دراسة أمريكية: اللاجئون السوريون أفضل فرصة لخروج الاقتصاد اللبناني من أزمته !

سامي شحرور - وكالة انباء اسيا

2020.07.16 - 10:56
Facebook Share
طباعة

 في الوقت الذي تصوّب الاتهامات إلى النازحين السوريين في لبنان باعتبارهم سبب رئيسي في الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد حتى قبل ثورة 17 تشرين الأول، هناك من يرى أن هؤلاء النازحين تحديداً "قد يمثلون الفرصة الأفضل لإنقاذ لبنان من ضائقته الاقتصادية".

ثمّة دراسة صادرة عن مركز أبحاث أمريكي توصي بالسماح للاجئين السوريين بالعمل، فهل هذه الدراسة بريئة من "التسييس" أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟

فحوى الدراسة:

بقول ويل تودمان، الباحث ببرنامج الشرق الأوسط، و الباحث ايرول يايبوك، نائب مدير مشروع الرخاء والتنمية بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي، في تقرير لهما نشره موقع المركز إن بعض السياسيين اللبنانيين يلقون باللوم على اللاجئين السوريين فيما يشهده لبنان من صراعات، ويزعمون أن السوريين يقوضون العمال اللبنانيين وينتزعون فرص عملهم. وهؤلاء السياسيون على خطأ. فاللاجئون ليسوا مسؤولين عن أزمة لبنان، بل هم في الحقيقة يمثلون مخرجا واعدا من هذه الأزمة.
ويضيف التقرير: لقد حان الوقت لأن ينظر صانعو السياسات للنازحين المجبرين ليس كمجرد عبء على المجتمع، ولكن كفرص لنمو اقتصادي شامل وواسع النطاق. ويتعين على صانعي السياسات الدوليين تشجيع الحكومة اللبنانية على السماح للاجئين بالعمل، وتعزيز إمكانياتهم، وتمكينهم من إعالة أنفسهم، وتحفيز ضخ مطلوب بشدة لأموال جديدة على اقتصاد البلاد.

ويذكر التقرير أن الحكومة اللبنانية تأمل في أن يؤدى حصولها على قرض من صندوق النقد الدولي إلى إنقاذها. ولكن حتى بعد تلقى القرض، سوف يحتاج لبنان إلى إعادة التفكير في أسس اقتصاده وكيف يعامل مواطنيه والنازحين في البلاد. وفي كل عام تزداد فجوات تمويل مساعدة اللاجئين السوريين، وليست هناك دلائل على أن اللاجئين السوريين سيعودون إلى بلادهم في أي وقت قريب.

ومع بدء تراجع الدعم من جانب الجهات الدولية المانحة، من الممكن أن يظهر ممثلو القطاع الخاص كشركاء مفيدين. وإذا ما قام صانعو السياسات اللبنانيون بخلق ظروف مساعدة، ودعم مرونة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والسماح للاجئين بالعمل، من الممكن أن تشارك المؤسسات الدولية بصورة أكبر في لبنان بمجرد خروجه من الأزمة، وأن تكشف الفرص التي تفيد اللبنانيين المحتاجين واللاجئين على السواء.
وبحسب التقرير "يستطيع القطاع الخاص الإسهام في التوصل لحلول لهذه الأزمات بعدة طرق. أولها، أن الاستثمار في مجتمعات النازحين ومجتمعات اللبنانيين المحتاجين سوف يحفز زيادة فرص العمل، ويخلق فرص عمل جديدة للاجئين والمجتمعات المضيفة لهم على السواء، بالإضافة إلى ضخ أموال جديدة في الاقتصاد اللبناني. وثانيا، فإنه نظرا لأن انهيار العملة اللبنانية يجعل من الصعب الحصول على الكثير من السلع المستوردة، يمكن أن يعزز اللاجئون قطاع الإنتاج الغذائي المحلي، مما يساعد في الحفاظ على الأمن الغذائي. وثالثا، فإن انخفاض سعر الصرف سوف يشجع الصادرات اللبنانية، والسوريون قادرون على تعزيز قطاع التصنيع".
ويقول الباحثان تودمان ويايبوك إنه بعد التراجع الاقتصادي العالمي نتيجة جائحة كورونا، سوف تصبح الأسواق الناشئة أكثر جذبا للمستثمرين من القطاع الخاص ومن الممكن أن يكون توفر العمالة الرخيصة ميزة، إذ أن وجود ظروف ملائمة لنمو القطاع الخاص ستمكن المستثمرين من الاستفادة من توفر العمالة الماهرة وغير الماهرة من بين النازحين في لبنان لتعزيز القطاعات التي تعتبر غير تنافسية في ظل القوة العاملة اللبنانية. كما أن تمكين الاستثمار الخاص سوف يعزز تشغيل العمال اللبنانيين الذين يعانون.

