السعودية بعيون أميركية

كتب د. علي جمعة - وكالة انباء اسيا

2023.06.17 - 10:23
Facebook Share
طباعة

 المملكة تتغيَّر:
بالإضافة إلى أمن الطاقة, تشترك واشنطن والرياض في العديد من أهداف السياسة الأخرى بما في ذلك إنهاء الحرب الأهلية في اليمن, واحتواء طموحات إيران النووية, والحفاظ على الاستقرار السياسي في مصر والأردن وباكستان, وتستفيد أمريكا من ربط السعوديَّة عملتها بالدولار وبيع نفطها بالدولار إلى حد كبير, ويدرك السعوديون أن معظم معداتهم العسكرية المتطورة لا تزال تأتي من الولايات المتَّحدة, وللولايات المتَّحدة مصلحة واضحة جدًا في الاستقرار السياسي للمملكة العربية السعوديَّة, وفي حالة انهيار النظام الملكي السعودي, فلن يتم استبداله بحكومة علمانية ديمقراطية, ولكن بشيء يشبه جماعة الإخوان المسلمين في مصر, وآيات الله في إيران, وداعش في العراق, وطالبان في أفغانستان, هؤلاء هم الفاعلون ذوو القوة والتنظيم لإسقاط الحكومات العربية, علاوة على ذلك, من المحتمل أن يؤدي انهيار النظام الملكي السعودي إلى حدوث أحداث مماثلة في جميع دول الخليج العربي الأخرى, وقال كل من "Michael Gfoeller" وهو مؤلف كتاب Vision or Mirage، Saudi Arabia at the Crossroadsورئيس سابق للبعثة في السفارة الأمريكيَّة في المملكة العربية السعوديَّة, و"David H. Rundell", وهو مستشار سياسي سابق للقيادة المركزية الأمريكيَّة وعضو مجلس العلاقات الخارجية, في تقريرهما في " news week", عن أنَّه على الرغم من تلك العلاقة, والمصالح المشتركة, بدأت المملكة العربية السعوديَّة في تبني سياسة خارجية أكثر حزماً واستقلاليَّة, فهم يدركون أن الصين, وليس الولايات المتَّحدة, هي الآن أكبر شريك تجاري لهم, وهم يقدرون أن التعاون مع روسيا, وليس الولايات المتَّحدة, قد جدد قدرة أوبك على تحريك أسواق النفط, وأصبحوا يشككون في التزام أمريكا بأمن السعوديَّة ويعترفون بأن موسكو وبكين لديهما نفوذ في طهران أكثر من واشنطن[1], "فهد ناظر", المتحدث باسم السفارة السعوديَّة في واشنطن, قال أنَّه على الرغم من الشكوك, فإن العلاقات بين البلدين أقوى من أي وقت مضى, وقال ناظر لـ"كاتي جنسن", مقدمة برنامج "Frankly Speaking", برنامج Arab Newsالحواري الذي يعرض مقابلات مع صانعي السياسة البارزين: "هذه علاقة لم تدوم فحسب, بل استمرت حقًا في التوسع والتعمق على مر السنين"[2].
وعلى الطرف الآخر أشار "John Hudson", إلى العلاقة الأمريكيَّة السعودية سيئة, حيث هدَّد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان, بتغيير العلاقة بين الولايات المتَّحدة والسعوديَّة التي دامت عقودًا, وفرض تكاليف اقتصادية كبيرة على الولايات المتَّحدة, إذا ردت على تخفيضات النفط, ووفقًا لوثيقة سرية حصلت عليها صحيفة "واشنطن بوست", زَعَم ولي العهد أنَّه "لن يتعامل مع الإدارة الأمريكيَّة بعد الآن", كما جاء في الوثيقة, ووعد "بعواقب اقتصادية كبيرة لواشنطن", وهذا التهديد, يكشف التوتر في قلب علاقة قائمة منذ فترة طويلة على النفط مقابل الأمن, ولكنها تتطور بسرعة مع اهتمام الصين المتزايد, وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي "لسنا على علم بمثل هذه التهديدات من قبل السعوديَّة"[3], وفي زيارة "بلينكلن" الأخيرة لتخفيف التوترات, قال وزير الخارجية السعودي إنَّ المملكة تسعى للحصول على مساعدة نووية أمريكيَّة, وأضاف بعد لقاءه مع نظيره الأمريكي, "هناك آخرون يقدِّمون عطاءات"[4], في إشارة للصين وروسيا, وفي ذات الإطار أشار "Clint Van Winkle" في معهد "the media line", إلى أنَّ الصين تعمل على تكثيف أنشطتها الاقتصاديَّة والدبلوماسية والعسكريَّة, بتشجيع