هل تلجأ الدول العربية إلى "سلاح النفط الغاز" لردع العدوان عن غزة؟

شيماء حمدي- خاص آسيا نيوز

2023.10.24 - 04:36
Facebook Share
طباعة

 

منذ تصاعد العملية العسكرية على قطاع غزة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي الذي فرض حصارًا على القطاع منذ أسبوعين، انطلقت دعوات من مصر وبعض الدول العربية، لقطع إمدادات النفط والغاز عن الدول الغربية، لموقفها العدواني تجاه غزة.

وأشارت تلك الدعوات إلى المقاطعة النفطية التي قامت بها الدول العربية تضامنًا مع مصر أثناء حرب أكتوبر(تشرين الأول) عام 1973. وتساءل عدد كبير من المصريين والعرب عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، عن أسباب امتناع مصر والعرب عن قطع إمدادات النفط والغاز عن الدول الغربية وإسرائيل، الأمر الذي قد يساهم في إجبار الدول الغربية على التراجع عن موقفها المتشدد تجاه الفلسطينيين، مما يساهم في وقف حالة الإبادة الجماعية التي يتعرضون لها على يد الاحتلال الإسرائيلي بدعم أمريكي وغربي.

يقول الاعلامي المصري الكبير حافظ المرازي مستنكرًا: " بعد أن كان العرب يتضامنون مع مصر في حرب اكتوبر 1973 ضد إسرائيل بقطع البترول عن أمريكا والغرب..لم تعد مصر ولا العرب في اكتوبر 2023 قادرين ليس فقط على قطع بترولهم وغازهم عن إسرائيل نفسها، ناهيك عن الغرب؛ بل حتى غير قادرين على تقديم الوقود لغزة لأنه من المساعدات التي تحظر اسرائيل دخولها للفلسطينيين!"

وفق الأرقام المعلنة، فإنّ إنتاج الدول العربية من النفط يبلغ نحو 30% من إنتاج منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" والبالغ نحو 100 مليون برميل.

وللدول العربية تأثيرٌ قويٌ في المؤسسات الدولية المنظمة لأسواق الطاقة حول العالم مثل "أوبك" أو تحالف "أوبك +"، كما يمتلك العرب أكثر من 57% من الاحتياطي العالمي للنفط الخام، وأكثر من 26.5% من الاحتياطي العالمي للغاز الطبيعي.

ويعد الدول العربية لاعباً قوياً في سوق الغاز المسال العالمي، وزادت تلك الأهمية عقب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وتوقف تدفق الغاز الروسي لأوروبا، وإحلال الغاز العربي وتحديدًا الخليجي بدلًا منه.

وبعد مرور خمسين عاما على الحظر النفطي، الذي فرضته الدول العربية على الدول الداعمة لإسرائيل خلال حرب الأخيرة مع مصر عام 1973، عاد الحديث عن ضرورة اللجوء إلى هذه الوسيلة مرة أخرى لوقف الحرب على غزة.

واستوردت الولايات المتحدة 0.98 مليون برميل في اليوم من أصل 8.32 مليون برميل مجمل استيرادها اليومي في العام 2022 من الخليج العربي، أي نحو 12% من واردات الولايات المتحدة من النفط الخام أتت من دول الخليج العربي، 7% منها من المملكة العربية السعودية و4% من العراق.

لكن رغم ذلك، يرى خبراء وسياسيون أن علاقة معظم الدول العربية بالولايات المتحدة الأمريكية هي علاقة تبعية بمجملها، وسيناريو 1973 والمقاطعة الاقتصادية العربية آنذاك وتداعياتها على سوق النفط من المستبعد حدوثه في الوقت الراهن.

يقول مدحت الزاهد رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي (أحد مكونات الحركة المدنية) في تصريحات لوكالة أنباء آسيا، أن الدول العربية غارقة في التطبيع والمخطط الخاص بتوسيع كامب ديفيد وتطوير السلام الدافئ، بينما كان الاحتلال يمارس العدوان على الشعب الفلسطيني يوميًا، وتمارس سياسية الهيمنة والقهر.

وشمل التطبيع أغلب الدول الخليجية، فيما عدا السعودية التي كانت في طريقها للتطبيع الرسمي، إلا أن الحرب الشنعاء التي شنها جيش الاحتلال عطلت مسار المفاوضات الخاصة بالتطبيع بين الاحتلال والسعودية والتي كانت تقودها الولايات المتحدة الأمريكية، بحسب الزاهد.

ويرى رئيس التحالف الشعبي الاشتراكي، أنه بالتالي لا يمكن لدول غارقة في التطبيع وبخاصة الخليج الذي سعى للتطبيع بدون حاجة حقيقة للمقايضة أو احتلال مثلما حدث مع مصر. مشيرًا إلى أنه رغم مرور سنوات على معاهدة السلام بعد حرب أكتوبر، نجح الشعب المصري في أن اعتبار ولادة تلك المعاهدة ميتة وستظل ميتة، على عكس دول الخليج التي سعت للتطبيع.

وأضاف، وبالتالي أتوقع أن تأخذ الدول المصدرة للنفط والغاز إجراءات حادة بوقف إمداد أوروبا وأمريكا بالنفط والغاز محدود جدًا، لأن هذه الدول تخشى الوقوف في وجه المصالح الأمريكية في المنطقة.

