كشفت بيانات مصرف لبنان أن قيمة احتياطيات الذهب ارتفعت إلى نحو 40.03 مليار دولار منتصف ديسمبر، مسجلة زيادة قدرها 1.63 مليار دولار خلال 15 يوماً فقط، وبنسبة 8.4% منذ بداية نوفمبر، حيث كانت تبلغ حينها 36.94 مليار دولار. ويُعزى هذا الارتفاع بشكل رئيسي إلى القفزات السريعة في أسعار الذهب العالمية، مع إعادة تقييم المصرف المركزي للاحتياطيات وفق الأسعار السائدة، ما يمنح لبنان مكاسب محتملة كبيرة في حال استمر الاتجاه الصعودي للأسعار.
كما أظهرت البيانات ارتفاع احتياطيات العملات الأجنبية من 11.85 مليار دولار إلى نحو 11.99 مليار دولار خلال نفس الفترة، بزيادة قدرها نحو 138 مليون دولار، يبين قدرة مصرف لبنان على ضمان أموال المودعين حتى سقف 100 ألف دولار، ويؤثر مباشرة على افتراضات مشروع قانون الفجوة المالية الذي يحدد كيفية توزيع الخسائر بين الدولة والمصارف.
في السياق نفسه، طالبت جمعية المصارف ببيع فوري لجزء من موجودات المصرف المركزي بقيمة 10 مليارات دولار، في إطار مناقشات بديلة لمشروع قانون الفجوة المالية بعد رفض المصارف تحمل 40% من كلفة تسديد كل وديعة حتى 100 ألف دولار وتعتبر هذه المطالب مؤشراً على الضغوط التي تواجه القطاع المصرفي في ظل الأزمة الاقتصادية، لكنها تأتي في وقت يشهد الذهب ارتفاعاً مستمراً، ما يعني أن أي تصفية سريعة قد تؤدي إلى فقدان مكاسب مالية مستقبلية.
وتشير تقديرات مصرف "غولدمان ساكس" إلى استمرار ارتفاع أسعار الذهب حتى أواخر العام المقبل وصولاً إلى مستويات تقارب 4,900 دولار للأونصة، ما يزيد أهمية الاحتفاظ بالاحتياطيات في الوقت الراهن ويبرز هذا الارتفاع الأخير قيمة الذهب كأداة استراتيجية لمواجهة تقلبات السيولة وحماية الاقتصاد الوطني، خصوصاً في ظل تراجع الاحتياطيات بالعملات الأجنبية نسبياً والضغوط الاقتصادية المستمرة على لبنان.
تأتي هذه التحركات وسط جدل متواصل حول أفضل السبل لضمان حقوق المودعين والموازنة بين السيولة الفورية وحماية الاحتياطيات من مخاطر تصفية محتملة قد تقلل من المكاسب المتوقعة، يضع الحكومة أمام خيارات دقيقة تتطلب استراتيجيات مالية حذرة لضمان الاستقرار الاقتصادي.