بريطانيا تسعى لتنظيم عمليات ترحيل إلى كردستان العراق

2022.05.31 - 09:13
Facebook Share
طباعة

 بعد أن كان من المفترض أن تنطلق اليوم الثلاثاء طائرة تحمل 30 طالب لجوء مرحّلين من المملكة المتحدة إلى كردستان العراق، علّقت السلطات قرار الترحيل المثير للجدل، وأُلغيت الطائرة قبل ساعات قليلة فقط على موعد التحليق. ورغم تصنيف المملكة المتحدة العراق كدولة خطرة، إلا أنها باتت تعتبرها مكانا يمكن ترحيل الأكراد إليه (الذين ليست لديهم إقامات سارية).

بعد أن قررت المملكة المتحدة تسيير رحلات جوية لترحيل طالبي اللجوء الأكراد المرفوضين إلى كردستان العراق، علّقت السلطات البريطانية عملية الترحيل، قبل ساعات قليلة من انطلاق الرحلة الأولى التي كانت من المفترض أن تحلق إلى مطار أربيل اليوم الثلاثاء 31 أيار/مايو، وعلى متنها 30 كرديا عراقيا.

ورغم أن تعليق عملية ترحيل كبيرة كهذه في اللحظات الأخيرة هو أمر نادر الحدوث، إلا أن السلطات البريطانية لم تقدم توضيحات حول هذا التغيير المفاجئ.

لكن صحيفة "الغارديان" البريطانية قالت إن القرار يعود على الأرجح إلى أسباب تتعلق بـ"السلامة". ونقلت عن متحدث باسم وزارة الداخلية إن الحكومة لا تستطيع التعليق على ذلك "لأسباب تشغيلية". فيما اعتبرت الناشطة بيلا سانكي، مديرة منظمة "Detention Action"، أن ذلك يكشف "فشل" وزيرة الداخلية بريتي باتيل "في احترام الحقوق الأساسية للأشخاص أو حتى إظهار الكفاءة الأساسية في الدبلوماسية الدولية".

وتسعى المملكة المتحدة لترحيل الأكراد إلى العراق، رغم أن لندن تصنف العراق "كمنطقة حمراء"، كما أن وزارة الخارجية تنصح رعاياها بعدم السفر إلى كافة المدن العراقية، بما يتضمن مناطق كردستان العراق.

وفقا لتوصيات السفر المنشورة على الموقع الرسمي، تعتبر السلطات أن العراق ليست فعلا آمنة، إذ "لا يزال من المرجح أن يحاول الإرهابيون تنفيذ هجمات في العراق". وذكرت أيضا أنه "هناك خطر كبير من الاختطاف في جميع أنحاء البلاد، من قبل كل من داعش والجماعات الإرهابية والمتشددة الأخرى، والتي يمكن أن تكون مدفوعة بالإجرام أو الإرهاب".

في محاولة للوقوف بوجه القرار الأخير، خرجت أمس الإثنين مظاهرات في العاصمة لندن للتنديد بالقرار الأخير، مشددة على أن ذلك يعرض حياة الكثيرين للخطر، مطالبين بإيقاف عمليات الترحيل "العنصرية" بحسب وصفهم.

 وتحدثت ابنة أحد الرجال الأكراد الصادر بحقهم قرار ترحيل قائلة إن والدها مضى على وجوده في المملكة المتحدة 21 عاما، "السلطات وضعت والدي في مركز الترحيل... هو يشعر بالبؤس... لماذا سترحّلون والدي إلى مكان لا يشعر فيه بالأمان؟".

وقالت منظمة "detention action" إنها كانت على اتصال مع حوالي 11 كرديا مضى على وجودهم في المملكة المتحدة أعوام طويلة، ولديهم أطفال أو حتى أحفاد حاصلين على الجنسية البريطانية.

