السنوات المفصلية في تاريخ الإخوان (2011 البداية) .. الحلقة الأولى

2023.02.16 - 05:33
Facebook Share
طباعة

 • لماذا رفض الاخوان اعلان المشاركة في ثورة يناير

• كيف استغل الاخوان شعبيتهم للحشد ضد مخاض يناير وكيف تسبب هذا في حالة الانقسام بين الجماعة والقوى السياسية والثورية

• الاخوان ورحلة البحث عن المكاسب، والانزلاق سياسيا وشعبيا

شهدت الأعوام (2011 وحتى 2013) الكثير من المفاجآت ليس فقط لمصر، وإنما أيضا لجماعة الإخوان المسلمين والتي كانت حينها أكبر تنظيم " سياسي" في مصر، إذ بدأ عام 2011 وكانت الجماعة تتربع على عرش الحياة السياسية في مصر، نظراً لحالة الوئام التي عاشتها منذ عهد الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات واستمرت في عهد الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، لكن مع نهاية عام 2013 كان الانهزام وبداية الانهيار هو ما ينتظر الإخوان، بسبب عدة عوامل سيتم مناقشتها في مقال لاحق.


عاشت جماعة الإخوان حالة من الوئام والتناغم شيئًا ما مع سلطة مبارك، وهو ما سهل لهم حصولهم على مقاعد داخل البرلمان المصري ومجلس الشورى حينها، كما ساهم هذا في انتشار الإخوان وتوغلهم في المجتمع المصري بشكل سرطاني نظراً لانتشار العمل الخيري الذي تميزت به الجماعة خلال عهد مبارك الذي اتسم بالبطالة والفقر، وهذا ما ساهم أيضاً في زيادة شعبية الإخوان، والتي استغلتها الجماعة في الحشد في الانتخابات البرلمانية والرئاسية عقب ثورة يناير.


وهو ما يفسر اضطراب موقف الإخوان من المشاركة في ثورة يناير، إذ مرّ موقف الجماعة بأكثر من مرحلة سيتم مناقشتها في التقرير، حيث كانت تخشى الجماعة في حالة المشاركة عدم نجاح الثورة فتحاسب على مشاركتها سواء بالاعتقال أو الحرمان من الامتيازات السياسية التي حصلت عليها في عهد مبارك أو الإثنين معاً.


اضطراب موقف الإخوان من المشاركة في ثورة يناير:

كان قرار الجماعة منذ انطلاق الدعوات للتظاهر في 25 يناير بالتزامن مع عيد الشرطة، هو عدم المشاركة، لكن في نفس الوقت شاركت بعض قيادات الاخوان في تلك التظاهرات باعتباراتهم الشخصية لا السياسية مثل الدكتور محمد البلتاجي.  وهو ما تسبب في غضب بعض من قيادات شباب الإخوان الذين شاركوا أيضاً في الانطلاقة الأولى لثورة يناير وتحديداً (مكتب الطلاب).


الأمر الذي كشفته تفاصيل المذكرة التي تقدم بها عدد من شباب الإخوان السابقين بعد الثورة، أبرزهم أحمد عبد الجواد، وإسلام لطفى، ومحمد القصاص، وأحمد نزيلى، وهانى محمود، عقب الثورة لمجلس شورى الجماعة، وذلك للرد على تصريحات الدكتور عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، والذي قال إن الجماعة شاركت من يوم 25 يناير 2011.


وكشفت المذكرة عن أن اللجنة الإعلامية بقسم الطلاب بالجماعة، طلبت من الدكتور محمود أبو زيد، عضو مكتب الإرشاد، النزول فى يوم 25 يناير، وكان الرد بأن قرار الجماعة عدم المشاركة، ثم زيارة مكتب الإرشاد، مساء 25 يناير، وطلب نزول الجماعة، فكان رد الدكتور محمود عزت، نائب المرشد، إن الأمر بدأ شعبيا ومن الأفضل أن يكمل كما بدأ، وأن موقف الجماعة معلن وقرارها وواضح، وطالبهم بإن يكونوا مع الناس في الشارع سواء بقوا في الميدان أو انصرفوا، وقال لهم:"نحن سنتفق مع الجمعية الوطنية على النزول يوم الجمعة 28 يناير."


كما كشفت المذكرة عن قرار الجماعة بالانسحاب في 2 فبراير من ميدان التحرير، وضغط شبابها لعدم الانسحاب. وتتضمن المذكرة تفاصيل المشاركة في تكوين ائتلاف شباب الثورة، وشرح لجلسات التنسيق قبل و بعد 11 فبراير.


