هل نحن على أعتاب "يالطا" جديدة: ماذا يُحضّر للمنطقة والعالم ؟

علي مخلوف

2020.11.30 - 02:52
Facebook Share
طباعة

 
قُدر للعالم أن يكون كل مئة عام مع خارطة سياسية تغير ملامح الجغرافية السياسية عموماً والجيوبولتيك خصوصاً، إذ أن الأخير هو علم عدواني يهدف لتوسيع حدود دولة قوية وكبيرة على حساب أخرى أضعف.
انتهت الحربان العالميتان الأولى والثانية ، وتم عقد اتفاقيتي لوزان وفرساي، وبحلول العام 2022 نكون على موعد مع انتهاء صلاحية معاهدات سابقة، ليبقى السؤال عن ماهية المعاهدة الجديدة التي سترسمها الظروف السياسية والاقتصادية الجديدة، فالصراع الحالي لا يخفى على متابعي السياسة ، ملفات مشتعلة في كل مكان، ليبيا وسورية واليمن وأذربيجان والتصعيد مع إيران والتوغل التركي في المياه المتوسطية، الذي لم يتوقف عند ذلك، بل تعداه للبر في كل من سورية ولبنان والعراق واليمن وليبيا والسودان والصومال وأثيوبيا أيضاً.
التنافس الأمريكي ـ الروسي سياسياً ، والأمريكي ـ الصيني اقتصادياً ، الأزمة الاقتصادية العالمية الناتجة بدايةً عن التوترات، والذي ألقى بظلاله على الاستثمارات والمشاريع، مع التوتر فيما يخص التنقيب عن النفط والغاز في شرق المتوسط، بين تركيا من جهة وأوروبا ومصر من جهة أخرى، أو لجهة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والكيان الإسرائيلي، فضلاً عما ألقاه وباء كورونا من ضربة موجعة على الاقتصاد العالمي، وتصاعد الإسلاموفوبيا في الأوساط الأوروبية، كل ذلك يُعتبر مؤشرات على ضرورة اتفاق دولي حول مشهد سياسي يمتص التدهور المتفاقم أمنياً وسياسياً واقتصادياً، من أجل إعطاء المنطقة والعالم استراحةً للعقود القادمة، ولملمة الخسائر التي مُنيت بها الكثير من الدول، فضلاً عن حروب يمكن أن تندلع في أية لحظة بسبب التوترات الحاصلة في الشرق الأوسط أو غرب آسيا.
وفي آخر ما يتم الحديث عنه من الاستراتيجيات الجديدة في الحروب، حروب الجيل السادس التي تعتمد على استخدام خليط من الأساليب، لكنها في الأساس تعتمد على الذكاء الاصطناعي في الحروب والاقتصاد ، وقبلها حروب الجيل الخامس التي اعتمدت بشكل أساسي على تسخير مواطني الدول المستهدفة ليكونوا أداة مواجهة مع حكوماتهم وجيوشهم عوضاً عن الجيوش التقليدية، وقد حصل ذلك فعلاً مع بدايات العام 2011 وحتى اللحظة، ليتم دمج جيلي الحروب الخامس والسادس في منطقة الشرق الأوسط، وما افتعال بعض الحروب كما جرى في إقليم قره باخ بين أرمينيا وأذربيجان سوى دليل على ربط الدول الصغيرة ذات الإمكانات المتواضعة باقتصادات وسياسات الدول الأقوى منها كتركيا وروسيا.
كذلك، إن ما جرى في منطقتنا العربية (سورية وليبيا وتونس ومصر واليمن) وحتى السودان بعد تقسيمه ، ثم التغلغل في إثيوبيا من بوابة دعم مشروع سد النهضة، وترغيب هذا البلد بإقامة مشاريع اقتصادية كبرى على ضفتي السد، ما هو إلا محطة في لعبة ضم الاقتصادات الصغيرة لدول أكبر.
بعض المحللين حاولوا إسقاط اتفاقية "يالطا" على ما يجري في منطقتنا، واعتبروا أن ما جرى ويجري ما هو إلا إرهاصات لتوقيع "يالطا" جديدة بين الدول الكبرى كأمريكا وروسيا والصين، إلى جانب الدول الإقليمية القوية ، لفرض حالة سلم بعد هذه السنوات، ولالتقاط الدول المتقدمة لأنفاسها بعد التردي الاقتصادي العالمي بسبب كورونا، لكن تعقيدات الملفات في المنطقة العربية خصوصاً يؤخر هكذا اتفاقية، إذ أن العرب على سبيل المثال لا يمكن أن يقبلوا بحصول أنقرة على حصة من الكعكعة على حسابهم في دول عربية على سبيل المثال، وفق رأي آخرين.
يقول سعد بن عمر، مدير مركز القرن للدراسات في السعودية، إن التدخل التركي في الشمال السوري، يجب أن يقابل بمواقف حاسمة من الجانب العربي، لوقف أي محاولات أخرى من دول الجوار العربي على غرار العدوان التركي.
يتزامن الحديث عن اتفاقية مئوية جديدة حول العالم والمنطقة، مع تحرك عربي نحو دمشق، حيث التقت كل من الرياض و أبو ظبي والقاهرة في العاصمة الأردنية، لبحث الملف السوري، وعلى رأسه مواجهة الدور التركي، وفي حال حصل تطور هام بهذا الشأن فإن ذلك سينعكس على الساحة اللبنانية، ولن يكون حصول اتفاق لإنهاء الحرب على اليمن بعيداً عن السيناريو أيضاً مقابل مواجهة أنقرة في خليج عدن وإنهاء حزب الإصلاح المنتشر في كل من تعز ومأرب وشبوة وأجزاء من محافظة أبين.
وهو ما دفع أردوغان في العام الماضي، عندما بدأ الحديث عن محاولات إماراتية ومصرية لإعادة دمشق للقول إن الجامعة العربية تعمل على مشروع إعادة سورية إليها من أجل الإساءة إلى تركيا، لقد قال ذلك تحديداً بتاريخ 16/10/2019 خلال كلمة له باجتماع الكتلة النيابية لحزبه العدالة والتنمية آنذاك.
مع كل ما سبق، لا يمكن الحديث عن نتائج قبل بدء جو بايدن لمهامه، إذ لن يمر شيء دون موافقة الأمريكي، كما يقول المنطق والواقع الحالي للسياسة الدولية.
 
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 10