كاتب اسرائيلي: لن نستطيع القضاء على ح م اس

2023.10.18 - 08:01
Facebook Share
طباعة

يصل الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط غداً ليزور إسرائيل والأردن، ويحاول الحؤول دون توسُّع الحرب في قطاع غزة. وفي الأمس، في اليوم العاشر للحرب، واصلت إسرائيل استعداداتها للعملية البرية في غزة. بينما يشهد الشمال تبادُلاً للضربات القاتلة بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، لكن من دون أن يبادر الحزب إلى شنّ عملية هجومية كبيرة؛ ومن المحتمل أنه ينتظر ليرى كيف ستتصرف إسرائيل على أراضي غزة.


وكان الجيش الإسرائيلي طلب في الأمس من سكان المستوطنات، التي تبعد كيلومترين عن الحدود مع لبنان، إخلاء منازلهم، وستدفع الدولة تكلفة إقامتهم في بيوت ضيافة في الجبهة الداخلية. جرى هذا بعد الحادثة التي وقعت أول أمس في موشاف شتولا، عندما أطلق حزب الله صاروخاً مضاداً للمدرعات، أصاب منزلاً يقيم به عمال بناء. بعدها، اتُّخذ قرار إبعاد المواطنين بقدر الممكن. وقعت حادثة مشابهة في نهاية الأسبوع، أدت إلى قتل ضابط جرّاء الهجوم بصاروخ استهدف دبابة ميركافا.


يبرز في عدد من الحوادث ما يسمى في الجيش ثمن الدرس العملاني خلال الحرب، ويجب أن يتمتع السلوك الدفاعي بحذر من مستوى مختلف. في السنوات الأخيرة، لم تشهد الوحدات النظامية هذا الكمّ من الحوادث، وهو ما أدى إلى تآكل جزء من الخبرة العملانية.


حتى الآن، لم يتحدث حزب الله، علناً، عن محاولاته التسلل إلى "أراضي إسرائيل"، لأنه يريد المحافظة على "لعبة المعادلة" والبقاء تحت عتبة الحرب الشاملة. ومع ذلك، من الواضح تماماً أن التنظيم اللبناني يشدّ الخيط طوال الوقت، وهو مستعد للمخاطرة والدخول في مواجهة. ويمكن أن تكون تجاربه السابقة، التي كان من الواضح فيها أن إسرائيل لا تريد حرباً، زادت في ثقة الأمين العام للحزب حسن نصر الله بنفسه، وهذا قد يكون خطأً مصيرياً بالنسبة إليه.


في السنوات الأخيرة، وفي جولات التوتر التي حدثت بعد أن نسب حزب الله إلى إسرائيل قتل عناصره في هجمات في سورية، حرص الجيش الإسرائيلي على خفض تواجُده العسكري على طول الحدود مع لبنان، كي لا يقدم للحزب الشيعي أهدافاً لمهاجمتها. هذه المرة، الظروف تغيرت. هناك حاجة إلى تكثيف القوات على الحدود لإحباط محاولات التسلل بسرعة، لذلك، لا يمكن الاستمرار في سياسة "صفر أهداف".


في هذا الشأن، جرت نقاشات طوال أيام القتال، لكن الآن، يبدو أن الجهد الأساسي يتركز بصورة واضحة على الجبهة الجنوبية. ويبدو أن إسرائيل مستعدة لتلقّي الضربات والاكتفاء بتبادُلها، والقيام بردود على طريقة "البينغ بونغ"، من دون استخدام كامل قوتها العسكرية في الشمال، كي تستطيع التركيز على القطاع.


وهذه أيضاً الرسالة التي أتت من الولايات المتحدة، وشدد عليها الرئيس بايدن في خطابه، في ليل الأول من أمس: الولايات المتحدة تؤيد إسرائيل بصورة كاملة، وتساعدها في الحرب، ومن ضمن ذلك، إرسال حاملة الطائرات وإقامة جسر جوي من العتاد وقطع الغيار. لقد دعا بايدن إلى تدمير حُكم "حماس". ومع ذلك، فقد وضع شروطاً قيّد فيها، علناً، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، عندما دعا إسرائيل إلى عدم احتلال غزة. وفي غضون ذلك، يبدو أنه أرسل رسالة أميركية صامتة "لا تفتحوا جبهة ثانية في لبنان، كي لا نصل إلى حرب إقليمية من دون التخطيط لها".


يواصل بايدن انتهاج سياسة غير عادية، تزيد في تدخُّله فيما يجري وتوسّعه، على أمل السيطرة على قوة ألسنة اللهب. الأخبار التي تحدثت عن نيته القيام بزيارة غير مسبوقة إلى إسرائيل خلال القتال، هي بمثابة ضوء أحمر واضح لحزب الله بألا يتجرأ على فحص جدية تهديدات الرئيس.


