شهدت مناطق السكن العسكري في ريف دمشق تحولات عميقة عقب سقوط نظام بشار الأسد، حيث تبدلت هوية القاطنين وبنية المكان الاجتماعية في فترة زمنية قصيرة، المساكن التي كانت مخصصة لضباط وعناصر الحرس الجمهوري وسرايا الصراع تحولت إلى فضاء يستوعب تشكيلات عسكرية وأمنية جديدة إضافة إلى شريحة من المهاجرين الذين وجدوا فيها ملاذاً اضطراريا بعد تدمير منازلهم.
في مساكن الحرس الجمهوري بمنطقة عرطوز تبدو الأبنية المتشابهة والكتل الإسمنتية المتطابقة علامة على طبيعة هذا السكن المغلق، القاطنون الجدد ينتمون في غالبيتهم إلى المؤسسات العسكرية والأمنية التابعة للسلطة الجديدة مع وجود محدود لمدنيين، المنطقة ما تزال محاطة بحواجز أمنية وتدار كحي منضبط يخضع لرقابة مشددة وهو نمط استمر رغم تغير السكان.
قبيل سقوط النظام شهدت هذه المساكن حركة نزوح واسعة لعناصر البيروقراطية العسكرية السابقة تزامنت مع دخول مجموعات جديدة خلال أيام قليلة، هذا التحول السريع رافقته أعمال نهب طالت قسما كبيرا من الشقق خاصة في مساكن سرايا الصراع بينما بقيت مساكن الحرس الجمهوري أقل تضررا.
الصراع يظهر أثر النهب بشكل واضح حيث تعرضت الشقق للتجريد الكامل من الأبواب والنوافذ والأثاث ما دفع القاطنين الجدد إلى ترميم مساكنهم بوسائل بدائية والاعتماد على الطاقة الشمسية في ظل ضعف التغذية الكهربائية.
غالبية السكان هناك من مهاجري إدلب وأريافها وينتمون إلى فصائل سابقة أو أجهزة أمنية مستحدثة إلى جانب مدنيين لا يحملون صفة رسمية.
المدنيون غير المنتسبين للمؤسسة العسكرية يعيشون حالة من عدم الاستقرار بسبب غياب عقود إقامة دائمة خاصة مع أزمة السكن الحادة وارتفاع تكاليف الإيجار في محيط دمشق، كثيرون منهم فقدوا منازلهم بشكل كامل ويواجهون عجزا عن إعادة الإعمار نتيجة ارتفاع الكلفة وضعف الدخل.
اجتماعياً حافظ السكن العسكري على طابعه المنعزل والمنغلق مع اختلاف واضح في المستوى المعيشي بين المساكن حيث تظهر مساكن الحرس الجمهوري بمظهر أكثر تنظيما ورفاهية مقارنة بسرايا الصراع التي تضم شريحة محدودة الدخل وتعاني من ضعف البنية الخدمية.
وبحسب مصادر خاصة تتجه السلطة الجديدة إلى حصر السكن العسكري بالعناصر المنتسبة للمؤسسة العسكرية والأمنية مع خطط لإخلاء المدنيين غير المهجرين تدريجيا فيما يجري استثناء المهجرين مؤقتا تجنبا لأي اضطرابات اجتماعية، هذا التوجه يعكس رغبة بإعادة ضبط هذه المناطق أمنيا مع إبقائها جزءا من منظومة السيطرة العسكرية في محيط العاصمة.