شهدت الساحة الأمنية السورية تطورًا لافتًا مع تنفيذ وزارتَي الداخلية والاستخبارات سلسلة عمليات أمنية دقيقة في محافظة ريف دمشق، أسفرت عن إلقاء القبض على قيادي بارز في تنظيم “الدولة الإسلامية” داخل العاصمة، وتحييد قيادي آخر يُعد من أبرز رموز التنظيم في الجنوب السوري، في إطار تنسيق أمني مشترك مع قوات التحالف الدولي.
وأعلنت وزارة الداخلية أن وحداتها المختصة نفذت عملية أمنية نوعية استهدفت أحد أوكار التنظيم في مدينة المعضمية بريف دمشق، بعد متابعة استخباراتية مكثفة. وأسفرت العملية عن إلقاء القبض على متزعم التنظيم في دمشق، المعروف بلقب “والي دمشق”، إلى جانب عدد من مرافقيه.
وخلال العملية، ضبطت القوى الأمنية حزامًا ناسفًا وسلاحًا حربيًا كان بحوزة القيادي المعتقل، في مؤشر على خطورة الخلية التي تم تفكيكها، والمهام التي كانت بصدد تنفيذها داخل مناطق مأهولة بالسكان.
وفي اليوم التالي، نفذت وزارة الداخلية عملية ثانية في بلدة البويضة بريف دمشق، وُصفت بأنها استكمال مباشر لعملية المعضمية، وأسفرت عن تحييد محمد شحادة، الملقب بـ“أبو عمر شدّاد”، الذي يُعد من القيادات البارزة في تنظيم “الدولة”، ويشغل منصب ما يُعرف بـ“والي حوران”.
وأكدت الوزارة أن العمليتين تأتيان ضمن خطة أمنية شاملة تستهدف ملاحقة خلايا التنظيم النائمة، ومنعها من إعادة تنظيم صفوفها أو تنفيذ هجمات تهدد الأمن والاستقرار. وشددت على أن أجهزتها في حالة جاهزية دائمة، ولن تتهاون في التعامل مع أي تهديد يمس السلم الأهلي أو السيادة الوطنية.
وتأتي هذه العمليات في وقت يشهد فيه نشاط تنظيم “الدولة” تصاعدًا ملحوظًا في عدد من المناطق السورية، حيث نفذ خلال الأسابيع الماضية هجمات متفرقة تنوعت بين تفجيرات واغتيالات وهجمات مسلحة، مستهدفًا قوات عسكرية وأمنية، إضافة إلى بنى تحتية حيوية.
وتركزت معظم هذه الهجمات في محافظة دير الزور، التي بقيت ساحة رئيسية لتحركات التنظيم، إلى جانب مناطق في إدلب وريف حلب، فضلًا عن عمليات محدودة في دمشق وحمص وحماة والحسكة. وشملت الهجمات استهداف دوريات أمنية، واغتيالات لشخصيات محلية، إضافة إلى تفجيرات استهدفت آليات أمنية وصهاريج نفط.
وفي سياق متصل، شهدت المنطقة تصعيدًا عسكريًا لافتًا، مع تنفيذ القوات الأمريكية عملية واسعة النطاق استهدفت مواقع لتنظيم “الدولة” في البادية السورية، عقب تهديدات بالرد على هجوم استهدف منطقة تدمر. وشملت الضربات مناطق في بادية الرقة ودير الزور، واستهدفت عشرات المواقع التي يُعتقد أنها تُستخدم كمراكز تدريب أو مخازن أسلحة.
واستخدمت في العملية وسائل عسكرية متعددة، من بينها طائرات مقاتلة ومروحيات هجومية وأنظمة مدفعية دقيقة، في واحدة من أكبر العمليات من حيث كثافة النيران خلال الفترة الأخيرة. واعتُبرت الضربات رسالة واضحة تهدف إلى إضعاف قدرات التنظيم ومنعه من التخطيط لهجمات جديدة داخل سوريا أو خارجها.
وتشير التقديرات إلى أن هذه العمليات الأمنية والعسكرية المتزامنة تعكس توجّهًا متصاعدًا نحو تشديد الخناق على التنظيم، في ظل مخاوف من محاولته استغلال الفراغات الأمنية لإعادة التموضع. كما تعكس حجم التنسيق القائم بين الجهات الأمنية المحلية والشركاء الدوليين في مواجهة التهديدات العابرة للمناطق.