لبنان يدخل لعبة "التدويل".. تفجير المرفأ وتبييض الأموال!
زينة أرزوني – بيروت
مع اقتراب ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط المقبل، وارتفاع الاصوات المُنادية من كل حد وصوب الى ضرورة تدويل ملف تحقيقات تفجير مرفأ بيروت، يتبادر الى أذهان المواطنين اللبنانيين تساؤلات حول مدى جدية استلام قضاء دولي ومنظمات دولية التحقيقات بملفات لبنانية، وترتكز هذه التساؤلات على النتيجة التي خَلُصت اليها المحكمة الدولية التي استلمت على مدار 13 عاماً التحقيقات في قضية اغتيال الحريري عام 2005، وكلفت لبنان نحو مليار دولار، وفي المُحصلة لم تُعرف الحقيقة حتى اليوم.
ما يتحضر للبنان يفوق الخطورة، نتيجة تُجمع عليها مصادر سياسية وامنية عاصرت جميع الخضات التي عصفت بلبنان قبل الحرب الاهلية وحتى يومنا هذا، مؤكدة ان المرحلة والاجواء التي تتحضر على الارض وخلف الكواليس، تُشبه التحضيرات لنشوب حرب اهلية بهدف استدعاء الخارج الى لبنان واستكمال المخطط القديم الجديد الذي يدعو دائماً الى ضرورة وضع لبنان تحت الوصاية الدولية، معتبرة ان لبنان دخل في لعبة "التدويل"، وخير دليل على ذلك مجيء قضاة من فرنسا والمانيا وبلجيكا للتحقيق في قضايا فساد وتبييض اموال، ودخول قضاة فرنسيين على خط التحقيقات في تفجير مرفأ بيروت، وقبل ذلك الدعوة الى توسيع صلاحيات قوات الطوارىء الدولية، واستخدامها تحت الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة.
في غضون ذلك، ترى المصادر ان الانقسام الحاصل بين اهالي ضحايا تفجير المرفأ، وادخال الملف في التسييس، وازدياد وتيرة التحركات في الشارع تزامناً مع وصول الوفد القضائي الفرنسي، يذكّر بموضوع انشاء المحكمة الدولية الخاصة بقضية اغتيال الحريري، ما ينذر بأن السيناريو نفسه سيعاد في موضوع انفجار مرفأ بيروت، بعد الايحاء من قبل الاهالي والسياسيين الذي يقفون وراء تحركاتهم بأن القضاء اللبناني فشل في الوصول إلى الحقيقة، ويحتاج إلى "وصيّ" خارجي، وهنا تتساءل المصادر عن الهدف من وراء الاستغلال السياسي لتحركات الاهالي، من قبل النواب المشاركين في الاعتصامات والتحركات.
في غضون ذلك، اشار عضو تكتل الجمهورية القوية النائب جورج عقيص، من أمام ثكنة بربر الخازن، حيث يخضع وليام نون للاستجواب مع عدد من الاهالي، الى أن "ما يحصل منذ أيام في قضية انفجار المرفأ جريمة موصوفة في حق العدالة ترتكبها أجهزة تخلّفت عن حماية اللبنانيين من انفجار المرفأ ويرتكبها قضاة عاجزون عن كشف جرائم مالية وغير مالية ونحن سعاة عدالة".
وأكد "أن لجنة تقصي الحقائق الدولية حقّ لن ننساه"، كاشفا "أن وفدا من تكتل الجمهورية القوية سيزور السفارة الأسترالية في هذا الإطار".
بدوره، أشار البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي الى ان "التحقيق الدولي بجريمة المرفأ هو مطلبنا من الأساس"، متسائلاً عن "الصدفة التي شاءت أن تتوقف كل الاقمار الاصطناعية في تلك اللحظة من 4 آب".
المجموعة المطالبة بتدويل قضية المرفأ هي نفسها المجموعة التي طالبت بلجنة تحقيق دولية ابان اغتيال الحريري، وهي نفسها التي تطالب بوضع لبنان تحت الوصاية الدولية بسبب "الفشل" في حل ازماته الاقتصادية، وهي نفسها التي كانت تطالب بتدخل دولي بقيادة واشنطن لتطبيق القرار 1559.
وازاء هذا التخبط، وصلت الى لبنان مراسلة فرنسية تطلب لقاء المعنيين بملف تفجير المرفأ للاستفسار عن معلومات تتعلق بالتحقيق الذي تولاه القاضي طارق البيطار، وتطلب المراسلة تحديد موعد للزوار الأجانب في 24 الجاري للقاء المحامي العام التمييزي صبوح سليمان المكلف من النيابة العامة الإشراف على ملف التحقيقات في المرفأ، للاطلاع على وثائق التحقيق اللبناني.
وتتحدث المراسلة التي وصلت من وزارة الخارجية إلى وزارة العدل عن زيارة لقاضيين فرنسيين أحدهما يدعى نيكولا أوبرتين، مع احتمال أن ينضمّ إليهما خبير جنائي من الشرطة الفرنسية.
الاهتمام الفرنسي بقضية المرفأ بحسب مصادر قضائية، يعود إلى أن للنظر في جريمة قُتل فيها مواطنون فرنسيون، ومن حقها بحسب الاتفاقيات الدولية الحصول على تفاصيل التحقيقات.
في السياق نفسه، تشير المعلومات إلى أن القضاء البريطاني سيصدر في الفترة المقبلة نتائج تحقيقاته بخصوص الباخرة «روسوس» وأصحابها والمسؤولين عن حمولتها من نيترات الأمونيوم التي كانت السبب الأساسي في تفجير المرفأ، وهذا يعني أن تحقيق المرفأ أصبح بدوره مدوّلاً، أسوة بالتحقيقات في ملفات مالية ومصرفية واقتصادية تتعلق بالأزمة الاقتصادية المتواصلة.
هذا "التدويل القضائي" بخصوص الملفات المالية والتحقيق في تفجير المرفأ، يقابلهما تعويل على "تدويل سياسي"، في ملف الانتخابات الرئاسية، وسط قناعة جامعة لدى مختلف القوى اللبنانية على انه لا يوجد حل سياسي إلا من خلال تقاطع مصالح خارجية تفضي إلى إبرام تسوية لانتخاب رئيس لبناني.
