محاكم أمن الدولة في مصر وانتهاكات بالجملة في حق المتهمين

2023.01.13 - 08:13
Facebook Share
طباعة

 مجموعة من الانتهاكات يتعرض لها المتهمون في قضايا أمن الدولة العليا في مصر، ويأتي على رأس تلك الانتهاكات حجب المعلومات عن دفاع المتهمين، وهو ما يعد انتهاك الحق في حرية تداول المعلومات، إذ أن الحصول على المعلومات يعد الوسيلة الأساسية لتمكين المواطنين من الدفاع عن حقوقهم.

وتعاني مصر من غياب تشريع يكفل الحق في تداول المعلومات، رغم ما أقره الدستور المصري في مادته الـــ (68) والتي تنص على :"أن المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة، حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية، وينظم القانون ضوابط الحصول عليها وإتاحتها وسريتها، وقواعد إيداعها وحفظها، والتظلم من رفض إعطائها، كما يحدد عقوبة حجب المعلومات أو إعطاء معلومات مغلوطة عمدًا. وتلتزم مؤسسات الدولة بإيداع الوثائق الرسمية بعد الانتهاء من فترة العمل بها بدار الوثائق القومية، وحمايتها وتأمينها من الضياع أو التلف، وترميمها وترقيمها، بجميع الوسائل والأدوات الحديثة وفقًا للقانون.

وكشف محامٍ حقوقي فضّل عدم ذكر اسمه، أن دفاع المتهمين في قضايا أمن الدولة يواجهون صعوبات في الاطلاع على أوراق القضية والحصول على نسخة منها، بالإضافة إلى إيجاد صعوبة في الحصول على موعد جلسات التجديد وهو ما يجعلنا كمحامين ننتظر ساعات طويلة داخل نيابات أمن الدولة حتى نستطيع الحضور مع المتهمين أثناء الجلسات. بالإضافة إلى صعوبة الانفراد بالمتهم قبل بدء التحقيقات، رغم أن هذا الإجراء من حق المتهم والدفاع.

الأمر الذي أكدته مؤسسة حرية الفكر والتعبير وهي (مؤسسة غير حكومية) في تقرير لها، إذ عددت الصعوبات التي يواجهها محاميها المتولون الدفاع عن عشرات المتهمين في قضايا الرأي أمام نيابة أمن الدولة العليا، حيث تمثلت الصعوبات في:" عدم السماح لهم بالاطلاع على أوراق القضايا، أو التواصل مع المتهمين قبل بداية التحقيقات، بالإضافة إلى غياب المعلومات حول موعد جلسات التحقيق، ما يجعل حضور التحقيق مع موكليهم مرتبطًا بتواجد المحامين المستمر في مقرات النيابة".

بالإضافة إلى عوائق تمنع المحامي من الاطلاع على كافة أوراق التحقيقات، سواء أثناء حضور التحقيق الأول مع المتهم، أو أثناء جلسات التحقيق التكميلية. وتشمل أوراق التحقيقات: محاضر الضبط، أقوال المتهم نفسه، أقوال الشهود أو متهمين آخرين في القضية، محاضر تحريات الأمن الوطني، أو أي تقارير فنية معدة في القضية، أو أي تقارير طبية عن حالة المتهم نتجت من طلب النيابة الكشف الطبى على المتهم أو عرض المتهم على جهات (الطب الشرعي – مستشفى السجن) لبيان الإصابات أو الحالة الصحية التي يمر بها المتهم.

يأتي هذا بالمخالفة للمادة (84) من قانون الإجراءات الجنائية التي أكدت حق المتهم في تصوير أوراق القضية حيث نصت على “للمتهم والمجني عليه والمدعي بالحقوق المدنية والمسؤول عنها أن يطلبوا على نفقتهم أثناء التحقيق صورًا من الأوراق أيًّا كان نوعها، إلا إذا كان التحقيق حاصلًا بغير حضورهم بناء على قرار صادر بذلك”.

كما  أكدت المادة (125) من قانون الإجراءات الجنائية على حق محامي المتهم في الاطلاع على التحقيقات، حيث نصت على: “يجب السماح للمحامي بالاطلاع على التحقيق في اليوم السابق على الاستجواب أو المواجهة ما لم يقرر القاضي غير ذلك، وفي جميع الأحوال لا يجوز الفصل بين المتهم ومحاميه الحاضر معه أثناء التحقيق”.

كما أوضحت المؤسسة أن محاميها يعاني من حضور المناقشة المبدئية التي ينفرد فيها وكيل النيابة بالمتهم قبل بدء التحقيق الفعلي، وهي من الإجراءات غير القانونية التي تتخذها نيابة أمن الدولة العليا للتحكم في مسار التحقيق.

