الجنوب السوري بين التوغلات الإسرائيلية وحقوق المدنيين

2025.12.25 - 08:08
Facebook Share
طباعة

 شهدت مناطق ريفي القنيطرة ودرعا الجنوبيين تصعيدًا ميدانيًا جديدًا من القوات الإسرائيلية، إذ توغلت وحدات عسكرية صباح الخميس في عدة قرى، بما فيها كودنة وعين زيوان وسويسة، وداهمت الطرقات الداخلية، وتوقفت لتفتيش المارة وعرقلت الحركة، وفق معلومات رسمية.

ويأتي هذا التوغّل بعد سلسلة انتهاكات مماثلة مساء الأربعاء، طالت القرى الشمالية لريف القنيطرة وبلدة الجلمة بريف درعا الغربي، حيث جرى اعتقال شابين، فيما يظل آخرون محتجزين حتى الآن. كما شهدت المنطقة إطلاق نيران وقنابل دخانية على المدنيين الذين كانوا يمارسون أعمالهم اليومية، مثل جمع الفطر، في محاولة واضحة لإبعاد الأهالي عن مناطق محددة.

ولا يقتصر النشاط العسكري على الدوريات البرية، إذ ألقت طائرة مسيّرة إسرائيلية عدة قنابل قرب سد المنطرة في ريف القنيطرة الأوسط، ما أثار انفجارات وأدى إلى حالة من الهلع بين السكان المحليين، دون ورود معلومات مؤكدة عن إصابات بشرية. كما قامت إسرائيل بتعزيز وجودها العسكري في المنطقة، مستقدمة غرفًا مسبقة الصنع إلى قاعدة عسكرية في تل أحمر، ما يعكس تخطيطًا طويل المدى لتثبيت وجودها في الأراضي السورية.

من الناحية القانونية والسياسية، تُعد هذه التوغلات انتهاكًا صريحًا لاتفاق فضّ الاشتباك لعام 1974، وللقوانين الدولية التي تكفل سيادة الدول وسلامة أراضيها. وتطالب دمشق المجتمع الدولي بالتحرك لردع هذه السياسات العدوانية وفرض الالتزام بالاتفاقيات المعمول بها، معتبرة أن جميع الإجراءات الإسرائيلية في الجنوب السوري “باطلة ولاغية”، وأن أي انتهاك سيُحاسب عليه القانون الدولي.

تحليليًا، تعكس هذه التحركات الإسرائيلية رغبة في فرض سيطرة تكتيكية على مناطق استراتيجية في جنوب سوريا، خصوصًا قرب خطوط التماس مع الأراضي المحتلة، مع التركيز على تهديد المدنيين وخلق حالة من الرعب النفسي، وهو ما يظهر كجزء من سياسة ممنهجة لإضعاف الأمن والاستقرار المحليين. ويشير الانتشار شبه اليومي للقوات الإسرائيلية إلى أن هذه الاستراتيجية ليست مؤقتة، بل هي جزء من نموذج طويل المدى لاستغلال التوترات الإقليمية لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية في جنوب سوريا.

من زاوية إنسانية، يؤدي استمرار التوغلات إلى زعزعة استقرار المدنيين، وتعطيل حياتهم اليومية، إضافة إلى تعزيز المخاوف من تصعيد أمني أكبر قد يشمل المزيد من المناطق الحدودية. ويطرح هذا الواقع أسئلة جدية حول فعالية الرقابة الدولية على اتفاق فضّ الاشتباك، والقدرة على حماية المدنيين من الانتهاكات المستمرة.

خلاصة المشهد أن التوغلات الإسرائيلية المتكررة في جنوب سوريا ليست مجرد نشاط عسكري محدود، بل سياسة ممنهجة تنتهك السيادة الوطنية، وتقوض الأمن والاستقرار المحليين، وتفرض على المجتمع الدولي مسؤولية عاجلة للضغط على الاحتلال وفرض الانسحاب الكامل، لضمان احترام القوانين الدولية وحماية المدنيين السوريين في مناطق التوتر.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 3