", أشارت العديد من التعليقات عبر وسائل التوصل إلى الحرب والاقتتال, ومنها الدعوة إلى القتل المباشر, وكتب أحد النشاطين الموالين لترامب: "ربما حان الوقت لتلك الحرب الأهلية التي يحاول الديمقراطيُّون اللعينون إشعالها منذ سنوات", وقال آخر، في إشارة إلى الرئيس السابق باراك أوباما ووزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون: "الحقيقة: كان أجدادنا سيشنقون هذين الاثنين بتهمة الخيانة", وكتب اليميني "مايكل سيرنوفيتش":"هذا هو اغتيال جون كنيدي مرَّة أخرى"، زاعمًا أنَّ "الدَّولة العميقة" قتلت جون كنيدي وأنَّها تستخدم الآن وزارة العدل للإطاحة بترامب[12], ويَقول "روبرت رايش", يهاجم الرئيس السابق للولايات المتحدة، الذي يترشح الآن لإعادة انتخابه، "البلطجيَّة من وزارة الظلم" على حد تعبيره، ويصف المستشار الخاص "جاك سميث" بأنَّه "مجنون مختل"، ويطرح ملاحقاته القضائيَّة ومحاولته لمنصب الرئيس الأبيض البيت كجزء من "المعركة النهائيَّة" لأمريكا, ويطالب ترامب مرَّة أخرى بأن يختار الأميركيُّون أحد الجانبين, ومن المؤشرات ما تحدَّث عنه الجمهوري "كاري ليك", إذا كنت تريد الوصول إلى الرئيس ترامب، فسيتعيَّن عليك المرور عبري، وسيتعيَّن عليك المرور عبر 75 مليون أمريكي مثلي تمامًا، صرخ "ليك" وسط هتافات صاخبة وتصفيق حار, وقال "معظمنا أعضاء يحملون بطاقات "NRA", وهو لوبي السِّلاح التابع للجمعيَّة الوطنيَّة للبنادق", وأضاف هذا ليس تهديدًا، إنَّه إعلان خدمة عامَّة"[13], ومن المؤشرات أيضاً, أنَّه في خطاب "CPAC"، توقَّع ترامب "خسارة الحرب العالميَّة الثالثة", إذا لم يتم انتخابه, ورسم الرئيس السابق صورة قاتمة, لما سيحدث للولايات المتَّحِدة إذا أعاد الناخبون انتخاب "جو بايدن" للمكتب البيضاوي, وأضاف أنَّه وحده القادر على توفير نتيجة أفضل لأمريكا, وسعى ترامب أيضًا إلى حشد قاعدته خلال الخطاب، قائلاً إن الانتخابات العامَّة في نوفمبر/تشرين الثاني حاسمة بالنسبة له ولأنصاره[14], وقال " ميكي سميث", أنَّ ناخبو "دونالد ترامب" يحذِّرون من "حرب أهليَّة" إذا خسر, هم يقولون أنَّهم "سيحملون السلاح", وقالت "سوزان مونك"، ناشطة تقوم بحملة نيابة عن الأشخاص المسجونين لتورطهم في التمرد العنيف في مبنى الكابيتول الأمريكي في 6 يناير 2021م، إنَّّ هزيمة أخرى لترامب ستسبب "فوضى", وأضافت "مارغريت كوخمان": "نحن نتجه نحو ثورة, هذا ما نتَّجِه إليه, إنَّهم يحملون السلاح بالفعل، قد بدأ الناس بالفعل بتسليح أنفسهم"[15].