استثمار السوريين في الإمارات، حبلُ نجاة أم غرقٌ ؟

طلال بيرم- دبي - خاص وكالة أنباء آسيا

2022.05.13 - 07:53
Facebook Share
طباعة

 يستمر السوريون بالبحث عن طرق عديدة للخروج من الواقع المرير الذي يعيشون فيه من غلاءٍ معيشي وصعوبة في التأقلم مع المتغيرات الاقتصادية اليوميّة التي يعانون منها. ويلجأ الكثير منهم إلى دق أبواب الهجرة والسفر، وخاصة من محدودي ومتوسطي الدخل.


ومع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد بالإضافة للعوائق الكبيرة التي تفرضها بعض المؤسسات في البلاد على التجار وأصحاب المهن والمحال التجاريّة مما فرض عليهم خسارات كبيرة بعضها وصل حد الإفلاس نظراً للغرامات الكبيرة التي يتعرضون لها، بدأ التجار وأصحاب رؤوس الهروب بأموالهم والخروج بتجارتهم للخارج ظناً منهم أنّها ستكون ضمن بيئةٍ أفضل وأكثر أماناً واستقراراً وأرباحاً بعد إغلاق أعمالهم داخل سوريا. وتوجه أغلبهم بشركاتهم وأموالهم إلى عدة دول عربية منها الإمارات العربية المتحدة ومصر ودول أخرى.


وفي دولة الإمارات العربية المتحدة حيث كانت وجهة لنسبة كبيرة من التجار السوريين، تفاجئوا بالمبالغ الضخمة التي فرضت عليهم، بالإضافة لبعض القيود البنكية المفروضة عليهم نظراً لجنسيتهم التي يحملونها لا أكثر.


ويتحدث أحد التجار السوريين عن تجربته في الانتقال إلى دولة الإمارات بعد أكثر من ثلاثين عام من التجارة داخل سوريا يقول "جئت إلى الإمارات بعد عمليات التضييق الكثيرة التي أصبحنا نتعرض لها في بلادنا من التموين والجمارك بالإضافة لجهات أخرى تسعى للتدخل بكل أعمالنا وأرباحنا تصل حد الشراكة بالإضافة إلى وقف الاستيراد".


ويتابع "في بداية الأمر كنت أعتقد بأن المجال أمامي مفتوح للعمل والدخول بالسوق نظراً للهالة الإعلامية المحيطة بدولة الإمارات، ظنّاً منّي أن كل ماعليّا القيام به هو البدء باستصدار التراخيص واستيراد البضائع التي أعمل بها لأبدأ بطرحها في السوق والعمل، ولكن مع الخطوات الأولى تفاجأت بكمية المبالغ التي يجب أن أدفعها للحصول على رخصة افتتاح شركة أو مكتب أو حتى محل تجاري".


وأضاف "هذه المبالغ التي احتجتها للترخيص من الممكن أن تكون بالنسبة لمواطن إماراتي مبالغ مقبولة نظراً للدخل الكبير والتسهيلات المقدمة له من بلاده، بينما بالنسبة لي وعند مقارنتها بالعملة السورية أكون قد بدأت بدفع مبالغ تكفي لافتتاح محل في سوريا مع بضائعه، فمثلاً ترخيص محل تجاري واستكمال جميع أوراقه يصل مقارنةً بالليرة السورية إلى مايتراوح بين الـ 30 والـ 40 مليون ليرة سورية كحد وسطي بدون تكاليف ورسوم الأجار الباهظة أيضاً".


وأكمل "بالرغم من كل المبالغ الضخمة إلّا أنني بدأت بالعمل وقررت الانطلاق على اعتبار أنَّه حتى لو كانت التكاليف مرتفعة إلّا أنَّ المبيع سيكون متوفر وسأستطيع خلال سنتين كأكثر تقدير بتحصيل الأرباح، وعلى اعتبار أن الإمارات بلد تواكب التكنولوجيا أول بأول فإنَّ المبيع على وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع التجارية هو جزء لا يتجزأ من أي تجارة، وهنا بدأت المشاكل بالظهور حيث أنني كتاجر وصاحب رأس مال لا يمكنني الاستفادة من هذا النوع من التجارة لأنني لا أملك حساب بنكي وبسبب جنسيتي السورية هناك قيود كبيرة على افتتاح حساب بنكي وإن هذه الخطوة لا يمكن أن تحدث قبل ستة أشهر من ترخيص الشركة".


وأوضح التاجر "خسارتي الآن أصبحت كبيرة جداً نظراً للمبالغ الكبيرة التي قمت بدفعها مابين إيجار منزل ومحلات وتراخيص وكل هذا لأنني في بلدي كنت أعمل ولديَّ عدد كبير من الموظفين إلّا أنّه هناك من أراد أن يقاسمنا على رزقنا بطرق غير شرعية ولكن تم شرعنتها بعدة حجج وصل بعضها إلى إمكانية إغلاق أعمالنا وأن نتحمل خسارات تصل للملايين وفي نهاية الأمر الخسارة حصلت".


فيما يروي صاحب محل عصائر قائلاً "الضغوط في سوريا كانت كبيرة جداً علينا كأصحاب محال ومهن وذلك يعود لارتفاع الأسعار بشكل هائل مما أثر على كل شيء بسبب التخبط الكبير في سعر صرف الدولار والذي أصبح مقياساً لسعر كاسة المياه".


وأضاف "جئت إلى الإمارات لأدخل إليها كمستثمر وليس كباحث عن فرصة عمل ومعي كادر عمل من سوريا، ولكن الشروط المفروضة مُنهِكة ومُكلفة، بتداءً من اللوحة التي تحمل اسم المحل وصولاً إلى شاشة عرض المنتجات داخل المحل مروراً بكل مايمكن أن تراه داخل المحل وكلها مبالغ ضخمة مقارنةً بالليرة السورية".


وأكمل قائلاً "أنا الآن بعمر الـ 60 عاما أشعر بأنني أبدأ من الصفر وكل سنين عمري كانت هامشاً وكأنّه مكتوب علينا دائماً أن نعيش في المخاطر سواء كنّا داخل بلدنا أو خارجها ولكن أن استطعت تحمّل المخاطر داخل بلدي، لكن الآن أشعر بأنّني غير قادر على تحمّل تلك الخسائر وبشكل يومي حيث لديّ رواتب موظفين وأجار سكن لهم وسكن لي ولعائلتي وأجار محل ومواد ومصاريف الحياة اليوميّة وأنا ليس لديَّ مدخول يكفي لأجار المحل فقط ولتعويض مادفعته حتى الآن".


وأوضح "الوضع في الإمارات بعد انتشار فيروس كورونا أصبح أسوأ بكثير وبالرغم من انحسار الفيروس وبدء الحياة بالعودة إلى مسارها الطبيعي إلّا أنّها لم تعد بنسبة 20% مما كانت عليه سابقاً مما يعني أنّنا خرجنا من محظور لندخل في محظور آخر لا ندري متى وكيف نهايته".

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 8