رياح الأوضاع الاقتصادية تعصف بالطبقة المتوسطة في مصر

كتبت: شيماء حمدي

2022.09.17 - 09:37
Facebook Share
طباعة

 ألقت الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر بظلالها على كافة طبقات المجتمع، ويبدو أن الكثير من عائلات الطبقة المتوسطة يترنحون بين الاستمرار في هذه الطبقة والانحدار إلى الطبقة الفقيرة وخاصة مع ارتفاع الأسعار الذي شهدته مصر خلال الأشهر الماضية.
فقد أقدمت بعض الأسر على استبدال بعض السلع بأخرى ووصل الأمر إلى الاستغناء عن أخرى التي اعتادت عليها في محاولة لمواكبة الأزمة والتعايش.
والطبقة المتوسطة فئة تقع في وسط الهرم الاجتماعي. وبحسب اصطلاح عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر فإنها الطبقة التي تأتي اقتصادياً واجتماعياً بين الطبقة العاملة أو البسطاء والطبقة الغنية أو الأثرياء.
محمد حسنين شاب ثلاثيني متزوج ولديه طفل في الرابعة من عمره يقول:" أثرت الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد تأثيرا سلبيا ناتج عن ارتفاع أسعار معظم السلع مع ثبات الأجور وبالتالي نحن كطبقة متوسطة اضطررنا للمفاضلة بين الأشياء والبحث عن السلع الأقل سعراً حتى لو بجودة أقل أو الاستغناء عنها إذا لزم الأمر".
وأضاف الشاب الثلاثيني الذي يعمل في مجال الملابس الجاهزة" راتبي يقارب الــ7000 آلاف جنيها ورغم ذلك أشعر بصعوبة في تدبير الكثير من الاحتياجات والمتطلبات الشهرية وخاصة مع زيادة الأسعار خلال الأشهر الماضية والتي من المنتظر أن تزداد خلال الأشهر القليلة المقبلة".
وتابع:" اضطررت للاستغناء عن فكرة شراء السلع والمنتجات المستوردة أو ذو جودة عالية بأخرى محلية بسبب فارق السعر، كما لجأت لتحديد حد أقصى لشحن الهاتف المحمول واستهلاك الكهرباء والانترنت".
لم تختلف كثيرا الإجراءات التي لجأ إليها حسنين عن التي لجأت إليها السيدة حياة مخلص لمواكبة الأزمة، حيث تقول: "تغاضيت عن أشياء كثيرة كنت أعتبرها في الماضي من الأساسيات، وهنا لا أذكر رفاهيات من التنزه والسفر وإنما أتحدث عن الأكل والشرب والتعليم والذهاب إلى الأطباء وقت المرض".
وتضيف السيدة الخمسينية:" بسبب ارتفاع الأسعار عموما ومن بينها أسعار الكشف والأدوية لدى الأطباء أصبحت أتحمل الكثير من الآلام ولا أذهب إلى الطبيب إلا في أصعب الظروف، إلى جانب ذلك لجأت إلى السير على الأقدام في المسافات القريبة والمتوسطة بدلا من اتخاذ وسائل النقل في محاولة لتوفير الأموال التي تنفق في هذا البند واستغلالها في أشياء اخرى".
وتتابع:" حتى الطعام أصبحت أكثر حرصا على مفاضلة الأنواع الأقل سعرا حتى أقلل من النفقات الشهرية".
تنهي حياة مخلص حديثها وهي تتساءل" عما سيحدث في المستقبل القريب وعن قدرتها وأسرتها على تحمل هذا العبء".
يوضح مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، محمد فايز فرحات، في مقال عنوانه "هل تراجع حجم الطبقة الوسطى في مصر؟" إن قياس حجم وحالة الطبقة الوسطى لا يمكن اختزاله في متغير الدخل، سواء الاسمي أو الحقيقي، إذ لا بد من الأخذ في الاعتبار مجموعة مركبة من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للوقوف على تقدير حقيقي لحجم هذه الطبقة، وهو ما يجعل الوصول إلى هذا التقدير مسألة شديدة الصعوبة والتعقيد.
ويشير فرحات إلى أهمية وضع حجم طموحات شرائح هذه الطبقة في الحسبان، وهو ما يزيد من احتمالات شعورها بالإحباط وعدم الرضا على الرغم من تحسن أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية. فالكلفة المادية للطموحات والتوقعات مثل تعليم الأبناء والرعاية الصحية والضمان الاجتماعي والترفيه تكون عادة أعلى من حجم دخل الأسرة، وهو ما يزيد شعورها بتدهور أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية.
من جانبه يرى محمد شيرين المتخصص في الملف الاقتصادي أن الطبقة المتوسطة تنقسم لقسمين الأولى الطبقة العليا المتوسطة التي أصبحت في انحدار ويشكلون الطبقة المتوسطة السابقة، وهذه الطبقة رفيعة جدا بطابعها وقليلة ومتمركزة في المدن الكبرى (القاهرة - الأسكندرية- بعض محافظات الدلتا) ولكنها ليست منتشرة على نطاق جغرافي واسع، أما الطبقة المتوسطة العادية هناك قطاعات منها مازالت متماسكة وقادرة على مجارية الأسعار وأقصد بهذه الطبقة ممن يعملون في المهن الحرة والتجارة، أما قطاع الموظفين بشكل عام فقد أصبحوا ينزلقون وينحدرون إلى أسفل بسبب الضغط الاقتصادي وهؤلاء الأكثر انتشارا على المستوى الجغرافي.
وأضاف شيرين:" هناك تغيير في تركيبة الطبقات الاجتماعية في مصر بفعل الأوضاع الاقتصادية، لكن رغم ذلك التغيير مازال في البداية ومع بداية الربع الأول من العام الجديد سيزداد الفارق بين الطبقات وسيكون هناك انهيار كبير في الطبقة المتوسطة العادية بسبب ارتفاع الأسعار والإجراءات الاقتصادية".
ويواصل الجنيه المصري تراجعه أمام الدولار الأمريكي ليتخطى حاجز الــ 19جنيها للدولار الواحد في انخفاض هو الأسوأ منذ خمس سنوات، وذلك بعد مطالبة صندوق النقد الدولي الحكومة المصرية بإجراء إصلاحات اقتصادية وهيكلية "حاسمة وفورية".
وهو ما ينعكس على أسعار السلع في مصر باعتبارها دولة تعتمد على الاستيراد لتلبية احتياجاتها من الغذاء والطاقة والتكنولوجيا الحديثة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 7