ماذا تعرف عن قانون مخالفات البناء في سوريا

2021.03.08 - 08:31
Facebook Share
طباعة

 صدر “قانون مخالفات البناء” الأخير بالمرسوم التشريعي رقم (40) تاريخ 20 أيار 2012 للحد من البناء العشوائي والمخالف لنظام ضابطة البناء، والقوانين الأخرى التي تحدد وتصف الأبنية داخل المدن والبلدات والقرى من حيث ارتفاعها ومساحتها ومواصفاتها الهندسية اللازمة، ومدى متانتها وملاءمتها للشكل العام، وبطريقة تتوافق مع طاقات البنى التحتية مثل الطرق والصرف الصحي والكهرباء والماء والهاتف، وإمكانية استيعاب المركبات والقيام بواجب النظافة بالشكل اللائق.

وقد عرّف المشرع السوري في المادة (1) من المرسوم التشريعي رقم (40) البناء المخالف بأنه، “البناء الذي يشاد من دون ترخيص، أو أعمال البناء المخالفة للترخيص الممنوح”.

ونص هذا القانون على عقوبات شديدة للمخالفات المرتكبة بعد صدوره من هدم وسجن وغرامة ومصادرة للأدوات المستعملة فيها، إذ نصت المادة الثانية منه على أن تزال الأبنية المخالفة بعد تاريخ صدور هذا المرسوم التشريعي مهما كان نوعها وموقعها وصفة استثمارها أو استعمالها بالهدم، وترحل الأنقاض على نفقة كل من كانت المخالفة لمصلحته، كما فرضت غرامة مالية من ألفي ليرة سورية إلى عشرة آلاف ليرة سورية عن كل متر مربع على كل من تثبت مسؤوليته عن المخالفة سواء كان مالكًا أو حائزًا أو متعهدًا أو مشرفًا أو دارسًا للبناء أو قائمًا بالتنفيذ، ويعاقب بذات العقوبة العاملون بالجهة الإدارية المقصرون في أداء واجبهم بالرقابة أو قمع المخالفة.

وإضافة لإزالة المخالفة والغرامة المالية، نص القانون على عقوبة الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة على كل من تثبت مسؤوليته سواء كان مالكًا أو حائزًا أو شاغلًا أو متعهدًا أو منفذًا أو مشرفًا أو دارسًا للبناء، وعاقب بذات العقوبة العاملين في الجهة الإدارية المقصرين في أداء واجبهم بقمع المخالفة إذا كان البناء المخالف متجاوزًا على الطرق والساحات والحدائق والمشيدات العامة المعرّفة بالقانون رقم (9) لعام 1974 وتعديلاته أبنية الخدمات الخاصة، أو متجاوزًا على الوجائب الإجبارية أو الارتفاع المحددين في نظام ضابطة البناء النافذ بنسبة تزيد على 1% منهما، أو كان البناء واقعًا أو متجاوزًا على الأملاك العامة أو أملاك الدولة أو الأملاك الخاصة للدولة أو أملاك الوحدة الإدارية ضمن الحدود الإدارية أو خارجها، أو واقعًا ضمن المناطق الصادر بها صك استملاك، أو مناطق التنظيم التي لم يتم الانتهاء من أعمال توزيع المقاسم فيها على أصحاب الحقوق وتسجيلها لدى الدوائر العقارية أو المناطق الممنوع البناء عليها بموجب الأنظمة والقوانين الخاصة بذلك، أو واقعًا خارج المخططات التنظيمية ومتعارضًا مع أنظمة البناء الخاصة بها والمنصوص عليها في القوانين والأنظمة النافذة.

كما نص القانون على عقوبة الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات على كل من تثبت مسؤوليته سواء كان مالكًا أو حائزًا أو شاغلًا أو متعهدًا أو منفذًا أو مشرفًا أو دارسًا للبناء، والعاملين في الجهة الإدارية المقصرين في أداء واجبهم بالرقابة أو قمع المخالفة عندما يكون البناء المخالف غير حائز على المتانة الكافية بحالة قد يتعرض فيها البناء للانهيار، وذلك بالاستناد إلى تقرير لجنة السلامة العامة بالمحافظة، أو متعارضًا مع نظام البناء وذلك:

1- بإشادة طابق إضافي أو أكثر زيادة على عدد الطوابق المسموح بها حسب نظام البناء النافذ على كامل المساحة الطابقية أو على جزء منها.

2- بتفريغ الأرض كليًا أو جزئيًا أسفل الأبنية تحت منسوب الأساسات القائمة.

3- بتعديل الجملة الإنشائية، وفي هذه الحالة يُعاد الوضع إلى ما كان عليه حسب الترخيص الممنوح عدا الابنية المشادة على الهيكل فقط فيمكن تعديل المخططات والدراسات الإنشائية وفق الواقع المنفّذ شريطة عدم مخالفة نظام البناء المعمول به وتحقيق الاشتراطات الفنية والإنشائية.

وتكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة وضعف الغرامة إذا حصل انهيار كلي أو جزئي في البناء ونجم الانهيار عن الإضافة أو التفريغ أو التعديل إضافة إلى الحقوق المدنية للمتضررين.

