كيف عززت الحرب رغم مآسيها مشاهد التضامن و العمل التطوعي؟

يانا العلي - سورية- خاص وكالة أنباء آسيا

2023.06.22 - 08:34
Facebook Share
طباعة

 كما قالَ الشاعرُ السوري عُمر الفرا في إحدى قَصائدهِ "الوطن للي سَما، حتى وصل مَرحلة إنسان". إذاً هي الإنسانية من تفرضُ نَفسها في أوقاتِ الحرب ووقتِ الحاجة. كما هو الحال في سورية، حيث لم يقف المجتمع الأهلي على الحِياد بل تجلى العمل الاجتماعي على هيئة جمعيات إنسانية تطوعية.


ماهو دورها الأساسي وما هي الصعوبات التي واجهها المجتمع الأهلي؟ وغيرها من التفاصيل أفاد بها لوكالة أنباء آسيا مؤسس إحدى الحملات التطوعية الإنسانية والناشط الميداني السيد ناجي درويش :" تنبعُ أهمية المجتمع المدني من الطيبة المتأصلة في شعبنا بجميعِ ألوانه وشرائحهِ على مختلف المستويات، وأنا أحبُ أن أطلق على دور المجتمع المدني صِفة (التكافل الاجتماعي) .. إذا سألت أجدادنا في الأرياف السورية عن مصطلح (عَ العونة) سيقولون لك: "كنا إذا أراد أحد بناء منزل أو حراثة أرض أو افتتاح مشروع صغير أو مرض وبات عاجزاً عن إعالة عائلته.. كنا نتنادى لمعونته كلٌّ حسب قدراته المادية أو العينية أو حتى الجسدية".. التكافل الاجتماعي أمرٌ أصيل في تربيتنا وأخلاقنا .. تبلور أكثر خلال الحرب وبعدَ كارثةِ الزلزال مع ازدياد احتياجات الناس في ظلّ الوضع الاقتصادي الصعب، السوريون طيبون بطبعهم وكرماء ونحن اليوم نلمس كيف يقومون بمساعدة بعضهم البعض وأنا على يقين بأن ما نراه هو أقل بكثير مما يحدث فعلاً، وفي العودة الى جوهر السؤال ندرك الأهمية الكبيرة للتكافل الاجتماعي إلى الدرجة التي يجب أن يكون فيها دور المجتمع المدني والتكافل الاجتماعي أحد الحلول الأساسية لخروجنا من أزمتنا، ولكن نحن بحاجة لتنظيم هذا الدور أو الأدوار للسوريين المقيمين والمغتربين لتحديد الأولويات في إعانة الناس والتحول من المعونة الاعتيادية إلى المعونة في تأسيس مشاريع متناهية الصغر للقادرين والقادرات على العمل، فعلى المدى المتوسط والبعيد القادم أن نعلمهم الصيد أفضل بكثير من أن نقدم لهم السمكة."


ومثل أي مشروع أو نشاط أو هدف هناك الكثير من العراقيل والتحديات فما هي التحديات التي واجهت المجتمع الأهلي؟ أجاب درويش:" أبرز التحديات كانت في عدم انتشار ثقافة التطوع المنظمة في مجتمعنا، وعدم الإضاءة عليها بالقدرِ الكافي رسمياً وإعلامياً، أنا لا أتحدث عن دعم الدولة وتغطية وسائل الإعلام لنشاط المجموعات التطوعية، بل عن نشر ثقافة التطوع في خدمة المجتمع، فلا يجب أن ننتظر حرباً أو كارثة أو زلزالاً لنجد معظم شعبنا يهبّ لمساعدة بعضه البعض، هذه الطيبة وهذه النخوة وهذه "الفزعة" وهذا الاندفاع الإنساني يجب استثماره الدائم وتنظيمه أكثر بحيث يصبح ثقافة ذات ديمومة غير مشروط بحدث أو كارثة، أنا لم أسمع بأننا كحكومة أو كجمعيات أهلية أو كأفراد مبادرين قمنا بتكريم متطوع أو مجموعة تطوعية على نطاق يسمع به الجميع كحدث هام كي تنتشر ثقافة التطوع أكثر.


التحدي الآخر هو الروتين .. لا يجب أن يتعامل المعنيون مع المجموعات التطوعية والمبادرات الإنسانية كتعاملهم مع الشركات أو المؤسسات أو المشاريع الاعتيادية، هؤلاء متطوعون في مجالات اغاثية لذلك يجب أن تكون التسهيلات التي تقدّم لهم استثنائية."


أما بعد اثني عشر عاماً من الحرب بدأت الأمور تتوضح وباتت النتائج في متناول اليد.وأفاد السيد ناجي:" أعتقد أن أهم ما انجزته المجموعات التطوعية والمبادرات الإنسانية هو أنها أظهرت للعالم وللسوريين أنفسهم كم نحن شعب محب لبعضه البعض وتحديداً في الجانب الإنساني، وكمية المحبة الكامنة في نفوسنا والطاغية على الشوائب التي خلفتها الأزمة في حال استطعنا أن نخلق منها حالة دائمة لا آنية أو مرتبطة بحدث.


أما على الأرض فقد أنجزت الجمعيات الاهلية التطوعية الكثير، ولا أستطيع أن أحدد نسبة الشرائح المجتمعية التي تعتمد في جزء كبير من احتياحاتها الأساسية للاستمرار في الحياة عليها، لكني أستطيع الجزم بأنها نسبة كبيرة ولا يمكن أن تظهر إلا في حال توقَف العاملون في الشأن الإنساني عن العمل."


أخيراً، يبدو أن المجتمع الأهلي نجحَ في نشر ثقافة التطوع الإنساني والمسؤولية المجتمعية. وباتت المساعدة الإنسانية أسلوب حياة للمواطنين السوريين في الأحوال العادية، ونشاطًا تنافسيًا شاءت الظروف القاهرة و الحرب المدمرة التي انهكت البلاد و الشعب أن تظهر في خضمها زبَدًا أبيضَ هو العمل التطوعي الاجتماعي الذي ضمد جراح الكثيرين ممن أرهقتهم الأزمات وفتح لهم فسحة نورْ و بارقة أمل رغم الفقر و الجوع و المرض…

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 9