في ظل النزاعات المستمرة التي تشهدها بعض المناطق، لا تقتصر التحديات على المواجهات العسكرية المباشرة بل تتعداها لتشمل حرباً نفسية قاسية تتمثل في انتشار الإشاعات المغرضة.
هذا النوع من الحروب يعتمد على وسائل غير تقليدية تهدف إلى تدمير الروح المعنوية وخلق حالة من الفوضى والارتباك بين الناس، فبين الحين والآخر، تظهر أخبار غير موثوقة بشأن الشخصيات العامة أو المدنيين في المناطق المتأثرة بالصراعات، وتنتشر إشاعات قد تعرض أرواحهم للخطر.
أحد أبرز الأمثلة على هذه الإشاعات وقع أمس، حين تم تداول إشاعة تفيد باغتيال إحدى الشخصيات البارزة في غارة إسرائيلية على منطقة النبطية الفوقا في جنوب لبنان. رغم أن هذه الأخبار لم تكن دقيقة، إلا أن تأثيرها كان كبيراً على المستوى الشعبي.
في مثل هذه الظروف، لا تقتصر تداعيات الإشاعات على التشويش على الواقع وخلق حالة من الفوضى فقط، بل يمكن أن تمتد لتشكل تهديداً حقيقياً على الأشخاص المعنيين، فذكر اسم شخص في سياق خبر كاذب قد يجر وراءه عواقب قد تؤدي إلى تعرضه للانتقام أو التشويه، مما يهدد حياته وحياة من حوله.
و تزداد الحاجة إلى وسائل إعلام مسؤولة وموثوقة في مثل هذه الأوقات العصيبة. فالإعلام يجب أن يكون مرجعاً في نقل الأخبار بدقة، وأن يتحقق من صحة المعلومات قبل نشرها، إن تجاهل هذه المسؤولية يؤدي إلى تضخيم الإشاعات، ما يجعلها تبدو حقيقة للجمهور، ويزيد من التوترات القائمة في المناطق المتأثرة.
من الأهمية بمكان أن يتحلى الأفراد بالحذر عند تناول الأخبار المتعلقة بالأحداث الجارية، خاصة تلك التي يتم تداولها عبر منصات التواصل الاجتماعي. فالإشاعات غالباً ما تكون سريعة الانتشار، لكن يمكن محاربتها بالوعي والمراقبة الدقيقة، وعلى الأفراد أن يتجنبوا التصديق التام لأي خبر دون التأكد من مصدره، ومن ثم الحذر في نشره إذا كان لا يزال محاطاً بالغموض.
مع تطور وسائل الإعلام والتواصل، أصبحت الإشاعات أحد أخطر الأسلحة المستخدمة في الحروب والنزاعات، ولا تقتصر أضرارها على الأفراد المعنيين، بل تؤثر سلباً على المجتمع ككل، من خلال تدمير الثقة والهدوء الاجتماعي، إن مواجهة هذه الحرب الإعلامية تحتاج إلى وعي جماعي، والتحقق من الأخبار، والاعتماد على المصادر الموثوقة من أجل الحفاظ على الاستقرار والأمان في أي مجتمع.