نجح ضغط شباب الإخوان واشتعال الأحداث بميدان التحرير في إجبار الجماعة على العدول عن قرارها، إذ أعلنت مشاركتها رسميا في 28 يناير ( جمعة الغضب) ومنذ تلك اللحظة أصبحت مشاركة الجماعة رسمية، وعلى الرغم من قرارها من حين لآخر بالانسحاب من الميدان لكن الضغط الشبابي داخل الجماعة نجح في استمرارهم داخل الميدان.


الجماعة والفكر الثوري:

إن تصاعد النبرة الثورية التي حدثت في يناير أربكت جماعة الإخوان ليس فقط بسبب حساباتها السياسية ومكاسبها التي كانت تحصدها وقت النظام المباركي لكن الأمر أيضاً يتعلق بفكر الإخوان والمبادئ التي يؤمنون بها.


بعنوان "الإخوان والثورة" بدأ عماد علي قائد مراجعات الإخوان في السجون حديثه  في إحدى اللقاءات الصحفية عن استغلال جماعة الإخوان ثورة يناير، قائلا: "جماعة الإخوان تمتلك مشروعا واضحا له خطوات محددة صاغها البنا ولم تغير فيها الجماعة شيئًا، هذا المشروع يستهدف إقامة الدولة الإسلامية التي تطبق الشريعة، ويتم من خلال سبع مراحل تبدأ بإعداد الفرد المسلم وتنتهى بالخلافة وأستاذية العالم؛ ومن ثم فكرة الثورة الشعبية التي تستهدف التغيير بشكل مفاجئ دون تدرج ليست في أدبيات الإخوان، وما حدث في ثورة يناير لم يكن في حسبان الجماعة".


وأضاف "عماد": "وقد كانت الجماعة وقت أن حدثت الثورة لا زالت وفق خطتها فى مرحلة المجتمع الذي كانت تسعى من خلالها إلى نشر بعض الأفكار والقيم حتى يكون المجتمع مهيئا فيما بعد لاختيار الإخوان كبديل للنظام الحاكم ومن ثم تأتي مرحلة الحكومة الإسلامية،  ولكن الأحداث فاجأت الجماعة كما فاجأت الجميع وتغير النظام السياسي وتغيرت المعادلة بشكل كبير وكان على الإخوان التعامل مع الوضع برؤية جديدة".


وتابع: "فى البداية وعندما كانت هناك دعوات لتظاهرات فى يوم 25 يناير كانت الأمور غير واضحة بشكل كبير وكانت الجماعة تترقب ما يحدث، ومن ثم فقد قررت المشاركة بشكل رمزي فى هذا اليوم لحين تتكشف الأمور أكثر فهي من جهة لا تريد الانعزال عن الخط السياسي للمعارضة حينها وفي نفس الوقت لا تريد صداما قد يحدث مع النظام إذا ما فشلت التظاهرات عن إحداث تغيير ما،  ولكن لما تصاعدت وتيرة الأحداث وبدأ يظهر أن هناك ثمة تغيير قد يحدث في الأفق نزلت الجماعة وشاركت بكامل قوتها بداية من يوم 28 يناير وبدأت تسيطر على المشهد وكأنها هي التي دعت للثورة ومهدت لها بما قدمته عبر تاريخها من تضحيات ومعارضة للنظام كما صرح بذلك بعض قياداتها، حتى أن عصام العريان في إحدى اللقاءات التليفزيونية قال إن وائل غنيم وعبد الرحمن منصور القائمين على صفحة خالد سعيد التي دعت للتظاهرات هم من الإخوان.


وتابع: "ما أريد أن اقوله أن الجماعة لم تكن ترى إلا مشروعها الخاص الذي كانت تسعى له قبل الثورة وبعد الثورة لم تندمج ولم تشارك إلا لأنها رأت في ذلك فرصة كبيرة واختصاراً للمراحل التى كانت تضعها الجماعة للوصول لأهدافها، وبالتالي لم يكن هدف الجماعة الحقيقي هو تحقيق الحرية والعدالة الإنسانية التي كانت مطلبا للجميع ولكنها كانت رغم التحامها بالشعب ظاهريا إلا أنها كانت منفصلة عنه شعوريا ولا ترى هدفا إلا حلم إقامة الدولة الإسلامية التي تحكمها الجماعة والتي ساعدت الثورة فى تقريب هذا الحلم".


