سورية.. انتشار المحللون السياسيون و غياب تام للمحللات السياسيات

يانا العلي_سورية_خاص وكالة أنباء آسيا

2023.02.03 - 09:37
Facebook Share
طباعة

 تنتجُ الأزمات والحروب المحللين السياسيين والعسكريين وغيرهم.. وتتنوع الآراء وتختلف وجهات النظر وتتقلب الميول وتكثر التوصيفات. وفي سورية استمر تفاقم الوضع إلى أن أصبح نصف المجتمع وربما أكثر محللين سياسيين!!دون معايير ،دون درجات ربما صدفة يلمع اسم أحدهم دون سابق إنذار، ويخبو اسم آخر رغم الاجتهاد.. لكن الملفت للنظر هو ازدياد أعداد المحلليين السياسيين بعد الحرب بِكثرة.. وفي ذات الوقت غياب تام للمحللة السياسية، حتى صفة محللة لم نَعتاد لفظها.. فماهي الأسباب وراء ذلك؟

بداية وبشكل بديهي يتبادر إلى أذهاننا السؤال التالي: هل السياسية وتحليلاتها في المجتمعات العربية حكرٌ على الرجال فقط؟ أم أن الرجل الشرقي مازال يرفض حتى لو بشكل خفي ومبطن تطور المرأة أو أن تشاركه النجاح والقيادة؟ أم هناك أسباب أُخرى؟

للحديث اكثر عن هذا الموضوع كان لوكالة أنباء آسيا لقاء مع الأستاذ عبدالله منيني أمين سر المؤتمر العام للأحزاب العربية حيث قال: "من اللافت غياب الوجوه النسائية عن مهام التحليل السياسي رغم وجود عدد من الحالات على الساحة العربية، لكنها بالتأكيد غير كافية، ومن خلال المتابعة يمكننا أن نجد رائدات في هذا المجال في بلدان العالم تختص بالتحليل السياسي، وبالتأكيد هناك قراءة يمكن الوقوف عندها لهذه المسألة الهامة، مع الأخذ بعين الاعتبار التباين في هذا الدور بين البلدان العربية. فعدد المحللات في مصر مثلاً مقبول وكذلك لبنان وسوريا مع غياب شبه كامل في باقي الأقطار العربية.

اعتقد أن جذر المشكلة يعود إلى تغييب المرأة اصلاً عن ترأس الأحزاب والحركات السياسية في عالمنا العربي ،عدا عن عدم وجود أولوية لها للتحليل السياسي في شاشاتنا العربية، ففي لبنان ظهرت هذه الصفة بعد الحرب الاهلية. وفي سورية بدأ الاهتمام بالتحليل السياسي بعد الأزمة السورية وبالتالي نحن أمام حالة جديدة لم تمنح للمرأة فرصة خوض غمارها، وفي ذلك تناقض. فالمرأة في سورية تتولى مناصب سياسية هامة من نائب رئيس الجمهورية إلى رئاسة مجلس الشعب ومنهم الوزيرة والمستشارة ورئيسة حزب وغيرها من المهام والصفات الأساسية، واعتقد أن الخلل يكمن في مفهوم التحليل السياسي اولاً والذي يعاني خللاً في التوصيف وفي المهام الوظيفية وهذا أدى إلى احتكار الرجال لهذه المهمة دون إيلاء السيدات أهمية في هذا الشأن أي باختصار نحن أمام خلل بنيوي في مفهوم التحليل السياسي في عالمنا العربي وأهم معالم هذا الخلل هو تغييب السيدات عن التحليل السياسي."

قد تكون على معرفة واسعة في السياسة، ولكن هذا لا يعني أنك أصبحت محللاً سياسياً، فعالم التحليل السياسي، يختلف تماماً عن التحليل في باقي المجالات. فالتحليل السياسي فنّ وعلم وتسلسل أفكار، حيث لا يكفي نقل ما يشاهده المتابع في نشرة الأخبار ليقول بأنه قد حلل الخبر سياسياً، كذلك لا يكفي أن يتناول القضية التي تثير جدلاً على الساحة السياسية من منظوره الشخصي ليقول أنه حللها سياسياً. من هذا المنطلق ومع بداية الحرب على سورية نلاحظ ازدياد عدد المحللين السياسيين بشكل لافت مما خلق فوضى فكرية للمشاهد وتشتت من كثرة الأسماء وتعدد التحليلات وعن هذا الموضوع ايضاً يحدثنا، لوكالة أنباء آسيا الأستاذ عبدالله قائلاً : "فبعد أن اسجل احترامي للجميع إلا أنني أجد أننا أمام مشكلة في تنامي هذه الظاهرة دون الإستناد إلى تعريف واضح للمحلل السياسي ومهمته الوظيفية، وبالتالي أصبح البيكار واسع ليشمل كل من يملك قراءة حتى لو كانت دون مرجعية علمية وتحليلية بشكل منهجي يطلق عليه اسم المحلل السياسي وهذا من إفرازات انتشار الفضائيات دون وجود منهجية واضحة لعملها ورسالتها."

وأضاف منيني : "التحليل السياسي يجب أن يستند على أسس صحيحة ويُبنى على قواعد صلبةٍ مَصدرها المعرفة الحقيقية بعلم السياسة، فالسياسة ليست هواية، كما يحب أن يسميها البعض، بل هي علم قائم بحد ذاته له تاريخه وعراقته وتأصله العميق في جذور التاريخ، وبالتالي لا يجوز أن يجرؤ أياً كان على الخوض في غِمار التحليل السياسي كون التحليل السياسي يجب أن يُبنى على علم ومعرفة دقيقة بعلم السياسة، و كون التحليل يجب أن تُبنى عليه خطط مهمة. وتتخذ بناءً عليه قرارات مصيرية."

وعقب الأستاذ عبدالله :" إن حالة الانتشار الواسع التي نشاهدها في الوطن العربي للتحليل السياسي، وحالة التحدث بكافة الشؤون السياسية الداخلية والخارجية والدولية، تولد آثاراً سلبيةً كبيرةً جداً على الرأي العام. وتظهير الحقائق والتعريف بقضايانا الداخلية والخارجية بطريقة صحيحة بعيدة كل البعد عن التنجيم والتوقع دون امتلاك مفاتيح التحليل."

إذاً التحليل السياسي عالم آخر، يختلف عن عالم الصورة المرئية و النص الظاهر أمامنا ، لأنه في حقيقة الأمر هو يجسد ما وراء الحدث وتداعياته، ومابين السطور . باختصار، الخبر يأتي إليك لكن التحليل السياسي هو ما تبحث عنه أنت، من خلال اختيارك لمحلل سياسي بارع خُلق لهذا المجال بما يملك من خبرات وشهادات وقدرات ومؤهلات.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 4