كتبت شيرين الملواني: "أقسى من جائحة كورونا"

2022.04.01 - 07:49
Facebook Share
طباعة

 بالأدلة والأرقام وصلت أزمة التضخم ذروتها عالميًا (الأسوأ منذ عام ٢٠٠٨) مسببة  أضرارًا كبيرة على الأسر في جميع أنحاء العالم كنتيجة لاضطراب سلاسل الإمداد، والارتفاع الحاد في أسعار السلع الأولية خاصة في عام ٢٠٢١، والملاحظ أن اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية كانت الأكثر تضررًا؛ حيث بلغ التضخم أعلى معدلاته  متجاوزًا اليوم المستويات المستهدفة في أكثر من نصف هذه الاقتصادات التي لديها إطار لتحديد أهداف التضخم.


وبات العالم مستقبلا السيناريو الأسوأ مع اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية؛ حيث شهدت أسعار المواد الغذائية والوقود ارتفاعًا حادًا، إذ تُعد روسيا وأوكرانيا مصدّرين رئيسيين للعديد من السلع الأساسية، بما في ذلك الغاز والنفط والفحم والأسمدة والقمح والذرة والزيوت النباتية. 

 وتعتمد العديد من الاقتصادات في أوروبا وآسيا الوسطى والشرق الأوسط وإفريقيا اعتمادًا شبه كامل على روسيا وأوكرانيا للحصول على وارداتها من القمح. 

 وبالبحث نجد دافعي ضريبة الحرب هم البلدان الأقل دخلًا؛ مما ينذر بخطر الجوع وانعدام الأمن الغذائي مع حتمية تآكل قيمة الأجور والمدخرات الحقيقية.

 

وبالنظر للوضع في مصر؛ نجد أن هذه الأزمة -أزمة التضخم- لم نستشعر بها بصورة ملموسة في زمن الكورونا؛ نتيجة لاستقرار الأفراد والأسر في المنازل لفترة طويلة؛ مما خفض من متطلبات الأسرة، أما بعد زوال -ولو جزئيًا- الجائحة ومعاودة الحياة اليومية لأغلب الأسر زاد الطلب على الاحتياجات، ونقص المعروض نسبيًا، وبخاصة في الفترة الأخيرة، مع اندلاع العمليات العسكرية الروسية - الأوكرانية، وتأجج حرب شائعات المغرضين حول نقص السلع وامتداد الأزمة إلى إشاعة نقص السلع الإستراتيجية مثل القمح، وواجهت السوق أزمة مُضاربة في أسعار المعروض من قبل التجار الجشعين، حتى تدخلت الدولة من جديد لضبط الأسعار في خطوة فعالة وجدية؛ كضرورة للحفاظ على استقرار السوق وتوافر السلع والحفاظ على النشاط الاقتصادي؛ مما عُدْ ضربة قوية للسوق السوداء التي لاقت رواجًا كبيرًا في الفترة الأخيرة، كل هذا بالتوازي مع صرف زيادات في الأجور والمعاشات، ومع تقديم موعد معارض "أهلًا رمضان" والتي طُرحت فيها السلع مع ضمان استدامة منافذ البيع طول الشهر الكريم.

 
المتابع للأحداث سيرى زحام أسواق باريس من أجل زجاجة زيت، وتسابق الشعب الكندي من أجل تخزين السلع الأساسية، وخلو أرفف أسواق اليونان وإيطاليا من السلع المهمة، ولافتات إلزام المواطن بحد أقصى من السلع في أسواق إنجلترا، وسيتيقن من كون الأزمة عالمية ولم تختص مصر فقط؛ ولأصحاب الضمير والشفافية سيستخلصون استنتاجًا -لا نفاق ولا رياء فيه للدولة- ألا وهو أننا البلد الوحيد الذي أوجد سوقًا موازية؛ فلم يُحرَم المواطن من السلع الأساسية؛ بل كَثُر المطروح والبديل بأسعار أقل من المعتاد، وضُرب الجشع في مقتل. 

 

ونأتي للنقطة الأهم ألا وهي مهمة المواطن -في ظل توابع الحرب التي لا يعلمها إلا الله- مهمته تغيير ثقافة مكتسبة وليست موروثًا شعبيًا قديمًا؛ وهي ثقافة التخزين والهدر، ذلك النظام الذي ساهم في التضخم والاستهلاك العشوائي؛ فالأديان السماوية تدعو في أشهر الصوم للزهد وتهذيب شهوة النفس! وهو ما لم نستشعره السنوات الماضية كتطبيق للأمر السماوي، ونأمل أن يُفعل في جائحة نقص النفط والسلع عالميًا تلك الجائحة التي ربما تكون توابعها أقسى من جائحة كورونا.

 

 المقال لا يعبّر عن رأي الوكالة وإنما يعبّر عن رأي كاتبه فقط


Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 4