أضاف "عماد": "ومن هنا نفهم كيف أن الجماعة كانت تتمتع بانتهازية سياسية كبيرة خلال الثورة وبعدها وكانت كثيرا ما تختلف في بعض المسارات عن مطالب باقي القوى السياسية ولم تكن تنظر إلا إلى ما يحقق أهدافها هي لا أهداف الشعب؛ فرأينا كيف انفردت بالاجتماع مع عمر سليمان قبل تنحي مبارك، وكيف حرصت على أن تكون انتخابات البرلمان أولا قبل وضع الدستور، وكيف هاجمت فى مواقف كثيرة مطالب بعض الشباب خلال المرحلة الانتقالية بل وهاجمتهم واتهمتهم بإحداث الفوضى، ورأينا حرصها على الاستحواذ على البرلمان وعلى منصب الرئاسة دون اعتبارٍ لكسر حالة التوافق التي كانت موجودة بين القوى السياسية.. وهكذا كانت اغلب حسابات الجماعة خاطئة؛ فحين رجحت مشروعها على مشروع الوطن، وحين رجحت الحكم على الحرية، كانت هي الخاسر الأكبر من ذلك .


تنحي مبارك والبحث عن المصالح :

بعد تنحي مبارك في الحادي عشر من فبراير/شباط 2011، ارتأى الإخوان منفردين بعد إجراء حوار في 6 فبراير مع نائب الرئيس مبارك، عمر سليمان رغم معارضة القوى السياسية الأخرى، أن يذهبوا إلى الانتخابات التشريعية، وهو ما دفع الإخوان في تأسيس حزبهم السياسي " الحرية والعدالة" لخوض الانتخابات البرلمانية ومن ثم الرئاسية.


وفي هذه الفترة مرت البلاد بالكثير من الأحداث التي تسببت في خلق فجوة بين القوى الثورية وجماعة الإخوان وظهرت الجماعة لتكشف عن وجهها الحقيقي وبخاصة في الأحداث الدامية التي لحقت الثورة. إذ وقعت أحداث مؤلمة، مثل حادثتي محمد محمود، وماسبيرو،كانت أحداث شارع محمد محمود، أو كما سميت بالموجة الثانية لثورة يناير، من أبرز المحطات التي دعمت القطيعة، ووسّعت الفجوة بين القوى الشبابية الثورية وجماعة الإخوان المسلمين.


ففي هذه الفترة كان هناك تحالف قوي وتلاقي مصالح بين التيار الإسلامي، بقيادة جماعة الإخوان المسلمين من جهة والمجلس العسكري من جهة ثانية الذي تولى السلطة بعد تنحي مبارك، تم تتويج هذا التحالف في استفتاء مارس/ آذار 2011 الذي دعم سلطة المجلس العسكري في إدارة البلاد، وأعطى لجماعة الإخوان والتيار الإسلامي الغلبة في آلية كتابة الدستور.


وبناء على ذلك إسطفّ "الإخوان" وحزب النور السلفي في صف المجلس العسكري في أحداث "محمد محمود" وما ترتب عليه، فكرّروا رواية السلطة والمجلس العسكري ووزارة الداخلية في إدانة المتظاهرين والمعتصمين، ووصفهم بالبلطجية والمجرمين والمتسولين، واعتبروا الاشتباكات مؤامرةً تهدف إلى تعطيل الانتخابات البرلمانية المنتظرة.


ودافعت جماعة الإخوان المسلمين، في خطابها الرسمي وغير الرسمي، عن مواقف الجيش والشرطة ضد الثوار، ودافعوا عن اختيار المجلس العسكري "الجنزوري" رئيسا للوزراء، وكرروا خطاب أنصار مبارك وأنصار المجلس العسكري بأن هذه التظاهرات مؤامرة غربية لاستهداف الجيش، عمود الخيمة الوحيد كما كانوا يزعمون وقتها.


ولا مبالغة في القول إن مواقف جماعة الإخوان في أثناء مذبحة شارع محمد محمود عام 2011، ثم سلسلة الأخطاء أثناء عام حكم الرئيس محمد مرسي أديا إلى ما حدث في 30 يونيو/ حزيران 2013، وهو ما أودى بحياة التنظيم بشكل تام بعد ذلك.


وتوالت المواقف والأحداث التي بدأت فيها الجماعة تنحاز بشكل كامل لمصلحتها السياسية لتبدأ رحلتها في البحث عن المناصب والمكاسب السياسية، والتي انتهت بالانتخابات الرئاسية التي خاضتها الجماعة رغم وعودها بعدم تقديم مرشح رئاسي، لتفوز الجماعة بأول انتخابات رئاسية تجرى عقب الثورة في 2012 ولتبدأ وقائع سلسلة جديد من الأحداث التي ساهمت في سقوط الجماعة سياسياً وشعبياً.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 9