حقل "كاريش" النفطي: إسرائيل بدأت التصدير لأوروبا.. ولبنان ينتظر "فرج التنقيب"

زينة أرزوني – بيروت

2023.02.16 - 08:02
Facebook Share
طباعة

من الواضح ان الضغوطات الدولية وتحديداً الأميركية، التي مورِست على للبنان للسير بتوقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، والتمهيد من خلاله لفتح الطريق امامها لتصدير نفطها الى أوروبا، أتت ثمارها بحسب مصادر متابعة، حيث أعلنت شركة إنرجين انطلاق أولى شحنات صادرات النفط الإسرائيلية من حقل كاريش، ما يمثّل لحظة فارقة في انضمام تل أبيب إلى قائمة الدول المصدّرة للنفط.


وجرى تحميل أول شحنة خام خارجية للبلاد يوم الإثنين 13 شباط، من وحدة "إنرجين باور" العائمة للإنتاج والتخزين والتفريغ، وذلك بعد أشهر قليلة من إنتاج حقل كاريش لأول غاز. ويُعد هذا الخام نفطًا خفيفًا جدًا ومكثفات تُستخرج عادةً من آبار الغاز، ما يخلق "تدفقَ دخلٍ منفصل بصفة أساسية عن الإيرادات المشتقة من الغاز"، وفق ما جاء في بيان صحافي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.


وبينما بيعت هذه الشحنة في إطار اتفاقية تسويق البضائع المتعددة مع شركة فيتول، وتمثّل أول مصدر جديد لطاقة شرق المتوسط يصل إلى أوروبا، لا يزال لبنان ينتظر أن تستكمل شركة "توتال" التزاماتها بحفر بئر واحد فقط في البلوك 9، المديرة التنفيذية للمبادرة اللبنانية للنفط والغاز ديانا القيسي، كاشفة ان نسبة العثور على النفط لا تزيد عن 18%.


ولفتت الى أن هناك احتمالا كبيرا ألا تجد شركة "توتال" أي شيء في الحقل بعد الحفر، وفي حال وجدت، عليها الجلوس مع الجانب الإسرائيلي لتناقش معه حصته من العائدات من كل شيء يتم ايجاده تحت الخط 23.


وبينما كاريش يُعد حقل غاز في المقام الأول، فإن نجاح إنتاج النفط الخفيف أمر بالغ الأهمية لاقتصادات مشروع إنرجين، وفقًا لمطلعين على الأمر.


والسعر الذي تحصل عليه شركة إنرجين للغاز الذي تنتجه في كاريش أقل من الأسعار العالمية، لأن إسرائيل سوق معزولة نسبيًا، إلا أنه يمكن شحن النفط الخام دوليًا بوساطة ناقلة. ومن المتوقع أن تقترب إنرجين من السعر العالمي لخامها، الذي سيُعرف باسم مزيج كاريش.


ويجري تخزين السوائل وتفريغها عبر "إنرجين باور"، مع تفريغ الشحنة الأولى بوساطة ناقلة النفط الخام "سيليغر"، حسب ما ذكرته الشركة. إذ شُوهدت ناقلة سيليغر أفراماكس -القادرة على نقل نحو 700 ألف برميل من الخام- على تتبع الأقمار الصناعية بجوار سفينة إنرجين باور في وقت متأخر من مساء الأحد، لكنها أوقفت جهاز التتبع الخاص بها بعد ذلك. كما تمركزت سفينة إطفاء "إي دي تي أورورا" بالقرب من الناقلات بعد ظهر يوم الإثنين الماضي، وفق ما نقلته صحيفة "فايننشال تايمز".


ومع بدء إسرائيل بتصدير نفطها من حقل كاريش، رأت مصادر مطلعة ان لبنان لن يُمنَح القدرة على استخراج الغاز واستثماره إلا عندما تكون قد نضجت اللحظة لخروجه من الأزمة والدخول في التسويات الكبرى، أي ضمن سلّة شروط ستفرضها القوى الدولية والإقليمية التي تتصارع أو تتوافق على أرضه، متسائلة لماذا إذاً أبرم لبنان اتفاق الترسيم ما دام أنه لن يُمنح القدرة على استثمار موارده من الغاز؟.


