العلاقات التركية الصهيونية إلى الواجهة: رحلة شاقة

إعداد - رؤى خضور

2021.02.13 - 08:15
Facebook Share
طباعة

 تزامنت بواكير الفترة الرئاسية للرئيس الأمريكي جو بايدن مع محاولات تركيا في التودد إلى الكيان الصهيوني على أمل حل نزاعهما الدبلوماسي، وهذا التوقيت مفهوم ويشرح شعور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالقلق من أن تتبنى إدارة بايدن موقفاً حاداً تجاه أنشطة أنقرة الإقليمية، والذي ذكر في بيان له في 25 كانون الأول/ديسمبر "نرغب من أعماقنا أن تمضي علاقاتنا مع (إسرائيل) قُدُماً"، لكن يبدو أن الأمر يتطلب أكثر من مجرد إيماءات لعودة هذين الحليفين السابقين معاً.

لطالما كانت العلاقات التركية الصهيونية القوية منطقية، إذ يجمع الشريكين تاريخٌ من الشراكة مع التحالف الغربي، ولم تكن التدريبات العسكرية المشتركة والتعاون الاستخباراتي أمراً خفياً على أحد، فضلاً عن الاقتصاد المشترك، إذ مازالت تركيا تعمل كقناة لنقل النفط من أذربيجان وكردستان إلى الصهاينة، وخلال الأزمة السورية لعب الكيان الصهيوني دور الجسر البري للشاحنات التركية التي تنقل البضائع إلى الأردن وشبه الجزيرة العربية، أي أنه على الرغم من أن العلاقات الثنائية شهدت وضعاً أفضل إلا أن الجذور لم تُقتلع بالكامل.

لكن العلاقة بين تركيا والكيان الصهيوني تأزمت في العقد الماضي أكثر من أي فترة أخرى في تاريخهما عندما تبنت تركيا موقفاً معادياً للكيان الصهيوني وسياساته تجاه الفلسطينيين، مظهرة تناقضاً واضحاً في سياستها الخارجية فهي فعلياً أول دولة إسلامية تعترف بالكيان الصهيوني كدولة، إضافة إلى احتضان أردوغان لحركة حماس المقاومة، ما أظهر قدرة تركيا على أن تكون لاعباً مؤثراً في الصراع الصهيوني الفلسطيني.

في كل الأحوال تظل معارضتهما المشتركة لطموحات إيران النووية ووجودها في سوريا أسباباً استراتيجية مقنعة لتصفية الماضي، لكن السؤال الأكبر هو ما إذا كان الصهاينة مهتمين بعودة العلاقات مع أردوغان، فاستطلاعات الرأي تشير إلى أن الغالبية يوافقون على التطبيع المستقبلي مع تركيا، لكن أردوغان شخص غير مرغوب فيه.

وقد أشار الكيان الصهيوني إلى عدة إجراءات من شأنها إثبات جدية تركيا ، لكن توقف أنقرة عن دعمها لحماس هو المطلب الأهم، فإذا وافقت تركيا على هذا الطلب فهذا يشير إلى المدى الذي يرغب فيه أردوغان بإعادة العلاقات مع الصهاينة والغرب.

في المقابل، فإن الطلب التركي المعلن الوحيد هو أن يجمد الكيان بناء المستوطنات في الضفة الغربية (لأسباب داخل تركيا)، وهذا شيء من المرجح أن تطلبه إدارة بايدن على أي حال في سبيل حل الخلافات بين الطرفين، فهي تعي تماماً العواقب الاستراتيجية لتداعيات هذا الخلاف.

حتى لو أعيدت العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين فإنها ستكون خطوة أولى في عملية طويلة يحتاج فيها الطرفان إلى إعادة تقديم نفسيهما، وتوسيع قنوات الاتصال بينهما، وخلق فرص للحوار بين النخب الجديدة، وببساطة تبادل السفراء، وبالتالي هي رحلة شاقة وليس من الواضح ما إذا كان أي من الطرفين ملتزماً بإجرائها، لكن تشجيع بايدن يمكن أن يكون بمثابة نموذج للطريق الذي يجب أن تسلكه أنقرة لإعادة تحسين صورتها "المشوهة" في أوروبا والولايات المتحدة.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 9