في مصر التظاهر أصبح جريمة مخلة بالشرف

وكالة أنباء آسيا

2023.06.10 - 06:00
Facebook Share
طباعة

 في أول حكم قضائي من نوعه، أصدرت محكمة نقض مصرية حكمًا باتًا، غير قابل للطعن، باعتبار جرائم التظاهر من الجرائم "المخلة بالشرف"، والتي تُفقد مرتكبها شرط حسن السمعة والسيرة وثقة صاحب العمل بما يجيز له إنهاء علاقة العمل بإرادة منفردة، وهو أول حكم يعتبر التظاهر، أحد مظاهر التعبير عن الرأي، أمر مخل بالشرف.
كما اعتبر الحكم أن التحريض على التظاهر والانضمام إلى كيان إرهابي محظور، وتعطيل المواصلات العامة أو الخاصة، وحمل السلاح والإضرار بالأمن القومي، من ذات الجرائم المخلة بالشرف.
واستند الحكم إلى نص المادة 129 من قانون العمل والتي تجيز لصاحبه أن ينهي عقد العمل ولو كان محدد المدة أو مبرمًا لإنجاز عمل معين إذا حكم على العامل نهائيًا بعقوبة جنائية أو عقوبة مقيدة للحرية أو جريمة ماسة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة، وذلك ما لم تأمر المحكمة بوقف تنفيذ العقوبة.
وفسّرت المحكمة النص السابق بأنه يمنح صاحب العمل الحق في إنهاء عقد العمل إذا ثبت لديه الدليل على ارتكاب العامل لفعل يُعد من قبيل إخلاله بالتزاماته المنصوص عليها في القانون، لاسيما التزامه بالحفاظ على كرامة العمل، وأن يسلك المسلك اللائق به.
ولا يوجد قائمة تحصر وتحدد الجرائم المخلة بالشرف في القانون المصري، ولم يضع المشرع معياراً محدداً للجريمة المخلة بالشرف، وقد قضت المحكمة الإدارية العليا في تعريفها للجرائم المخلة بالشرف بأنها هي تلك التي ترجع إلي ضعف في الخلق وانحراف في الطبع مع الأخذ في الاعتبار نوع الجريمة والظروف التي تم ارتكابها فيها والأفعال المكونة لها ومدى كشفها عن التأثر بالشهوات والنزوات وسوء السيرة.
وبحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض محمد عبد العظيم كركاب، عضو مجلس النقابة العامة للمحامين – أن قانون العقوبات المصري لم يضع أي تعريف لماهية الجرائم المخلة بالشرف، كما لم يحصرها أو يحددها على وجه الدقة، بينما تُستعمل كأداة لحرمان المُدانين بها من بعض الحقوق، مثل الحرمان من تقلد بعض الوظائف العامة، أو ممارسة بعض المهن، أو الفصل من الوظائف التي يشغلونها، وبالتالي أصبح للإدارة سلطة تقديرية واسعة في تقرير إذا كانت أي جريمة تخل بالشرف أم لا - ومحكمة النقض المصرية – سعت بشكل كبير إلى وضع حد لهذه السلطة وقررت في أحد أحكامها أن: "تكييف الجريمة وإصباغ صفة الإخلال بالشرف عليها من عدمه سلطة القاضي الإداري وحده، وفقاً لنوع الفعل المُعاقب عليه وظروف ارتكابه"، مما يعني أن نفس الجريمة قد تعتبر في ظروف معينة جريمة مخلة بالشرف، وفي ظروف أخرى لا تعتبر كذلك، حسب ما يقرره القاضي الإداري
فيما فسرت محكمة النقض في حيثيات حكمها بأنه وإن كان لم يضع تعريفًا محددًا جامعًا مانعًا لمفهوم الجريمة المخلة بالشرف، إلا أنه يمكن تعريفها بأنها تلك الجرائم التي ترجع إلى ضعف الخُلق وانحراف في الطبع وهو ما ينطبق على جريمة "استعراض القوة، وقطع الطريق، وإطلاق النار" والتي تُمثل تعطيلًا لأحكام الدستور والقانون، ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، إلى جانب الإضرار بالسلام الاجتماعي.
ويعد هذا الحكم بمثابة تصريح للقطاع الخاص بإنهاء خدمة موظفيها المتهمين بهذه الجرائم بإرادة منفردة، شأنها في ذلك شأن الجهات الحكومية.
وتعود اصل الواقعة، عندما فصلت شركة الإسكندرية للبترول، موظفا يعمل لديها منذ عام 1984، وذلك بداية من 24 مارس 2014 بعد إيقافه عن العمل لحبسه في قضية تجمهر واستعراض قوة ثم صدور حكم بإدانته.
وبعد حصول الموظف على البراءة في إعادة محاكمته لاحقا أقام دعوى تعويض ضد الشركة، لتقضي محكمة أول درجة برفض الدعوى استنادًا إلى أن سلامة قرار الفصل من عدمه يرجع إلى وقت صدوره، فاستأنف الموظف على الحكم.
وتمارس السلطات المصرية حالة من التضييق على حرية الرأي والتعبير في مصر، بدأت بإصدار قانون رقم 107 لسنة 2013 ( قانون التظاهر)، وتفعيل قانون التجمهر رقم 10 لسنة 1914، والذي لم يُلغ رغم أنه صدر في فترة الاحتلال، وانتهت باعتبار التجمهر جريمة مخلة بالشرف.
ونصت المادة 15 من الدستور المصري على أن الإضراب السلمي حق ينظمه القانون. كما نصت المادة 65 على أن حرية الفكر والرأي مكفولة. ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول، أو بالكتابة، أو بالتصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر.
وتعمل مصر بقانون التجمهر الصادر عام 1922، رغم إلغائه، وهو ما أكده أحد المحامين الحقوقيين الذي فضل عدم ذكر اسمه، إذ أكد على أن البرلمان المصري أصدر في 1928 قانونا بإلغاء قانون التجمهر. وكان يتعين أن ينشر القانون الذي ألغى قانون التجمهر في الجريدة الرسمية ليصبح ساريا بعد أن مرّ 30 يوما دون أن يصدره الملك فؤاد الأول أو يرفضه.
لكن الملك الذي عارض إلغاء قانون التجمهر والذي كان يعرِف أن رفض قانون إلغائه سيقابل بالرفض من البرلمان منع نشر القانون الجديد في الجريدة الرسمية ليبقى وضع كل من قانون التجمهر وقانون إلغائه مبهما.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 8