ولا تقل العقوبة عن عشر سنوات أشغال شاقة وثلاثة أضعاف الغرامة إذا أدى الانهيار إلى وفاة شخص أو أكثر إضافة إلى الحقوق المدنية لورثة المتوفى.

كما نص على مصادرة العدد والآلات والجبالات ومواد البناء المستخدمة في إشادة المخالفة لصالح الوحدة الإدارية.

ونص في المادة الثالثة منه على مضاعفة عقوبتي الحبس والغرامة المنصوص عليهما في حال تكرار المخالفة.

كما عاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من خمسمئة ألف ليرة سورية إلى مليوني ليرة سورية المالك أو واضع اليد بصفة قانونية أو غير قانونية الذي يقوم بتجزئة الأرض بطرق غير منصوص عليها قانونًا ضمن الحدود الإدارية وخارجها، وكل من يتصرف بهذه الأجزاء كلًا أو جزءًا بهدف إشادة أبنية مخالفة عليها.

أما بالنسبة للمخالفات المرتكبة قبل تاريخ صدور هذا المرسوم التشريعي فقد نصت المادة الخامسة منه على ما يلي، “مع مراعاة أحكام هذا المرسوم التشريعي تزال مخالفات الأبنية المنصوص عليها في المادة (2) من القرار بالقانون رقم (44) لعام 1960 والمادة (2) من القانون رقم (1) لعام 2003، والمادة (3) من المرسوم التشريعي رقم ( 59) لعام 2008، المرتكبة قبل تاريخ صدور هذا المرسوم التشريعي وتطبق عليها النصوص التشريعية النافذة بتاريخ ارتكابها”.

كما أجاز للوحدات الإدارية تسوية المخالفات المرتكبة قبل صدوره وغير المشمولة بأحكام المادة (5) وفق شروط محددة.

وبالرغم من العقوبات الشديدة التي فرضتها القوانين المتلاحقة لمخالفات البناء إلا إنها لم تتمكن من معالجة هذه المشكلة لوجود أسباب اجتماعية واقتصادية عميقة لم تأخذها القوانين وتعليماتها التنفيذية بعين الاعتبار، وهو ما يدفع البعض لمخالفة نظام ضابطة البناء، وبالتالي الوقوع تحت سلطان قانون مخالفات البناء.

ومن ناحية أخرى فإن العقوبات الشديدة التي نص عليها قانون مخالفات البناء رقم (40) وما صدر قبله من القوانين لم تشكل وسيلة تمنع الناس من مخالفتها، وذلك كون العقوبات الشديدة تجعل الإدارات المحلية مترددة في تطبيقها، كما أنها تفتح الباب واسعًا أمام الرشاوي للتغاضي عن تنظيم المخالفات اللازمة.

ومن جهة أخرى فإن الأوضاع التي تمر بها الدول، خصوصًا في حالات الحرب، تجعل قبضة السلطة أضعف، وتفسح المجال لارتكاب المخالفات بطريقة أوسع باعتبار أن العديد من الأشخاص يستغلون الأوضاع السائدة لتمرير مخالفاتهم أو بناء أبنية يحتاجون إليها متيقنين من صدور مراسيم عفو تشمل هذه المخالفات إضافة الى أن الفساد واسع الانتشار، والذي يطال جميع المجالات يجعل هذه القوانين غير كافية للحفاظ على شروط بيئية واقتصادية واجتماعية صحيحة في الأبنية والتجمعات السكنية.

وصدرت العديد من قوانين مخالفات البناء ولم تتمكن كغيرها من حل المشكلات التي صدرت لأجلها لأنها بالأصل لم تأخذ حاجات السكان بعين الاعتبار، ولم تحترم ملكياتهم بالشكل الكافي، ولم تقدم لهم البدائل عن تقييد أو مصادرة حقوقهم بالملكية لذلك بقيت هذه القوانين غير فاعلة، ولم تطبق إلا بنسب ضئيلة جدًا، وهذه مشكلة جميع القوانين التي تصدر قاصرة عن حل المشاكل كونها تأخذ بعين الاعتبار مصالح الإدارة فقط، ولا تراعي مصالح السكان بشكل يحقق العدالة والتوازن بين المصلحتين، علمًا أن قانون مخالفات البناء رقم (40) قد أعطى في مادته الحادية عشرة للمجلس الأعلى للإدارة المحلية، وبناء على اقتراح وزير الإدارة المحلية، إصدار قرارات لتحديد أنواع من مخالفات البناء القابلة للتسوية والمرتكبة بعد صدوره، وفق ضوابط محددة وغرامات تفرض بحق كل من كانت المخالفة لمصلحته إلا أن هذه المادة التي تفتح باب التسوية تُعتبر ثغرة تهدم القانون، وفي حال سوء استعمالها من قبل السلطات المعنية بتطبيق أحكام هذا المرسوم، فإنها تفتح بابًا واسعًا للفساد وتقاضي الرشاوي وتُشكّل مدخلًا لعدم تطبيق أحكامه إلا على الفقراء من الناس، وبالتالي فشله في تحقيق أهدافه.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 10