قسد نحو نهايتها سياسياً.. القادة الكرد يدركون أنهم الحلقة الأضعف

سفيان درويش

2023.04.29 - 02:48
Facebook Share
طباعة

 تحاول "قوات سورية الديمقراطية"، البحث عن مخارج من المأزق السياسي الذي باتت محكومة به بعد تصاعد وتيرة الانفتاح العربي مع الحكومة السورية، إضافة للتواصل المستمر بين دمشق وأنقرة، الأمر الذي تعتبره "قسد"، ومن خلفها القوى السياسية الموالية لها تهديداً مباشراً لوجودها على الخارطة السياسية في سورية.

وتقول مصادر كردية تقيم في القامشلي، أن قيادات "قسد"، تعترف بأنها الحلقة الأضعف في حال حدوث توافقات دولية من شأنها أن تنهي الملف السياسي السوري، ولأن هذه القيادات تدرك تماماً أن إعادة تطبيع العلاقات بين دمشق والدول الإقليمية سيعني بالضرورة الدخول في نهاية الملف السوري، وبالتالي عودة دمشق إلى علاقات طبيعية مع الدول الأوروبية تكون مسألة وقت لكون هذه الدول تمتلك ملفاً شائكًا ومعقدًا باتت بحاجة دمشق لتحله، وهو ملف اللاجئين غير المفيدين للحكومات الأوروبية، والمقصود هنا هم اللاجئين الذين لم يحققوا درجات الاندماج المطلوبة مع المجتمعات التي تعيش فيها، والذين لم يحصلوا على عمل حتى الآن وما زالوا يعيشون على نفقة الحكومات المستضيفة.

المصادر ذاتها وبحكم قربها من بعض قيادات "قسد"، تقول خلال حديثها لـ "وكالة أنباء آسيا"، إن التطمينات الأمريكية فيما يخص زيادة فعالية العلاقات الاقتصادية مع يسمى بـ "الإدارة الذاتية"، أو حتى زيادة القواعد الأمريكية وعناصرها، لا تعني أن شمال شرق سورية لن يكون جزءاً من الأراضي السورية المشمولة بـ "التسوية السورية"، وبالتالي فإن مناقشة ملف المناطق التي تسيطر عليها "قسد"، بحماية أمريكية، سيكون على طاولة تجمع اول الأمر مسؤولين من موسكو وواشنطن، وسيكون للدول الخليجية وخاصة الإمارات والسعودية الدور الأكبر في دفع الولايات المتحدة الأمريكية لتبديل سياساتها تجاه سورية، كما إن الجانب التركي إن وجد ما يحقق له طموحاته الأمنية فيما يخص حدوده الجنوبية من خلال الحوار مع دمشق، فإن حالة العداء بين البلدين ستكون بحكم المنتهية، ولن تقدم الحكومة السورية لتركيا ما يرضيها إلا في حال ضمان موقف أنقرة فيما يخص رفع العقوبات عن سورية، والدفع بعملية سياسية جادة.

تشير المصادر إلى أن الحكومة السورية ومن خلفها الروس لم يعودوا متحمسين للحوار مع "قوات سورية الديمقراطية"، وأن المبادرة التي طرحتها الأخيرة فيما يخص فتح حوار بدون شروط مسبقة لم يُسمع لها صدى في دمشق نهائياً، كما إن الأمريكيين ومن خلال فريق وزارة الخارجية العامل في الداخل السوري بصورة غير مشروعة، أبلغوا "مظلوم عبدي"، أن مسألة فرض "قسد"، أو أي من القوى السياسية الموالية لها على المعارضة مسألة غير واردة، وبالتالي على القيادات الكردية الذهاب نحو تسوية الخلافات مع "الائتلاف السوري لقوى المعارضة"، ليقبل الأخير بإشراك قسد في عملية التفاوض مع دمشق كجزء من المعارضة السورية، لكن الإئتلاف لا يقوى على اتخاذ مثل هذا الموقف حتى لو أبدت قسد ما يريده من تنازلات سياسية وذهبت نحو اقتسام ثروات المنطقة الشرقية معه، فمواقف الائتلاف ترتبط أساساً بالموقف "التركي – القطري"، ولأنقرة خطوطها الحمراء التي لا تجرؤ قيادات الائتلاف على تجاوزها أياً كانت الأسباب والدوافع، وعليه فإن قيادات قسد تفهم تماماً إن ملف إشراكها في التفاوض مع دمشق مرهون بقبول الحكومة التركية، وهذا الأمر مستحيل التحقيق.

