كيف ساهم التحول الجيوسياسي في بروز نظام دولي متعدد الأقطاب؟

2021.08.26 - 06:11
Facebook Share
طباعة

 نشر موقع "ميدل إيست آي" مقالاً تناول فيه الكاتب التحول الاستراتيجي في النظام الدولي خصوصاً بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان وتحوّله إلى نظام تعددي الأقطاب.

وفي المقال قال الكاتب أن البشرية منغمسة في خضم تغيير في النطاق العالمي، والذي يتسبب في إعادة ترتيب النظام الدولي المضطرب والتي لم تعد فيه التسلسلات الهرمية والمعايير والامتيازات الراكدة التي بنتها الإمبريالية الأميركية وحلفاؤها في سنوات ما بعد الحرب الباردة، تتوافق مع الحقائق الاقتصادية والسياسية والعسكرية في وقتنا الحالي. أدت سلسلة من التغييرات المثيرة للذهول إلى زيادة التقلبات والمخاطر التي تكتنف النظام الدولي. 

وأضاف الكاتب أن الأطروحة المهمة التي برزت مؤخراً هي أن التحول الجيوسياسي العالمي الذي تمت دراسته ومناقشته كثيراً في العشرين عاماً الماضية قد انتهى. فاليوم ثمة هيكل قوة دولية جديد يأخذ مكانه بصورة راسخة. فالنظام الأحادي القطبي الأميركي الذي دام لفترة قصيرة، قد تبعه، في بداية هذا القرن، ظهور تعدد اللاعبين الدوليين (بأوزان وموارد قوة غير متكافئة) والتي وجدت تعبيراً عنها في نظرية العلاقات الدولية تحت مسمى "تعددية الأقطاب". لكن تلك الفترة استمرت أقل بكثير مما كان متوقعاً نتيجة الأزمة وانهيار الوحدة الأوروبية والضعف الاقتصادي والسياسي لليابان. 

والنتيجة هي أن هذين الحليفين المهمين لأميركا اللذين شكلا، إلى جانب الولايات المتحدة، الثالوث الإمبراطوري المهيمن، بحسب تسمية الباحث المصري سمير أمين، لم يعد لهما أي جاذبية حقيقية في الشؤون الدولية. لا توجد دولة أوروبية لها تأثير حقيقي على القضايا التي تؤثر حتى على بيئتها الجغرافية المباشرة، مثل الشرق الأوسط. والأقل تأثيراً هو أهمية اليابان في جنوب شرق آسيا. 

لا يزال كل من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب والرئيس الأميركي الحالي جو بايدن والمؤسسة الدبلوماسية-العسكرية الأميركية يخدعون أنفسهم بالصورة التي عفا عليها الزمن للثالوث الإمبراطوري المطيع لهيمنة واشنطن، والذي هو على استعداد لمرافقة الولايات المتحدة وتبرير أفعالها في مغامراتها العسكرية التي لا تنتهي. 

إن صورة بايدن وهو جالس في مقدمة طاولة طويلة قد عفا عليها الزمن تماماً لأن تلك الطاولة قد اختفت. ما هو في مكانها هو طاولة مثلثة، من دون لوح أمامي، وحيث تجلس الصين، الاقتصاد الرئيسي في العالم وفقاً لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وروسيا، القوة العسكرية وقوة الطاقة من الدرجة الأولى، بجوار الولايات المتحدة وتضعان حدوداً للقوة السابقة للقوة العظمى الأميركية. 

فالصين تعد اليوم الشريك التجاري والمالي الرئيسي لـ 144 دولة، وهو وضع لم تتمتع به الولايات المتحدة حتى في ذروة هيمنتها الإمبريالية، في السنوات التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، ونتيجة لتطورها المذهل في تقنيات الاتصال والذكاء الاصطناعي الجدية. أما روسيا، فقد تعافت في عهد فلاديمير بوتين، من الكارثة التي نجمت عن انهيار الاتحاد السوفياتي والعودة الوحشية للرأسمالية، مما جعلها تختفي من الساحة الدولية. ساعدت التكنولوجيا العسكرية الروسية من الدرجة الأولى جنباً إلى جنب مع موارد الهائلة من المياه والطاقة (التي تحتاجها أوروبا بشدة) على وضع هذا البلد في طليعة السياسة العالمية.

مع ذلك، لا تزال الولايات المتحدة هي القوة العسكرية الكبرى على الأرض، ولكن كما أوضح نعوم تشومسكي، فإن هذا الجيش المرعب قد يسمح لواشنطن بتدمير البلدان ولكن ليس لكسب الحروب. يتضح هذا من التجربة المبكرة لحرب فيتنام، ثم لاحقاً الفشل الذريع في حرب العراق (2003-2011) والانسحاب المخزي للقوات المسلحة الأميركية بعد تدمير أراضي أفغانستان لمدة 20 عاماً وأخيراً في سوريا.

ليس من قبيل المصادفة أن مجموعة من المقالات المكرّسة لاستكشاف أسباب عدم تمكن الولايات المتحدة من كسب الحروب قد انتشرت في الآونة الأخيرة. مثال على ذلك: تقرير من معهد هوفر يلخّص عشرات العناوين المماثلة: "لماذا لا تستطيع أميركا أن تربح حروبها؟"، بقلم بيتر ر. منصور. في ورقته المنشورة في 10 آذار / مارس 2016، أكد هذا المؤلف أنه في العقود الثلاثة الماضية، حققت واشنطن ثلاثة انتصارات فقط: بنما وحرب الخليج وكوسوفو؛ وعانت من هزيمة في فيتنام، وحصلت على أربع نتائج غامضة (تعادلات)، في كوريا والعراق وأفغانستان وليبيا. ويجب أن تضاف إليها نتيجة خامسة: سوريا. 

يستشهد منصور بتقرير من قيادة العمليات الخاصة في البنتاغون من عام 2015 يحلل نتائج الحروب التي اندلعت في القرن العشرين والتي أسفرت عن هذه النتائج: 12 انتصاراً و43 تعادلاً و9 هزائم. 

في نهاية المقال أشار الكاتب إلى أن خلاصة القول هي أن التحوّل قد انتهى، وموارد القوة للثالوث المسيطر الجديد (أميركا والصين وروسيا)، على الرغم من اختلافها، تخلق علاقة دولية جديدة للقوى تفتح إمكانيات لا يمكن تصورها للاستقلال الوطني وتقرير المصير لبلدان الجنوب العالمي.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 1