لماذا أثار طلاق هالة صدقي للمرة الثانية أوجاع المسيحيات في مصر ؟

2022.11.22 - 07:24
Facebook Share
طباعة

آثار طلاق الفنانة المصرية هالة صدقي حالة من الجدل على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك الجدل، إذ تساءل العديد من النشطاء والناشطات عن أسباب تطليق المحكمة للفنانة المصرية في الوقت الذي يعاني منه المسيحيين بسبب أزمة طلاقهن في مصر.
وكشفت الفنانة هالة صدقي أن طلاقها الذي تم مؤخرا كان وفقا للشريعة الإسلامية، وذلك بعد قيام طليقها بتغيير ملته. وقالت في تصريحات صحفية: "حاولت إتمام طلاقي بكل الوسائل وحتى تغيير ملتي فشلت فيه، لكن الطلاق تم في النهاية بعد قيام طليقي بتغيير ملته".
ورغم تصريحات الفنانة المصرية، إلا أن حالة الجدل لم تهدأ إذا أعاد طلاقها الحديث عن ضرورة تيسير أمور الطلاق للمسيحيين في مصر والتي تزايدت تعقيدا خلال السنوات الماضية وتحديدا منذ إقرار لائحة 2008 والتي أقرها البابا شنودة، والتي تتضمن شروط الطلاق.
وتعتبر هذه المرة الثانية التي تحصل فيها الفنانة المصرية على الطلاق، وهو ما لا يتماشى مع التعقيدات والتعنت الذي يمارسه رجال الأكليروس على أغلب المسيحيين والمسيحيات الذين يرغبون في الطلاق.
وحصلت الفنانة المصرية على الطلاق في المرة الأولى عام 2000 من رجل الأعمال المصري مجدي وليم، بعد مشوار طويل في المحاكم المصرية بسبب الرفض الكنسي لتطليقها، وانتهت جميع محاولات الفنانة المصرية بالرفض، وهو ما دفعها في النهاية لتغيير ملتها من القبطية الأرثوذكسية إلى السريانية الأرثوذكسية، وهي الثغرة التي أنهت مشكلتها الطويلة. فبُحكم القانون المصري، حالَ اختلاف الزوجين في المِلة الدينية يخضعان لحُكم الشريعة الإسلامية، حتى لو كانا مسيحيين.
وبعد سنوات استطاعت الحصول على موافقة الكنيسة الأرثوذكسية المصرية التي كان يترأسها البابا شنودة الثالث حينها، للزواج للمرة الثانية، بعدما جاءت بأربعة شهود وأثبتت في محضر رسمي عقد في المجلس الأكليريكى بالكنيسة المصرية، وهو المجلس المعني بقضايا الأحوال الشخصية للأقباط، أن زوجها السابق ارتكب واقعة الزنا.
 
 
لماذا هذا الجدل؟
ترى نفين عبيد رئيس مؤسسة المرأة الجديدة، أن طلاق الفنانة المصرية هالة صدقي تحديدا به جزأين، الأول أن طلاقها بهذه السرعة حدث وفقا لمنظور منطق طبقي لأنها ممثلة معروفة، أما الجزء الآخر يتعلق  بأن هناك بعض ملامح تيسير مسألة التطليق من قبل الكنيسة المصرية، وأن الأمر بدأ هناك بعض التساهل من الكنيسة، نظرا لتزايد أزمة المسيحيين في موضوع الطلاق، والأزمة ناتجة عن تمسك الكنيسة بسبب الطلاق وحصره في " علة الزنا". وأشارت إلى وجود بعض الأصوات الاحتجاجية على هذا التضييق إذ طالبوا بضرورة الزواج المدني للمسيحيين.
من جانبها قالت الناشطة النسوية إلهام عيداروس، مبروك للفنانة هالة صدقي ولأي مواطن يريد أن يعيش حياته بحريته، فالحق في تكوين أسرة حق دستوري وإنساني لكل انسان ويتضمن الحق في الزواج والحق في الطلاق، لكن المسألة ان قضية الفنانة المصرية فرصة لإلقاء الضوء على معاناة ملايين الستات والرجال المسيحيين في مصر المحرومين من حقوقهم الطبيعية في الزواج والطلاق.
وأوضحت الناشطة النسوية أنه قبل عام 2008 كان المسيحيين يحصلون على أحكام الطلاق في المحاكم وفقا لأسباب الطلاق الــ9 الواردة في لائحة 38، والتي كانت تتضمن استحالة العشرة وتغير الملة بالإضافة إلى الزنا وأسباب أخرى، وقبل 2008 كان المسيحيين يحصلون على أحكام الطلاق ويذهبون إلى الكنيسة للحصول على شهادة خلو الموانع للزواج الثاني لكن الكنيسة كانت أحيانا ترفض وأحيانا تقبل وفقا لتعليمات البابا شنودة، وبالتالي كان هناك أحكام طلاق معطلة.
بعد 2008 ومع تعديل لائحة 38 وإصدار اللائحة الجديدة بدون حوار مجتمعي مع المسيحيين والمتضررين، أصبحت المعاناة مضاعفة، إذ حصرت الكنيسة أسباب الطلاق في " الزنا" فقط، وأصبحت المحاكم تطبق لائحة 2008، فالأزمة تضاعفت إذ تراجعت إصدار أحكام الطلاق.
 