وتوضح الأبحاث - بحسب التقرير - أن اللاجئين مساهمون حقيقيون في النمو الاقتصادي على المدى الطويل، إذا سمح لهم بالعمل. فهم يتمتعون في الغالب بمهارات وخبرات تجعلهم قادرين بصفة خاصة على إقامة المشروعات. ويقول أصحاب الشركات إنه يمكن عادة الاعتماد على المهاجرين قسريا أكثر من غيرهم، وهم يبقون لفترة أطول في الشركات، وشكاواهم أقل بوجه عام.

ويشير التقرير إلى أنه عندما يتم رفع القيود المفروضة بسبب جائحة كورونا، ويعاد فتح المصانع، واستئناف النشاط الاقتصادي، سوف تتوفر للشركات التي تعتمد على التصدير فرصة جيدة. واللاجئون السوريون قادرون تماما على القيام بدور محوري في توسيع نطاق الصادرات الزراعية اللبنانية ولكن يتعين أيضا السماح لهم بالمشاركة في القطاعات الأخرى- مثل التصنيع- لزيادة الصادرات.

وأكد الباحثان ضرورة قيام صانعي السياسات الدوليين بتشجيع الحكومة اللبنانية على تبني موقف جديد تجاه اللاجئين يفيد مجتمعات النازحين والمجتمعات المضيفة لهم على السواء. ويتعين في السنوات القليلة المقبلة أن تتحول المساعدات الدولية من مساعدات طارئة قصيرة الأجل إلى استثمارات أطول أجلا لتكون مكملة لمساهمات القطاع الخاص.

ما وراء الأكمة:

تعقيباً على ما سبق، يرى مراقبون أن هذه الدراسة الصادرة عن مركز بحث أمريكي ماهي إلا "كلام حق يراد به باطل"، حيث يرى هؤلاء أن طرح مثل هذه الدراسة في الوقت الحالي، وفي عز الأزمة الاقتصادية في لبنان، قد يكون المقصود منه الضغط على الحكومة اللبنانية للسماح بتوطين اللاجئين السوريين في لبنان، وذلك مقابل مساعدة المانحين الدوليين لبيروت في أزمتها الاقتصادية الخانقة، ويذكّر هؤلاء بمحاولات سابقة للضغط على لبنان لمنع إعادة اللاجئين إلى سورية كنوع من الضغط على نظامها.

ويرى هؤلاء أن لا دراسات تصدر عن مراكز البحث الأمريكية تخلو من التسييس، وهي غالباً تحضر ويتم إعدادها لتصبح ورقة في يد صانعي القرار، وبالتالي، لا يستغرب هؤلاء المراقبون أن تصبح مطالب تشغيل ومن ثم توطين اللاجئين السوريين في لبنان ضمن مطالب واشنطن والدول الغربية في الفترات القريبة القادمة.

ويذكّر هؤلاء بأن لبنان يسمح لأعداد كبيرة من السوريين في العمل، ليس الآن أو منذ 2011 وإنما قبل ذلك بكثير، فقطاعات عديدة في لبنان تعتمد بشكل كبير على العمالة السورية ولا تنتظر دراسات مراكز الأبحاث الأمريكية، إلا أن هذا شيء وربط الأمر بالتوطين هو أمر آخر تماماً، والحديث عن بقاء اللاجئين في لبنات لفترة طويلة يتناقض مع المعطيات على الأرض، إذ كلنا شهد في السنوات الأخيرة على عودة مئات االآلاف منهم إلى بلادهم مع عودة الأمان إلى مناطقهم .

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 2