تشعر الحكومة اللبنانية، التي يسيطر عليها حزب الله إلى حد بعيد، بالقلق إزاء إمكانية نشوب حرب في الشمال، تؤدي إلى تدمير البنى التحتية المدنية في الدولة التي تعاني جرّاء وضع اقتصادي صعب للغاية. رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي قال في الأمس أنه لا مصلحة للبنان في الدخول في مغامرة وفتح جبهة إضافية في مواجهة إسرائيل.


في قطاع غزة، يتواصل نزوح المواطنين الفلسطينيين من شمال القطاع إلى جنوبه، بطلب من إسرائيل، الأمر الذي اعتُبر عملية تحضير للغزو البري. لكن الاستجابة لهذا الطلب كانت جزئية، ومنظمات الإغاثة الدولية قلقة من أن يؤدي بقاء الكثيرين في منازلهم إلى محاصرتهم بإطلاق النار الدائر بين الجيش الإسرائيلي و"حماس". تتعرض إسرائيل لضغوط كبيرة كي تسمح بترتيبات تخفف من معاناة السكان المدنيين. لقد اتُّخذ قرار تزويد جنوب القطاع بالمياه، ويدور الآن نقاش بشأن فتح معبر إنساني من خلال معبر رفح، يُستخدم لإدخال الدواء والغذاء للسكان، ولخروج المواطنين الذين يحملون جنسيات أجنبية من القطاع.


بالنسبة إلى إسرائيل، موضوع المخطوفين هو موضوع حساس. في الأمس، ذكر الناطق بلسان الجيش أنه تم التعرف إلى 199 مخطوفاً، والعدد ليس نهائياً. من المحتمل أن يكون جزء من المخطوفين ليس لدى "حماس"، بل لدى فصائل فلسطينية أُخرى. وزارة الخارجية الإيرانية التي تتبنى موقف "حماس" عموماً، ادّعت أمس أنه يجري فحص صفقة لوقف الهجمات الجوية الإسرائيلية على القطاع في مقابل إطلاق المخطوفين.


في العمليات العسكرية الإسرائيلية السابقة على القطاع، المختلفة تماماً عمّا يحدث اليوم، جرى الحديث مرات كثيرة عن مرحلة المراوحة، في انتظار المناورة البرية التي لا تحدث في النهاية، أو يجري تنفيذها بصورة محدودة جداً. هذه المرة، الظروف مختلفة تماماً. الضربة التي تلقتها إسرائيل كبيرة جداً في الهجوم المفاجئ لـ"حماس" في 7 تشرين الأول/أكتوبر، والتوقعات التي عززتها القيادة السياسية والجيش لدى الجمهور بشأن العملية مرتفعة جداً، إلى درجة أن القيام بعملية هجومية محدودة، يمكن أن يثير ردوداً حادة لدى الرأي العام، على الرغم من المخاوف المتباينة من وقوع عدد كبير من الإصابات في هجوم بري.


إن هزيمة تنظيم "إرهابي" له جذور أيديولوجية عميقة وسط السكان هو أمر صعب للغاية. منذ أعوام، تدور نقاشات في الجيش الإسرائيلي، وفي الجيوش الغربية، بشأن ماهية الطريقة الصحيحة لمواجهة مثل هذا التنظيم في حال نشوب حرب شاملة: هجوم من الجو؟ المزج بين الجو والبر؟ التركيز على ضرب أرصدة عسكرية؟ قتل عدد كبير من "المخربين"؟ اغتيال منهجي لكبار مسؤولي التنظيم؟ يمكن الافتراض أن كل هذه النواحي ذات أهمية الآن، وخصوصاً في ضوء الوزن الكبير للتوقعات في الساحة الداخلية، التي تحوم فوقها مشكلة المخطوفين.


يتحدث الناطقون الرسميون، جميعهم، عن تدمير "حماس"، وفي الجيش، يتحدثون عن ذلك، بعيداً عن الميكروفونات. ماذا يريد نتنياهو؟ في جميع العمليات الماضية، اتضح أنه لا يحب المخاطرة. في غضون ذلك، يبدو رئيس الحكومة كأنه يماطل، حتى في تحمُّل المسؤولية عن التقصير الفظيع، كما أكد رئيس الشاباك رونين بار في بيانه أمس. وكالعادة، فإن أفضل طريق لمعرفة توجُّهه هو متابعة الرسائل التي يسوّقها بين أعضاء الكنيست والوزراء من الليكود وأبواقه في وسائل الإعلام. إذا بدأنا نسمع منهم عن مخاطر المناورة البرية، يمكن معرفة ما سيحدث. على الأقل، هناك شيء واحد يمكن الاعتماد عليه في هذه الدولة. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 4