حرب السودان… من العاصمة إلى الساحل الشرقي

2025.12.26 - 09:02
Facebook Share
طباعة

في قلب القارة الأفريقية تتفاقم حرب السودان بوتيرة تجعلها أبعد من صراع داخلي وأقرب إلى زلزال إقليمي مفتوح فمنذ اندلاع المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في نيسان أبريل 2023 تجاوز النزاع حدوده الجغرافية وتحول إلى عامل تهديد مباشر للاستقرار الإقليمي في واحدة من أكثر المناطق هشاشة وتشابكا في العالم.

مع ارتفاع أعداد القتلى وتشريد الملايين داخل البلاد وخارجها وفق تقارير صادرة عن الأمم المتحدة بات السودان نموذجاً صارخاً لانهيار الدولة وتدويل الفوضى في آن واحد.

لم تعد مشاهد الدمار في الخرطوم ودارفور مجرد أخبار عابرة وتحولت إلى مؤشرات مبكرة على تمدد تداعيات الحرب خارج الحدود.
السلاح يتدفق عبر مسارات تهريب نشطة بحسب إفادات أممية وحدود تسمح بانتقال المقاتلين والمخاطر الأمنية فيما تتداخل الصراعات المحلية مع حسابات دول الجوار.
هذا الواقع يضع الإقليم أمام سيناريوهات معقدة قد تعيد رسم موازين القوى في القرن الأفريقي والساحل.

تشاد تظهر كإحدى أكثر الدول تأثرا بتداعيات النزاع فالتداخل القبلي بين غرب السودان وشرق تشاد يجعل أي تصعيد في دارفور ضغطا مباشرا على نجامينا.
ايضاً تشير تقارير مراكز بحث إقليمية إلى أن سيطرة قوات الدعم السريع على مناطق واسعة أعادت إحياء مخاوف من انتقال عدم الاستقرار إلى الداخل التشادي حيث تلعب الروابط العشائرية دورا حساسا داخل المؤسسة العسكرية، كما أن التحولات في مواقف القيادة السياسية هناك تفتح الباب أمام توترات داخلية في ظل تراجع شبكات الدعم الخارجي.

في شرق أفريقيا تبرز كينيا وجنوب السودان كنقطتي ارتكاز غير مستقرتين ووفقا لتقارير فريق خبراء تابع للأمم المتحدة تحولت نيروبي إلى أحد مسارات تهريب الذهب السوداني ما أضعف صورتها كوسيط إقليمي محايد.
أما جنوب السودان فيسعى إلى الحفاظ على علاقات متوازنة مع أطراف النزاع حفاظاً على تدفق النفط عبر الأراضي السودانية وفق تقديرات اقتصادية دولية وهو مسار محفوف بمخاطر أمنية في دولة تعاني أصلا من هشاشة داخلية.

في الشمال تراقب مصر تطورات الحرب باعتبار السودان عمقاً استراتيجياً لا يمكن التفريط به وتوضح تصريحات رسمية مصرية أن أمن الحدود الجنوبية وملف مياه النيل يمثلان أولويات قصوى في مقاربة القاهرة للأزمة.
في السياق ذاته تشير تقارير دبلوماسية إلى دور إريتري داعم ضمن معادلة إقليمية أوسع تتصل بأمن البحر الأحمر وتوازنات النفوذ فيه.

خلاصة المشهد أن حرب السودان تحولت إلى صراع بالوكالة يعيد تشكيل تحالفات القرن الأفريقي ويهدد بإشعال أزمات ممتدة من تشاد حتى البحر الأحمر وبينما تتنافس القوى الإقليمية على النفوذ والمصالح يدفع الشعب السوداني الثمن الأثقل من أمنه واستقراره ومستقبله وتؤكد منظمات دولية أن استمرار الصمت الدولي إزاء هذه الكارثة يفتح الباب أمام فوضى إقليمية واسعة الاحتمالات.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 6