وبينما يأمل اللبنانيون أن يعزز انضمام قطر للطاقة إلى شركتي إيني الإيطالية وتوتال إنرجي الفرنسية، أن يسهم في تشجيع عودة الاستثمارات العربية والخليجية إلى لبنان، كما يبنون الآمال على نتيجة الحفر في البلوك 9، أشارت المستشارة في المخاطر السياسية والجيوسياسية المتعلقة بقطاع النفط والغاز ‏منى سكرية الى أن نسبة النجاح لا تتخطى 20%، وفي حال اكتشاف مكمن تجاري، فإن عملية التطوير قد تستغرق سنوات طويلة، بحسب تعبيرها.


وعلى الرغم من حاجة لبنان الماسة إلى الإغاثة الاقتصادية والمالية، التي يمكن أن يجلبها قطاع النفط والغاز، هناك تحديات عدة أمام لبنان في الوصول إلى ثروته من الموارد، بحسب مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، التي اشارت الى ان لبنان يتمتع بسجل من الفساد المنهجي والواسع النطاق والمحسوبية السياسية، مما قد يمنع البلاد من التمتع بمكاسب محتملة من عائدات النفط والغاز، لافتة الى ان شبكات المحسوبية تتحكم في التعيينات البيروقراطية، بما في ذلك في وكالات الرقابة وإدارة البترول اللبنانية (LPA)، وهي مؤسسة عامة أنشأتها الحكومة في عام 2012 لتخطيط قطاع النفط البحري في البلاد والإشراف عليه وإدارته.


وتابعت المجلة انه "لحسن الحظ، اتخذ لبنان بعض الخطوات في السنوات الأخيرة لزيادة الشفافية والمساءلة وكذلك للحد من الفساد وسوء الإدارة في الحكومة. منها، تشكيل لجنة وطنية مستقلة مالياً وإدارياً لمكافحة الفساد من قبل الحكومة في عام 2022 للتركيز على التحقيق في انتهاكات الموظفين العموميين للقوانين القائمة، مثل الحق في الوصول إلى المعلومات، وحماية المبلغين عن المخالفات، والإثراء غير المشروع. ولم يتضح بعد مدى فعالية هذه الإجراءات".


وبحسب المجلة، "حتى لو استطاع لبنان توليد ثروة من الموارد، عليه أن يقرر كيفية الحفاظ عليها للأجيال المقبلة. وهذا يمثل التحدي الثاني الكبير للبنان. يتطلب قانون الموارد البترولية البحرية لعام 2010 من بيروت إنشاء صندوق ثروة سيادي.


وحاليا، تدرس لجنة برلمانية أربعة مخططات على الأقل لكيفية القيام بذلك، وتختلف المقترحات من مختلف الأحزاب السياسية في الإعداد والهيكل والسلطة التقديرية والسيطرة على الصندوق السيادي المحتمل.


وتابعت المجلة، "أخيرًا، حتى مع وجود كافة الهياكل الصحيحة لإدارة الثروة النفطية، تُظهر أحدث البيانات المتاحة أن لبنان سيُثقل بضعف قدرة الحكومة المتزايدة. فقد أدت التخفيضات في الميزانية وتآكل الأجور بسبب التضخم المفرط إلى استنزاف الإدارة العامة الضعيفة بالفعل، مما أدى إلى نزوح جماعي من الخدمة المدنية وتغيب عن العمل فيها، الأمر الذي أدى إلى نزوح الأدمغة الناجم عن الهجرة. تبلغ نسبة الشواغر في القطاع العام في لبنان 72 بالمئة. منذ عام 2019، غادر العديد من الموظفين العموميين الذين دربتهم هيئة التخطيط الليبي لتنظيم عملية التنقيب عن الغاز وإنتاجه قطاع النفط". 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 2