دمشق وقسد: زيارة مؤجلة واتفاق معلّق

2025.12.29 - 10:58
Facebook Share
طباعة

 
أعلنت “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) تأجيل زيارة كانت مقررة لقائدها مظلوم عبدي إلى العاصمة دمشق، والتي كان من المزمع إجراؤها اليوم الاثنين، برفقة وفد يمثل مناطق شمال شرقي سوريا، مشيرة إلى أن التأجيل جاء لأسباب تقنية ولوجستية.

وفي بيان رسمي، أوضحت “قسد” أن موعداً جديداً للزيارة سيتم تحديده لاحقاً، بعد الاتفاق عليه بين الأطراف المعنية، مؤكدة أن هذا التأجيل لا يعكس أي تغيير في مسار التواصل القائم، ولا يمس بالأهداف المطروحة للنقاش بين الجانبين.

وأكد البيان أن الاتصالات بين “قسد” ودمشق لا تزال مستمرة، وأن تأجيل الزيارة يندرج ضمن الترتيبات الفنية المرتبطة بالتحضيرات، في ظل مرحلة تفاوضية حساسة تشهد تعثراً ملحوظاً منذ أشهر.

ويأتي هذا التطور في وقت تقترب فيه مهلة اتفاق 10 آذار من نهايتها مع حلول نهاية العام الحالي، دون تسجيل أي تقدم ملموس في تنفيذ بنوده. ورغم مرور أشهر على توقيع الاتفاق، لم يُنفذ أي بند فعلي على الأرض، وسط تبادل الاتهامات بين الطرفين بشأن المماطلة وتعطيل المسار.

وخلال الفترة الماضية، عُقدت عدة اجتماعات بين ممثلين عن الطرفين وعلى مستويات مختلفة، أبرزها اللقاء الذي جمع الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، مع قائد “قسد” مظلوم عبدي، في السابع من تشرين الأول الماضي. إلا أن تلك الاجتماعات لم تُسفر عن اختراق حقيقي، سواء على صعيد تسليم مؤسسات الدولة في مناطق شمال شرقي سوريا، أو في ملف دمج القوات العسكرية والأمنية التابعة لـ”قسد” ضمن مؤسسات الدولة السورية.

ولا يزال ملف دمج القوات يشكل العقدة الأساسية في المفاوضات، إذ ترى الحكومة السورية أن تنفيذ اتفاق 10 آذار يتطلب اندماجاً كاملاً للقوى العسكرية ضمن الجيش السوري، بما يضمن وحدة القرار العسكري والسيادي. في المقابل، تطرح “قسد” مقاربة مختلفة، تستند إلى الحفاظ على خصوصيتها التنظيمية والأمنية.

وفي هذا السياق، كانت وزارة الدفاع السورية قد قدمت مؤخراً مقترحاً رسمياً يستند إلى روح اتفاق 10 آذار، ويمنح “قسد” فرصة للاندماج التدريجي في هيكلية الجيش السوري، مع مراعاة طبيعة انتشارها وتنظيمها. واطلع الجانب الأمريكي على هذا المقترح في إطار التنسيق القائم حول الملف.

إلا أن “قسد”، وفق معطيات متداولة، رفضت المقترح الحكومي، وقدمت بديلاً في 22 كانون الأول الحالي، يقوم على تشكيل ثلاثة ألوية مستقلة، تشمل مكافحة الإرهاب، وأمن الحدود، ووحدات خاصة بالمرأة. واعتُبر هذا الطرح محاولة للحفاظ على استقلالية تنظيمية خارج الإطار التقليدي للجيش السوري.

وترى الحكومة السورية أن هذا المقترح يتعارض مع جوهر اتفاق 10 آذار، الذي يقوم على توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية تحت مظلة الدولة، فيما لا تزال الجهات المعنية تدرس الرد المقدم من “قسد”، إلى جانب ملفات أخرى مرتبطة بالإدارة المدنية والأمنية في مناطق شمال شرقي سوريا.

ويعكس تأجيل زيارة مظلوم عبدي إلى دمشق حجم التعقيدات التي تحيط بالمسار التفاوضي، في ظل تضارب الرؤى بين الطرفين، وضيق الوقت المتبقي قبل انتهاء المهلة الزمنية للاتفاق. وبينما تؤكد التصريحات الرسمية استمرار التواصل، يبقى مستقبل الاتفاق مرهوناً بقدرة الجانبين على تقديم تنازلات متبادلة، تفتح الباب أمام خطوات عملية طال انتظارها.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 5