تستعيد حلب شيئاً من وهجها الصناعي مع اقتراب انطلاق فعاليات تسوق حلب في 19 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، على أرض سوق الإنتاج الصناعي والزراعي الذي يفتح أبوابه بعد سنوات من الغياب. تمتد هذه الفعاليات حتى 18 كانون الأول/ديسمبر المقبل، وهي أكثر من مجرد تظاهرة تجارية، بل محاولة لإحياء القلب الاقتصادي للمدينة التي طالما كانت عنواناً للصناعة السورية، ومؤشر للتفاؤل بعد فترة طويلة من الركود.
الحدث يشكل خطوة عملية لإعادة النشاط الاقتصادي بعد تراجع الإنتاج بسبب الحرب، ويرتبط إحياء السوق بذاكرة المدينة الاقتصادية منذ افتتاحه عام 1959، حين كان عيداً سنوياً للصناعة الوطنية ومقصداً للسكان للتسوق والترفيه والتعرف على أحدث المنتجات المحلية كما يمثل فرصة لتعزيز الثقة بالمنتجات الوطنية، بعد أن أثبتت جودتها وقدرتها على المنافسة مع البضائع المستوردة.
تركز الفعاليات على ربط المنتج بالمستهلك مباشرة عبر عروض وتخفيضات على مختلف السلع الاستهلاكية والمنتجات الغذائية والجلدية والمنزلية، ما يتيح للفنانين والحرفيين فهم احتياجات السوق بشكل مباشر وتعزيز حضور منتجاتهم. ويشير المختصون في القطاع الصناعي إلى أن تنظيم فعاليات دورية يساهم في تعافي الصناعة تدريجياً ويعيد حلب إلى مكانتها التاريخية كعاصمة اقتصادية للمنطقة.
لا يقتصر أثر الحدث على البعد الاقتصادي، وانما يمتد إلى البعد الاجتماعي والثقافي، حيث يمثل السوق جزءاً من ذاكرة الحلبيين الجمعية، ومازال يرمز إلى التواصل بين الأجيال والأنشطة الاجتماعية والفنية التي كانت تزين فعالياته السنوية. ويؤكد المحللون أن نجاح هذه المبادرة في جذب الصناعيين والمستهلكين سيشكل حافزاً لاستمرار النشاط الصناعي والاقتصادي، ويعزز روح الإنتاج والتعاون بين مختلف الأطراف.
مع اقتراب موعد الفعالية، يظهر أمل متجدد لاستعادة عافية حلب الاقتصادية، وتحويل سوق الإنتاج إلى منصة نابضة بالعمل، وفرصة حقيقية لإعادة إحياء الصناعة المحلية وربط المنتج مباشرة بالمستهلك، بما يضمن استدامة النشاط الاقتصادي وتحقيق نمو تدريجي للصناعة الوطنية.