 
لائحة 38 وطلاق المسيحيين:
لم تكن أزمة المسيحيين في الطلاق منذ الأمس، بل تعود لسنوات طويلة،  ففي مارس/آذار عام 1883م، أمر الخديوِي محمد توفيق بتشكيل المجلس الملّي الذي حدّدت لائحته التنفيذية اختصاصات مجلس الأقباط الأرثوذكس العمومي، والذي عُرف بِاسم "المجلس الملي العام"، وكان من ضمن اختصاصها نظر الأحوال الشخصية للأقباط.
وفي مايو/آيار  سنة 1938م، أعد المجلس الملّي لائحة خاصة بالأحوال الشخصية اعتمدت بشكلٍ كبير على كتاب "الخلاصة القانونية في الأحوال الشخصية" الذي كتبه فيلوثاوس عوض رئيس الكنسية المرقسية بالأزبكية.
ونصّت تلك اللائحة على 9 أسباب تتيح الطلاق، هي: "الزنا"، الخروج عن الدين المسيحي، الغياب لـ7 سنوات متتالية، السجن، الجنون المطبق أو المرض الذي يُجبر صاحبه على إيذاء الآخرين، الاعتداء الجسدي، فساد الأخلاق والانغماس في الرذيلة، إساءة المعاشرة والإخلال بالواجبات، الرهبنة.
ونصّت المادة 69 من اللائحة على أنه "يجوز لكل من الزوجين بعد الحكم بالطلاق أن يتزوج من شخص آخر، إلا إذا نص الحكم على حرمان أحدهما أو كليهما من الزواج. وفي هذه الحالة لا يجوز لمن قضى بحرمانه أن يتزوج إلا بتصريح من المجلس".
وفي عام 1955 إنتقلت قضايا الأحوال الشخصية للمسيحيين إلى المحاكم المدنية والتي كانت تحكم بالطلاق طبقا لنفس اللائحة، على أن يعود الحاصل على الحكم القضائي للكنيسة للحصول على تصريح زواج مرة أخرى.
وظلت الأمور تسير على نفس النمط حتى عام 2008، عندما أدخلت تعديلات على لائحة 1938 وحصرت أسباب الطلاق في "علة الزنا" وتغير الملة فقط، وهو ما جعل المحاكم تحكم بالطلاق بالشريعة الإسلامية حسب القانون المتبع، لكن في هذه الحالة يكون هناك أزمة في الحصول على تصاريح للزواج مرة أخرى.
 
 
ماري واحدة ضمن الآلاف:
وتعتبر هالة صدقي ليست الحالة الأولى التي تثير الجدل عن أزمة طلاق المسيحيين في مصر، فقبل أشهر انتشر مقطع فيديو على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك لمواطنة مصرية ( ماري مجدي) أثناء اعتداء زوجها بالضرب عليها باستخدام عصا غليظة، ورغم معاناتها كشفت ماري أنها لا تستطيع الحصول على الطلاق بسبب حصر أسباب الطلاق للمسيحيين في سببين فقط ( الزنا وتغيير).
الأمر نفسه الذي أقره النائب إيهاب رمزي، عضو مجلس النواب، إذ أكد على أن القانون الحالي لا يسمح بالطلاق لمن تتعرض من المسيحيات للعنف من زوجها، قائلا: «شريعة الأقباط الأرثوذكس لا تسمح بالتطليق، ولا يجوز للسيدة المعنفة التطليق، والسبب الوحيد للطلاق هو الزنا سواء كان زنى فعلياً أو زنى حكمياً".

ولفت عضو مجلس النواب إلى أن هناك مشروع أحوال شخصية للمسيحين معدا ومن المفترض مناقشته قريبا في مجلس النواب، يسمح بحالات الطلاق للضرر وحالات الطلاق للفرقة، وهو محل إجماع من الطوائف المسيحية. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 8