حياة المواطن بين تدهور القطاع الصحي وشحّ أطباء الاختصاص

يانا العلي-سورية -خاص وكالة أنباء آسيا

2023.05.21 - 09:26
Facebook Share
طباعة

 انخفضَ عددُ الأطباء الذينَ يَعملون في سورية بشكلٍ عام بنسبةِ 70٪ منذُ بِدايةِ الحرب، والذين يعانون من تَحمل عِبء العنايةِ بالمرضى المحتاجين إلى رعايةٍ طبيةٍ مُتخصصة.
ووفقاً لتقرير صادر عن مُنظمة الصحةِ العالمية في عام 2021، يوجدُ في سورية ما يُقارب من 0.8 طبيب لكل 1000 نسمة، بينما تتمتعُ البلدان المجاورة بمعدلاتٍ أعلى بكثير، على سبيلِ المثال، في لبنان يوجدُ حوالي 3 أطباء لكل 1000 نسمة.
و يواجهُ المرضى في سورية صعوبةٍ في الوصولِ إلى العنايةِ الصحية، تحديداً في بعض الاختصاصات، بما في ذلك تشخيص وعلاج الأمراض المزمنة والأمراض النادرة، والتخدير حيث يُعتبر اختصاص التخدير من بين التخصصات الطبية التي تُعاني سورية من نقصٍ حاد فيها، بسببِ الحرب والظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهها القطاع الصحي بشكلٍ عام في البلاد.وهذا ما أكدته الدكتورة زبيدة شموط رئيس أطباء التخدير في نقابة أطباء سورية في تصريح لها حيث حذّرت أننا"دخلنا دائرة الخطر اذ لا يتعدى عدد أطباء التخدير ال 500 في مشافي سورية، بينما نحتاج الى 1500 طبيب. غرف العمليات ستغلق أبوابها لعدم توفر أطباء التخدير."
وأيضاً وفقاً لتقرير صادر عن مُنظمة الصحة العالمية، يوجدُ في سورية ما يَقرب من ثمانيةِ أطباء تخدير لكل 100000 نسمة، وهذا المعدل أقلُ بكثير من المُعدل العالمي الذي يتراوحُ بينَ 5-10 أطباء تخدير لكل 10000 نسمة.
وماحَدثَ بالفترة الأخيرة من تَزايد الوفيات بسبب الأخطاء الطبية المتعلقة بالتخدير، والتي ذهب ضحيتها شُبان وشابات، و كان آخرها منذ أيام ما حدث مع الطفل زين العابدين إبراهيم الذي لم يتجاوز التاسعة من عُمره الذي اضطر لمعالجة أسنانه في عيادة الطبيب ليفارق الحياة بسبب خطأ تخدير أدى لتوقف قلبه.فما هي الأسباب وراء تردي المعالجة الطبية ونقص عدد الأطباء ومنهم أخصائيي التخدير؟


كان لوكالة أنباء آسيا حديث مع الدكتور أحمد اختصاص تخدير وإنعاش لتناول جوانب هذه الأزمة وتداعياتها ، فأشار إلى أن "الصعوبات الاقتصادية فرضت على كُل طبيب شريف ونزيه غير مستفيد من الفساد والمحسوبيات ، التفكير بالسفر حتى إلى دول تعادي بلادنا سياسيًا. ورَغم كل الصُعوبات وتكاليف السفر الباهظة يضطرُ أهل الطبيب لبيعِ مُمتلكاتهم وأراضيهم وبيوتهم أحياناً لإرسال أبنائهم إلى بُلدان فيها استقرار اقتصادي واجتماعي وأمني، ألمانيا مثلاً أو الإمارات، أو حتى دول تخلّت عن سورية خلال الحرب كبعض دول الخليج وتركيا. وقد لجأ بعض الأطباء الذين ساءت أحوالهم خلال الأزمة السورية ، للسفر إلى دولٍ غير مستقرة وغير آمنة كالصومالِ والسودان واليمن والعراق.
أما بالنسبة للأخطاء فيقول د. أحمد:" الأخطاءُ التي تحدثُ حقيقةً بسببِ ضعفِ نظام التعليم الطبي المُستمر، والثقة العمياء لبعض الاطباء بأنفسهم الى حد يعتقدون بأنهم منزّهين عن الخطأ. كما يلعبُ دوراً في الأخطاء أيضاً الضغطُ النفسي واللهاثُ الدائم وراءَ تأمين لقمةِ العيش ما يَضطرُ الطبيب للرضوخِ للجراحين والمشافي للعملِ في شروط وأوضاع وأماكن لا تحتوي أدنى مُتطلبات السلامة المهنية سواء للطبيب المخدر أو لمريضهِ على حد سواء.


