" الأخضر يشتعل" ...والجوع يفتك السوريين وسط أسعار جنونية

وكالة أنباء آسيا – نور ملحم

2021.02.06 - 06:28
Facebook Share
طباعة

 "لا قدرة لي على شراء الحمص والفلافل والبيض لوجبة الإفطار أو العشاء" هذا ما تقوله أم خالد التي تقيم في أحد الأحياء الشعبية بدمشق.


وفي حديثها لـ"وكالة أنباء آسيا"، تقول الخمسينية -أم لأربعة أطفال- أن الإفطار أصبح عبارة عن الزعتر واللبنة أما وجبة الغداء فهي مما يتيسر من الحبوب والخضار بعدما أصبحت أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء تساوي ربع راتب الموظف في الدولة، ففي الماضي اعتادت السيدة على إقامة الولائم لأصدقائها وأقاربها ولكن اليوم " تتركها على الله علّ الفرج قريباً " بحسب تعبيرها.


حال أم خالد هو حال 94% من السوريين الذين باتت موائدهم فقيرة من الأساسيات كالسلطة والشوربة حتى أن الوجبات الرئيسية التي تكون بها كمية اللحم أو الدجاج كبيرة، أصبحت اليوم تقسم لطبختين أو ثلاثة، والأكثر يستعيض عن أكلات اللحوم بأكلات خضار رغم أنها ليست أرخص بكثير”.


الأخضر يفترس ...

“الأخضر يشتعل” عبارةٌ يتداولها باعة دمشق منذ أن ناطح الدولار حاجز الـ 3000 ليرةً في السوق السوداء، فتحوّل الدولار، الذي يعرف بـ ” الأخضر” إلى مفترسٍ فأكل الليرة والسوق معا،ً لدرجة أن جرزة البقدونس أصبحت تسعّر بالدولار بحسب ما ذكر تجار دمشق. 


وبدا التأثير الجليّ لارتفاع سعر الدولار على الأسواق مباشرةً بعد ضخ العملة السورية الجديدة 5000 ليرة سورية، فأسعار السلع والمواد الغذائية ارتفعت بنسبة 200% دفعة واحدة، ويختلف سعر السلعة الواحدة بين سوقٍ وآخر، حسب درجة “التأثير النفسي” في الأسواق.


الحكومة ترفع يدها ...

يقول أبو محمد، من سكان ريف دمشق "حتى العائلات التي تمتلك مصدر دخل لم تعد قادرة على دفع مبلغ 5500 ليرة ثمناً لليتر من زيت النباتي، أو ضعفها ثمناً لليتر زيت الزيتون.


يؤكد الستيني، أنه ومع الأزمات المستمرة والغلاء الفاحش ومواصلة الحكومة رفع دعمها عن المواد الاستهلاكية الأساسية وتخفيض المخصصات التموينية وإزالة بعضها من البطاقة الذكية، بدأ السوريون بمحاولة الموازنة بين دخلهم المنخفض والمصاريف اليومية المرتفعة، من خلال تقنين استهلاك المواد الرئيسية مثل الرز والمعكرونة والزيوت وغيرها من المنتجات الزراعية كالبطاطا والبقوليات الغنية بالمكملات الغذائية، والبحث عن حلول بديلة للحوم ومشتقاتها.


التأقلم والتغيير ...

وفي سياق متصل تعاني منى مهندسة معلوماتية من ارتفاع أسعار المواد الغذائية، فقد كان عليها التأقلم وتغيير أنواع الأطعمة التي اعتادت عليها، وتقول لـوكالة أنباء آسيا": "أتقاضى راتبا شهريا لا يتجاوز الـ70 ألف، لكن ذلك المبلغ بالكاد يغطي تكاليف الطعام لمدة 10 أيام لعائلتي المكونة من خمسة أشخاص، وهنا لا أقصد أنه بإمكاننا تناول ما نريد من طعام، الأسبوع الماضي اشتريت كيلو لحم الغنم بـ18 ألف ليرة، أصبحنا نأكل اللحم مرتين شهريا بأحسن الأحوال، لقد اعتدنا على ذلك في الأعوام الأخيرة، وتخلّيت عن الكثير من الأطباق الشهية المكلفة، واستعضت عن اللحم بإضافة البهارات أو وضع كمية قليلة جدا من اللحم أثناء الطهي فقط لإعطاء النهكة".


زيادة نسبة الفقر ...

خلال الشهر الماضي كان قد أشار نائب منسق الإغاثة في حالات الطوارئ في مجلس الأمن ” رامش راجاسينغهام” إلى انخفاض قيمة الليرة السورية بشكل مطرد، إضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية الضرورية والوقود بشكل كبير. 


وذكر المسؤول الأممي خلال جلسة إحاطة بشأن الوضع في سورية، أنّ الناس في سوريا باتوا غير قادرين على إطعام أسرهم بشكل متزايد، مبينًا أن نحو 9.3 مليون شخص في سورية يعانون حاليًا من انعدام الأمن الغذائي، أي بزيادة 1.4 مليون شخص عن العام الماضي مع توقعات بازدياد هذا العدد.


هاوية اقتصادية 

هاجس السوريين لم يعد أكل اللحوم، بل السعي إلى تأمين الخبز والضروريات الأساسية بواقع الغلاء ومحدودية الدخول بحسب تعبير المحلل الاقتصادي الدكتور عمار يوسف. 


ويضيف يوسف في تصريحه لـ"آسيا" بالقول إن "القدرة الشرائية المتدنية للسوريين أبعدت اللحوم عن موائدهم، فسعر كيلو اللحمة يعادل نصف الراتب الشهري"، مشيراً إلى انتشار عادات استهلاكية جديدة في الأسواق، منها الشراء بكميات صغيرة جداً، نصف أوقية أي 100 غرام، وانتشار لحوم رخيصة، لكنها مجهولة الهوية.


اعتبر يوسف أن البلاد دخلت بهاوية اقتصادية إن لم تحدث طفرة اقتصادية، مشيراً إلى أنه يمكن علاج الوضع الاقتصادي في حال إعلان حالة الطوارئ الاقتصادية، مبيناً أنه وعلى التجار أن تكون للبلد وليس العكس.


ويتابع: "يجب كف يد التجار عن هذه الأمور، وخاصة الحاجات الأساسية للشعب، كالسكر والرز وغيرها من المواد التي يفترض أن تضع الحكومة اليد عليها، وتستوردها لحسابها وتخفض الأسعار، وتضبط الأسواق عن طريق محاسبة المستورد كبداية وانتهاء بتاجر المفرق".


ويختم مشدداً بالقول: "يجب فرض عقوبات رادعة وقاسية بحق التجار الذين يتلاعبون بالأسعار، إذ يجب أن تكون العقوبة المفروضة عليهم عند التلاعب بالأسعار السجن لمدة شهرين بدلاً من فرض غرامة مالية قيمتها 25 ألف ليرة".

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 1