فضلا عن منع  المتهم قبل بدء التحقيقات من القيام بالتواصل مع محاميه أو مطالبة النيابة بالاتصال به لحضور التحقيق معه والدفاع عنه. وتمنع نيابة أمن الدولة العليا المحامي من الانفراد بالمتهم قبل بداية التحقيقات، والحصول منه على المعلومات اللازمة حول وضعه والإجراءات التي تمت معه، ومن شرح توجهات الدفاع القانوني، قبل أن تقوم النيابة بدورها بسؤال المتهم ومواجهته بالاتهامات والوقائع الموجودة بالتحريات.

وكشفت تقارير حقوقية أن نيابة أمن الدولة العليا في مصر تفرض السرية على مكان احتجاز المتهم، ولا يتم معرفة مكان الاحتجاز إلا من خلال المتهم نفسه بعد نقله، أو بتكرار السؤال في قطاع الحماية المجتمعية التابع لوزارة الداخلية.

وكشفت مؤسسة حرية الفكر والتعبير عن  تعمد نيابة أمن الدولة العليا إخفاء ماهية الاتهامات، تحديدًا التي يواجهها المتهم، والوقائع التي ارتكبها، والنصوص العقابية التي تستند إليها التحقيقات.

بالإضافة إلى غياب المعلومات حول جلسات التحقيق، ما يجعل حضور التحقيق مع موكليهم مرتبطًا بالتواجد المستمر في مقر نيابة أمن الدولة العليا، وليس الإخطار بعرض المتهم على جلسة أول تحقيق.

واستعانت مؤسسة حرية الفكر والتعبير بالقضية رقم 1356 لسنة 2019 حصر أمن دولة، والتي يواجه فيها الناشط علاء عبد الفتاح والمحامي محمد الباقر وأكسجين، نفس الاتهام بنشر أخبار كاذبة، وذلك على الرغم من اختلاف ظروف القبض عليهم.

وقالت المؤسسة إن المتهمين ومحاميهم، خلال فترة التحقيق مع الثلاثة، والتي قاربت السنتين، لم يتمكنوا من الاطلاع أو تصوير أي من أوراق القضية ولم يتمكن المحامون من معرفة إجراءات التحقيق بل إن محامي أكسجين لم يتمكن من حضور جلسة التحقيق الأولى معه أصلًا، ما تسبب في عجز المحامي عن تقديم أي دفاع قانوني جاد عن المتهمين.

ويرى المحامي ياسر سعد أن تمكين المحبوس احتياطيا من الاستعانة بمحامٍ وحقه في الاتصال معه دائما، يجسد الحق في الدفاع الذي يتصدر ضمانات التقاضي والمحاكمة العادلة.

وأوضح أن الغرض الرئيسي من وضع هذه الضمانة هو إتاحة الفرصة لدفاع المتهم لترتيب الدفاع اللازم، وإعداد أدلة النفي بكافة أنواعها، وتفنيد ما تتقدم به سلطة التحقيق من أدلة الإثبات والرد عليها.

وأضاف تهدر تلك الضمانة كغيرها من الضمانات من قبل نيابة أمن الدولة في الكثير من القضايا التي تعرض أمامها فتقوم بإجراء أولى جلسات التحقيق مع المتهمين دون حضور محاميه أو حتى أن تقوم بندب أحد المحامين إعمالا لنص المادة 12 من قانون الإجراءات الجنائية ومن القضايا التي أهدر بها تلك الضمانة.

وفي السياق أوضح أحد المحامين الذي فضل عدم ذكر اسمه، أنه يجب على السلطات المختصة أن تضمن للمحامين إمكانية الاطلاع على المعلومات والملفات والوثائق المناسبة التي هي في حوزتها أو تحت تصرفها، وذلك لفترة تكفي لتمكينهم من تقديم مساعدة قانونية فعالة لموكليهم، وفقا للمادة 21 من المبادئ الاساسية بشأن دور المحامين.

وأضاف أن الحق في التسهيلات الكافية لإعداد الدفاع  يشكل ضمانة أساسية من ضمانات المحاكمة العادلة الواجب توافرها، كما يشكل هذا الحق جانبا مهما من جوانب التكافؤ اللازم توافرها بين الادعاء والدفاع، وضامنا أساسيا للمساواة بينهم، ليتمكن كل طرف على قدم المساواة من الاعدادات اللازمة قبل طرح القضية على هيئة المحكمة.

وكفل الدستور والمواثيق والمعاهدات الدولية والقانون افتراض قرينة البراءة في المتهمين. حيث نص الدستور المصري في مادته رقم 96 على أن ” المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة، تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه. وينظم القانون استئناف الأحكام الصادرة في الجنايات.”

كما نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فى مادته رقم 11 على “كلُّ شخص متَّهم بجريمة يُعتبَر بريئًا إلى أن يثبت ارتكابُه لها قانونًا في محاكمة علنية تكون قد وُفِّرت له فيها جميعُ الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه“.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 8