مشروع قانون معالجة الفجوة المالية أعاد ملف استرداد الودائع إلى صدارة الاهتمام في لبنان، إذ يمثل حجر الأساس لإعادة بناء الثقة بالنظام المالي والتفاوض مع صندوق النقد الدولي، وفتح الباب أمام إعادة هيكلة المصارف والدولة معًا.
القانون يقسّم المودعين إلى فئتين: صغار المودعين، تحت سقف 100000 دولار، يسددون ودائعهم على أربع سنوات بأقساط شهرية أو ربع سنوية، وفئة يتجاوز ودائعها 100000 دولار، يُسدّد عبر أوراق مالية قابلة للتداول ومدعومة بأصول مصرف لبنان، مع حد أدنى للدفع السنوي 2% وفق آليات متدرجة بحسب حجم الودائع.
يُربط سداد الأوراق المالية بعوائد الأصول التي يملكها مصرف لبنان وبأي عائدات من بيع الأصول، بما في ذلك المعادن الثمينة مع تقييم دولي لتحديد حجم الفجوة المالية بدقة يتحمّل المصارف 20% من مسؤولية مدفوعات الأوراق المدعومة بالأصول، بينما تغطي حصة مصرف لبنان 60% من دفعات صغار المودعين.
يشمل المشروع بنودًا للتدقيق الأخلاقي، مثل إعادة بعض التحويلات الكبيرة أو فرض ضرائب عليها وفتح الباب لشطب ودائع مرتبطة بممارسات غير سليمة.
ايضاً على الورق، يوفر القانون جدولًا زمنيًا وأدوات مالية وتدقيقًا دوليًا لكن التطبيق العملي يثير تساؤلات حول قدرة المصرف المركزي والمصارف على التنفيذ حاكم مصرف لبنان كريم سعيد طالب بمراجعة دقيقة وشاملة قبل إحالة المشروع إلى البرلمان، معتبرًا أن الجدول الزمني المقترح طموح.
جمعية مصارف لبنان تعتبر أن الدولة تهرب من مسؤولياتها وتلقي العبء على القطاع المصرفي، ما قد يهدد بتصفية المصارف أو إطالة الركود.
المودعون بدورهم لا يشعرون بالطمأنينة، إذ التجارب السابقة منذ 2019 أكدت أن معيار الثقة ليس النص القانوني وحده، وانما القدرة على الدفع وضمانات عدم التمييز ومحاسبة واضحة للخسائر الناتجة عن المخاطر أو المخالفات أو تحويل النفوذ إلى أرباح.
يرى الخبراء أن إصلاح الإطار القانوني لإعادة هيكلة المصارف يجب أن يسير بالتوازي مع قانون الفجوة، وإلا يصبح كل منهما غطاء للآخر.
ثلاثة شروط حاسمة لضمان قابلية تطبيق القانون: التدقيق الدولي لتحديد الفجوة بالأرقام، إعادة رسملة المصارف وفرز القابل للحياة، والتوصل إلى اتفاق جدّي حول الدور العملي للدولة.
رغم ذلك، يبقى احتمال التعطيل قائمًا، إذ القانون لا يمثل استرداد الودائع بالمعنى المباشر، وانما محاولة لوضع نظام لتوزيع الخسائر تحت سقف السياسة والقانون معًا. النجاح في تحويل القانون إلى مسار قابل للتطبيق قد يفتح الباب لنظام مالي جديد في 2026، بينما الفشل سيضيف إلى سلسلة قوانين معلقة ترهق المودعين وتبقيهم رهائن وعود قانونية بلا ثمن.