الإقطاع في لبنان لم يعد نظاماً اقتصادياً قانونياً كما كان في الماضي، لكنه لا يزال حاضراً في صورة نفوذ سياسي واجتماعي متجذر في بنية المجتمع، النظام الإقطاعي التقليدي كان يقوم على امتلاك الأرض كمصدر للثروة والسلطة حيث يعمل الفلاحون في الأراضي مقابل حماية الإقطاعي والحصول على جزء من المحصول أو خدمات أخرى.
مع التمدّن والتعليم والهجرة، تلاشى هذا الإقطاع القانوني وأصبحت الضرائب والسلطة المباشرة للإقطاعيين على السكان شيئاً من الماضي.
مع ذلك، يظهر الإقطاع الحديث بأشكال متعددة أبرزها النفوذ السياسي والزعامة الموروثة داخل العائلات السياسية التي تسيطر على جزء كبير من التمثيل النيابي والبلدي في مختلف المناطق فالولاء في كثير من الأحيان لا يكون للحزب السياسي أو البرنامج، وإنما للزعيم أو العائلة ما يحافظ على استمرار السلطة التقليدية بطرق غير مباشرة الأحزاب اللبنانية أيضاً لا تمارس الديمقراطية الداخلية بالشكل المطلوب مما يجعل تأثيرها أقل من تأثير الزعامات العائلية.
أما الإقطاع الاقتصادي، فقد تحول إلى الزبائنية حيث يعتمد المواطنون على تقديم الخدمات التعليمية والصحية وتوفير الوظائف من قبل الزعماء بدلاً من الدولة، ما يخلق علاقة تبعية سياسية مقابل منفعة شخصية. كذلك يعيد النظام الطائفي إنتاج الإقطاع، إذ يُنظر إلى الطائفة كمجال نفوذ والزعيم كحامي لها، يعزز الولاءات التقليدية ويحد من نشوء دولة مدنية قوية.
ما تبقى من الإقطاع في لبنان اليوم هو ثقافة سياسية وسلوك اجتماعي، وليس نظاماً اقتصادياً ملموساً هذه الثقافة تعيق بناء دولة مدنية وتكرس الزبائنية والطائفية جعل مهمة كسرها معقدة الحل يبدأ بتقوية الدولة وتنظيم المجتمع، وإصلاح قانون الانتخاب للتركيز على البرامج وليس الأسماء، وبناء بدائل محلية مثل التعاونيات والزراعة الاقتصادية وصناديق التكافل غير الحزبية الأهم هو توعية المواطنين وتنظيمهم بحيث يصبح الوعي مصحوباً بقدرة على ممارسة الحقوق السياسية والخدماتية بشكل مستقل عن النفوذ التقليدي.