الخيارات الموضوعة أمام قادة قوات سورية الديمقراطية باتت شبه معدومة، وستجد القيادات الكردية نفسها أمام قبول الشروط السورية في تسوية ملف الشمال الشرقي من البلاد، لعدم قدرتها على الدخول في معركة مع الجيش السوري لعدة أسباب، منها إن مثل هذه المعركة ستدفع تركيا لتقديم الدعم العسكري لدمشق إن حدثت التسوية، ولكون الولايات المتحدة الأمريكية غير معنية بدخول حرب مع أحد أهم حلفاء روسيا في منطقة الشرق الأوسط، ستجد قسد نفسها منفردة في المواجهة، ناهيك عن إن مواقف القيادات الكردية في جبل قنديل بإقليم شبه العراق، والتي تدير كامل القوى الكردية المسلحة لا تجد أن دمشق خصماً أو عدواً لها، ولن تقبل ببقاء مقاتلي "الكردستاني"، في الداخل السوري في حال وقوع المواجهة، فتحويل كامل دول المحيط لخصوم مباشرين لا يقع ضمن خيارات "قادة قنديل".

الشروط السورية وفقاً للمعلومات التي حصلت عليها "وكالة أنباء آسيا"، من مصادر كردية، تنحصر بتفكيك الفصائل المسلحة التابعة لـ قسد، وإنهاء السلاح غير الشرعي على أن تفتح الحكومة السورية باب التسويات لعناصر قسد من كامل مكونات المنطقة، إضافة إلى قبول قيادات قسد بتطبيق القوانين السورية وإنهاء ما يسمى بـ الإدارة الذاتية وتفكيكها لجهة إقرار قانون إدارة محلية يمنح صلاحيات أوسع للمحافظين، ولن تقبل دمشق بأي حال من الأحوال باستنساخ تجربة "كردستان العراق"، من خلال إنشاء إقليم شبه مستقل في شمال أراضيها، والحديث عن تحويل قسد لجزء من الجيش السوري لا يمكن تطبيقه لأنه يحتاج لتعديل دستوري يبدو إن لجنة مناقشة الدستور التي تجري اجتماعاتها في جنيف بين الحين والآخر لن تذهب نحو طرحه نهائياً، فكل المجتمعين في هذه اللجنة لا يجدون في "قسد"، بشكلها الحالي جزءاً من الحل.

مستقبل "قسد"، وبقاؤها على خارطة السياسة، بات رهين التسويات الدولية، والمنطق الذي يحكم الإقليم والعلاقة مع دمشق، يعني بالضرورة دعم الدولة السورية في كامل ما يحقق مصالحها السياسية والاقتصادية، ويبدو أن الدول الإقليمية وعلى رأسها المملكة السعودية تجد في إعادة تطبيع العلاقات مع دمشق خياراً إلزامياً لجعل المنطقة تعيش مرحلة من الاستقرار الأمني بما يحقق الرؤى الاقتصادية التي باتت تحرك الدول الخليجية نحو إيجاد بدائل اقتصادية لـ النفط الذي يبدو إن تجارته لم تعد في أولوية تحقيق العائدات لخزائن الخليج، وهذا ما سيدفع حكام الخليج إلى محاولة الاستفادة بالقدر الأكبر من السوق السورية، والموقع الجغرافي الهام للساحل السوري ومرور طرق التجارة الدولية مع أوروبا بالأراضي السورية من شمالها وصولاً إلى الجنوب، ولأن واشنطن تلزم "قسد"، بدور وظيفي محدد، فإن نهاية هذه الوظيفة وإخراجها من العملية السياسية سيكون خيارًا حتميًا لـ واشنطن في ظل تهافت حلفائها على تطبيع العلاقات مع دمشق، فالولايات المتحدة الأمريكية لن تفصل فصائل مسلحة غير شرعية على دول ذات ثقل سياسي واقتصادي في المنطقة، وفقاً لما صرحت به المصادر.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 8