تحت هاشتاغ " اوقفوا النفط" دوّن عددٌ من المغردين على مواقع التواصل الاجتماعي إكس " تويتر" سابقًا، لمطالبة حكام الدول العربية بوقف إمداد أمريكا والدول الأوربية حلفاء إسرائيل بالنفط والغاز.

ويرى المغردون أنه آن الأوان للدول العربية أن تستخدم "سلاح الطاقة" لوقف العدوان الصهيوني والحيلولة دون نكبة جديدة مشابهة لنكبة 1948.

يرى أكرم إسماعيل عضو اللجنة التحضيرية لحزب العيش والحرية، أن وقف إمدادات لغاز والنفط على أمريكا ودول الغرب وإسرائيل يعتبر تصعيدًا كبيرًا مفتاحه في يد السعودية، إذ أنها تعد من أكبر الدول التي تمتلك احتياطات البترول في العالم.

وأضاف إسماعيل في تصريحاته لوكالة أنباء آسيا،  إذا كان موقف السعودية غير حاسم من التصعيد ضد إسرائيل وداعميها الآن سيكون من الصعب أن يستخدم هذا الكارت.

وتشكك إسماعيل من أن السعودية لديها النية على الأقل الآن في استخدام كارت النفط والغاز، وخصوصًا أن ما حدث في غزة غيّر من موازين المملكة التي كانت تسعى للتطبيع العلني مع إسرائيل قبل التصعيد الأخير مع غزة، والهدف من هذا هو مواجهة إيران، لكن الأمر انقلب تمامًا وأصبحت إيران هي من تقود المنطقة خلال هذه الفترة.

فبالرغم من أن السعودية عطلت مفاوضات التطبيع، لكنها مازالت قلقة من إيران وتصعيدها في مواجهة الأمريكان ما يجعل الأمر أكثرًا تعقيدًا بالنسبة لها فيما يخص مواجهة إيران.

قبل بدء حظر النفط العربي واستخدامه سلاحا سياسيا في وجه الأزمات والحروب، كانت الأطراف المعنية قد لوحت باستخدامه أداة لتغيير موازين المعركة، وكانت الدول العربية التي تبنت هذا الخيار هي السعودية والعراق وقطر والجزائر والكويت والإمارات.

وتُعتبر السعودبة الفاعل الأول في هذه الأزمة، وكان ملكها فيصل بن عبد العزيز قد وعد الرئيس المصري أنور السادات بحظر النفط في حال قيام الجيش المصري بشن هجوم ضد إسرائيل.

وقبل أن تبدأ الحرب بفترة لوح السادات بإمكانية اللجوء إلى حظر النفط، ففي مطلع مايو/أيار 1973 تحدث بمناسبة عيد العمال، وقال إن الدول العربية الغنية بالنفط، وعلى رأسها السعودية، وعدت باستخدام سلاح النفط بمجرد أن تبدأ مصر عمليات عسكرية لاستعادة الأراضي التي تم احتلالها 1967.

ففي 16 أكتوبر/تشرين الأول 1973 اجتمع وزراء نفط دول الخليج الأعضاء بمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) في الكويت، وأقروا زيادة حادة في سعر النفط وصلت 70%.

كما اتخذ وزراء النفط العرب في اليوم الموالي 17 أكتوبر/تشرين الأول 1973 قرارا بحظر تصدير النفط إلى الولايات المتحدة، وكذلك خفض الإنتاج بنسبة 5%.

وفي 17 مارس/آذار 1974، أعلن وزراء النفط العرب نهاية حظر النفط بعد أسابيع من تقدم المحادثات وفض الاشتباك بين مصر وإسرائيل.

رغم ذلك يرى النائب السابق طلعت خليل نائب رئيس حزب المحافظين أن قطع امدادات النفط والغاز عن الغرب وأمريكا ليس له تأثير كبير كما يظن البعض، نظرًا للاحتياطات الكبيرة التي لدى أمريكا ودول الغرب.

ويضيف النائب السابق في تصريحاته لوكالة أنباء آسيا، لدينا أوراق كثيرة أكثر أهمية من الممكن أن يتم استخداماه، وعلى رأس تلك الأوراق التلويح بالقوة، مثلما تفعل إيران التي عندما تلوح بالقوة يحدث نوعًا من التراجع.

واتخذ قرار حظر النفط في  الدول العربية لمواجهة المد الإسرائيلي نحو الأراضي العربية، واستهدف الولايات المتحدة والدول الداعمة للاحتلال الإسرائيلي في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، وبسببه تكبد الاقتصاد الأميركي خسائر كبيرة، وقد امتدت فترته من 17 أكتوبر/تشرين الأول 1973 حتى 18 مارس/آذار 1974.

وكان لحظر أمداد النفط واقع على الاقتصاد العالمي، إذ  أرغمت بريطانيا وفرنسا على تبني موقف الحياد ورفض استخدام مطاراتهما لنقل العتاد العسكري إلى إسرائيل.

وفي 7 نوفمبر/تشرين الثاني 1973، أصدر وزراء خارجية السوق الأوروبية المشتركة بيانا طالبوا فيه إسرائيل بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة. وقد تسبب حظر تصدير النفط بالكثير من الخسائر الاقتصادية في الولايات المتحدة، وخسر سوق الأوراق المالية 97 مليار دولار.ا

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 4