آسيا الوسطى ومعركة أرمجدون المصغّرة

بقلم رؤى خضور

2021.08.28 - 06:13
Facebook Share
طباعة

 بدأت نُذُر تهديدات تنظيم داعش الإرهابي في طاجيكستان تظهر إلى السطح مؤخراً مع وصول تنظيم داعش إلى مطار كابول، ويبدو أن التنظيم عاد ليكون جاذباً لكثير من المتطرفين، وظهور داعش على الساحة الأفغانية أمر غير مفاجئ، بل متوقع تماماً، فطالبان ليست جاذبة بشكلها القطري الدبلوماسي المؤسرل (نسبة لكلمة إسرائيل) لتكون جاذبة للمحملين بفكر معركة هرمجدّون (معركة نهاية العالم) بين اليهود والمسلمين كما جاءت في التوراة، ومن هذا المنطلق العقائدي تتفوّق داعش بخطاب عاطفي قادر على جذب المقاتلين وخلق قاعدة شعبية بشكل دائم، وهو ربما ما دفع مؤسسيها لتسمية التنظيم بالقاعدة قبل تحول اسمه في سورية والعراق لـ (داعش).

الرد الروسي على التغيرات في أفغانستان

اجتماعات الدوحة لشرعنة طالبان تم تغييب الطرف الإيراني عنها، مع أن طالبان اجتمعت مع الحكومة الأفغانية في طهران عندما تعرقلت مفاوضات الدوحة، ومع ذلك يبدو أن العدة كانت حاضرة لإعادة بعث الحياة في التنظيم مجدداً وتحريض الكثير من التجمعات التي ترفده بالشباب في روسيا وأوروبا، فبحسب وكالة رويترز قامت روسيا مؤخراً بتعزيز قاعدتها العسكرية في طاجيكستان لخلق نقطة ردع متقدمة عن طموحات داعش، فالتنظيم العائد للواجهة باسم خراسان يتوفّر له قاعدة داخل الجمهوريات الإسلامية ضمن الاتحاد الروسي وصولاً إلى موسكو نفسها، وما أثبتته الأزمة السورية من حضور لمقاتلين روس قاتلوا في صفوف جبهة النصرة ضد داعش إشارة على المخاوف من توسّع تهديد التنظيم للأمن الروسي.

الصين وعقدة الطاقة:

الصين وأفغانستان متجاورتان، ورسائل الطمأنة التي أرسلتها طالبان للصين مؤخراً على لسان محمد نعيم، الناطق باسم حركة طالبان، تؤكد أن طالبان تحولت فعلاً لحزب سياسي، وبينما وثّقت BBC مخاوف لدى الإيغور من أن يتم تذكيرهم بأصولهم الأفغانية وينتج عن ذلك محاولات تهجيرهم إلى أفغانستان التي لا يرغبون حتماً بالعودة إليها، تعود داعش مجدداً إلى الواجهة باسم ولاية خراسان لتصبح أيضاً نقطة تهديد للصين، وبشكل مباشر وبعيداً عن التوجّه العقائدي يبدو الأمر إغلاقاً لطريق للطاقة حلمت الصين ببنائه لأعوام باتجاه الشرق الأوسط بمباركة روسية قد يخدم كل دول آسيا الوسطى ويعزز صدارة الصين للاقتصاد العالمي، لكنه حتماً يعني دق المسمار الأهم في نعش السيطرة الأمريكية على العالم.

تلك إذاً لعبة الأديان على ظاهر الأرض، والباطن دوماً مصالح اقتصادية لدول كبرى وثروات ومخططات عسكرية لقوىً أجادت تجييش العقائد لخوض حرب بالوكالة نيابة عنها وتنفيذاً لمصالحها الكبرى، ومن الجليّ أن ظهور داعش مجدداً لن يكون هذه المرة خاضعاً لتحالفات الناتو في تلك البقعة، ويبدو أن قرار تمديد صلاحية وجود التنظيم محكوم حالياً بمصالح استراتيجية لواشنطن، وهذا ما يفسّر تماماً زيارة طالبان لبكين وتعزيز موسكو لقواعدها في طاجيكستان.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 8