وبالنسبة لاختصاص التخدير بالذات كونه اختصاص دقيق جداً ومتطور جداً، ويتطلب من مُمارِسهِ الإلمام بكلِ الاختصاصات الطبية. واتباع دورات تطوير مهارات.
وأقترح أن يَحظى الأطباء بمُميزاتٍ مادية عالية، وتأمين سكن لائق وسيارة لكل طبيب متعاقد مع المشافي الحكومية، والنظر باحترام لهذا الاختصاص الهام جداً. "
يُعتبر هذا النقص في التخصصات التخديرية من بين العوامل التي تؤثرُ على قدرةِ القطاع الصحي في سورية على تقديمِ الرعاية الصحية المُناسبة للمرضى وتلبيةِ الاحتياجات الطبية المتنوعة.


أما من وجهة نظر نقيب أطباء طرطوس الدكتور يوسف مصطفى فقد صرّح لوكالة أنباء آسيا :" أن مهنة الطب، مهنةٌ إنسانية وأخلاقية اكسبت عَبر العصور تقاليد وعادات، لا يجوزُ للطبيبِ التنازلِ عنها، لكن هذه المهنة أصابها ما أصاب وطننا الحبيب خلال السنوات الماضية فالأطباء تَعرضوا لظروفٍ اقتصادية ومِهنية واجتماعية صعبة، أدت إلى هِجرة قسمٍ كبيرٍ منهم، إضافةً إلى عدمِ الرغبةِ في دخولِ بعض الاختصاصات . كُلَ ذلك ساهمَ في تَراجعِ الخدمةِ الطبيةِ المقدمة بشكلٍ من الاشكال. أضف عليه الحصار المفروض على سورية ومنع وصول بعض التجهيزات الطبية التي تساهمُ في تطويرِ العمل، ولا ننسى الكلفة الكبيرة المترتبة على إستقدام بعض التجهيزات كونها آتية إلى سورية، ولا يمكن إدخالها من بلدِ المنشأ مباشرة. "
وعن اقتراحات لمعالجة النقص قال د. مصطفى:" إن سورية ولّادة للأطباء والحلُ يقعُ على عاتقِ الحكومة من خلالِ طريقة المفاضلة على الاختصاصات. وتشجيعُ بعض الاختصاصات أكثر من غيرها، وإعطاءُ الحوافز الموجهة لبعضِ الاختصاصات والتي ترفعُ من شَأنها. بالإضافةِ إلى تنشيطِ الاختصاصات التي قل عددُ الأخصائيين فيها ، مثل زيادةِ الحوافز وزيادةِ الرواتب لتناسب وتشجعُ الأطباء ليتخصصوا في المجالات القليلة لتعويضِ النقص."
لا شكّ أن الحروب يُخطط لها حتى تَصل وتصيب عمقَ الهدف.. وكان القطاع الصحي العُمق الذي أصابته الحرب. ولازال الشعب يقاوم الموت عسكرياً وسياسياً واقتصادياً أملاً بالعودةِ للحياةِ الطبيعية والاستمرار بقوة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 3