وكانت السلطات وضعت هؤلاء الأشخاص الصادر بحقهم قرار ترحيل، في مركز احتجاز "بروك هاوس" تجهيزا لوضعهم على متن الطائرة المتجهة إلى مطار أربيل. واشتكت المنظمات من أن الكثير من المحتجزين هناك لم يكن لديهم القدرة على الحصول على مساعدة قانونية.

وأطلقت المنظمات المحلية نداءات للحكومة من أجل إلغاء قرار الترحيل إلى العراق، لا سيما وأنه لم يكن هناك عمليات ترحيل مماثلة إلى هذا البلد خلال العشر سنوات الماضية. ونقل الناشطون رسالة وجهها الأكراد من داخل مركز الاحتجاز يطالبون بها بحمايتهم، "لا أحد منا يريد المغادرة"، مشيرين إلى أن الترحيل سيؤدي إلى "تدمير" عائلاتهم.

يتطلب بشكل عام ترحيل الأشخاص إلى دولتهم الأم، اتفاق بين الدولة التي تصدر قرارت الترحيل والدولة المُرحّل إليها، أي أن المملكة المتحدة لا تستطيع ترحيل أي شخص إلى بلده دون الحصول على موافقة الأخير. وذلك يعني أن الحكومة العراقية وسلطات كردستان العراق وافقوا على استقبال طالبي اللجوء المرحّلين من المملكة المتحدة، رغم أنه لم يُعلن عن ذلك بشكل صريح.

في 6 نيسان/أبريل الماضي، وجه وزير العدل والتصدي للهجرة غير الشرعية البريطاني توم بيرسجلوف رسالة إلى وكيل وزارة الخارجية العراقية نزار الخيرالله، عبّر فيها عن "امتنانه" للتوصل إلى اتفاق حول إعادة الأشخاص المرحّلين "على متن رحلات جوية مباشرة إلى إقليم كردستان - وهذا سيمكن من العودة السلسة للأكراد العراقيين، الذين يشكلون عددا كبيرا من العراقيين في المملكة المتحدة".

ولن تكون عمليات الترحيل ممكنة دون التنسيق مع الحكومة المركزية في بغداد، إذ جاء في رسالة الوزير البريطانية "نشكرك أيضا على موافقتك على تقديم المساعدة الوثائقية التي ستساعد في التغلب على أي عقبات عبور في بغداد".

وفي آخر تحديث منشور على موقع الحكومة الرسمي بتاريخ 26 أيار/مايو الجاري، تعتبر المملكة المتحدة أنه "يمكن الآن إعادة طالبي اللجوء الذين رُفضت طلباتهم والمذنبين الأجانب إلى أي مطار في العراق الفيدرالي وإقليم كردستان العراق".

وقال متحدث باسم وزارة الداخلية البريطانية "نحن لا نقدم أي اعتذار عن إبعاد المجرمين الأجانب وأولئك الذين ليس لديهم الحق في البقاء في المملكة المتحدة"، موضحا "تتم إعادة الأفراد فقط عندما ترى وزارة الداخلية والمحاكم، عند الاقتضاء، أنه من الآمن القيام بذلك".

القرار الأخير يبدو جزءا من سياسة الهجرة المتشددة التي تنتهجها المملكة المتحدة، لا سيما بعد إعلانها عن الاتفاق المثير للجدل مع رواندا بهدف ترحيل الوافدين الجدد إلى الدولة الأفريقية الواقعة شرق أفريقيا.

وفي تقرير جديد نشرته منظمة "العفو الدولية" حول التأخير الكبير في إصدار قرارات الرد على طالبي اللجوء، معتبرة أن ذلك يعود بالدرجة الأولى إلى "القيادة الكارثية" لوزيرة الداخلية بريتي باتيل. ورأت منظمات غير حكومية أن "المماطلة" بالبت في طلبات اللجوء قد يكون جزءا من خطة الحكومة لمكافحة الهجرة.


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 6