من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان, ويقول المحللون وأعضاء الكونجرس إن الولايات المتَّحدة يجب أن تكافح دور الصين المتنامي في المنطقة, لكن بعد سنوات من التدخل العسكري الأمريكي في المنطقة, وعلاقة مستمرة شبيهة بالحرب الباردة بين الحاكم الفعلي للمملكة العربية السعوديَّة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وإدارة بايدن, تتدخَّل الصين لملء الدور الدبلوماسي الإقليمي الذي كان ذات يوم المجال الحصري للولايات المتَّحدة, وقالت الدكتورة "ميليندا ماكليمانس", مساعدة مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة ولاية أوهايو والمؤلفة المشاركة لكتاب "مفاتيح لفهم الشرق الأوسط", لموقع ميديا لاين, إنَّه أمر لا يمكن التنبؤ به للغاية, وقالت ماكليمانس إن العلاقة مع السعوديَّة تدخل مرحلة جديدة في عهد محمد بن سلمان, إنه نموذج جديد مع محمد بن سلمان ... يبدو أن عهد كيسنجر قد انتهى", ووفقًا للنائب الجديد الدكتور "ريتش ماكورميك", إن صعود الصين في المنطقة يرجع جزئيًا إلى السياسة الخارجية للرئيس بايدن, وبسبب السياسة الخارجية الفاشلة لإدارة بايدن في الشرق الأوسط, كان الحزب الشيوعي الصيني, قادراً على التوسط في صفقات بين إيران والمملكة العربية السعوديَّة, فضلاً عن المصالحة السورية في الخليج, ونتيجة لذلك, أصبحت إيران وسورية أكثر جرأة لمواجهة الولايات المتَّحدة عسكريًا, وبالتالي تحتاج أمريكا إلى إعادة تأكيد مكانتها كشريك قيم وموثوق به للدول النامية في الشرق الأوسط, وفي جميع أنحاء العالم, لأننا إذا لم نفعل ذلك, فستفعل الصين, كذلك أشار "برادلي بومان" و"أورد كيتري", و"ريان بروبست", لمعهد " fdd", إلى أنَّ أنَّه مع تقدم إيران نحو ترسانة نووية, والنظر إلى الولايات المتَّحدة على أنها في حالة تراجع, يختبر السعوديون مبدأ" إذا لم تتمكن من التغلب عليهم, انضم إليهم", من خلال الاقتراب من إيران والصين, لمنع مثل هذه إعادة التنظيم الإقليمية, مع ما تنطوي عليه من مخاطر على أمن الولايات المتَّحدة, تحتاج الشراكة بين البلدين إلى إعادة التفعيل[5], وتأتي تلك السياسة المتأرجحة للمملكة, في ظل العمل على تقليل الفجوة السياسيَّة بين البلدين, فبالإضافة إلى زيارة بلينكلن الأخيرة, هناك مباحثات لمداورة مطالب المملكة التي تضغط من أجلها, لمنع الاستدارة نحو الحلفاء الآخرين, حيث قال "Dr. James Dorsey" في " global village space", أنَّه وبحسب ما ورد لاقترحت المملكة العربية السعوديَّة, تقوم المملكة والشركات الأمريكيَّة, بإنشاء كيان مشترك لإدارة البرنامج النووي للمملكة لتخفيف المخاوف الأمريكيَّة, وسيمنح الكيان الشركات الأمريكيَّة دورًا مباشرًا في تطوير البرنامج والإشراف عليه, بما في ذلك تخصيب اليورانيوم في المملكة, وتهدف المناورات الأمريكيَّة والسعوديَّة إلى إيجاد مركز ثقل جديد في العلاقات التي من شأنها أن تحل محل صفقة عمرها عقود من الوصول المفضل للولايات المتَّحدة إلى النفط السعودي, في مقابل دفاع الولايات المتَّحدة عن المملكة العربية السعوديَّة ضد التحديات الخارجيَّة والدعم السعودي لها, ولكن مثل تلك الصفقات تحتاج إلى تحديث العلاقة[6].
[1] - https://www.newsweek.com/saudi-arabia-us-are-more-just...
[2] - https://www.arabnews.com/node/2319891/saudi-arabia
[3] - https://www.washingtonpost.com/.../saudi-arabia-cut-oil.../
[4] - https://www.pbs.org/.../amid-blinken-visit-top-saudi...
[5] - https://www.fdd.org/.../08/blinken-saudi-crown-prince-meet/
[6]- https://www.globalvillagespace.com/rebalancing-us-saudi.../

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 5