أزمة قانونية في سوريا حول ولاية القاصر

2025.12.22 - 08:48
Facebook Share
طباعة

أثار التعميم الصادر عن وزارة العدل استياء واسعاً لدى الأوساط الحقوقية والاجتماعية، حيث وسّع دائرة الأولياء لتشمل أقارب الأب الذكور المعروفين باسم "العصبة"، بينما لم يُمنح الأم أي صلاحية قانونية مستقلة على القاصر عند استخراج جواز السفر، التوضيح الصادر لاحقاً عن القاضي الشرعي الأول في دمشق، أحمد حمادة، أكد أن الأم يمكنها التقدم لإدارة الهجرة والجوازات للحصول على الجواز دون إذن القاضي، إلا أن هذا لم يغير حقيقة استمرار تقييد سلطتها القانونية إذ بقيت الموافقة المشتركة للأب والأم شرطاً للسفر وفق المادة 150 من قانون الأحوال الشخصية مع إلزام اللجوء لترتيب العصبات عند غياب الأب.
وصف حقوقيون هذا الوضع بأنه تمييز قائم على أساس الجنس حيث يتم افتراض نقص أهلية الأم القانونية بسبب كونها امرأة، بينما تُمنح الأولوية للذكور حتى لو لم يكن لديهم أي علاقة فعلية بالطفل.
التعميم يتعارض مع اتفاقيات حقوق الطفل التي انضمت إليها سوريا، ويقوّض مبدأ حماية الأسرة كما أنه يعرض القاصر لعدم استقرار قانوني ونفسي بسبب إخضاع قراراته المصيرية لأطراف بعيدة عن حياته اليومية.

من جهة أخرى، لاحظ مختصون نفسيون أن الإطار القانوني الحالي يضاعف الضغط على الأم ويؤثر سلباً على الأطفال إذ يضطرون للتعامل مع أقارب لا تربطهم بهم أي صلة فعلية ما يولد شعوراً بانعدام الأمان والاستقرار.
يرى مراقبون أن هذه المعاملات تعد جزءاً من العبء القانوني والاجتماعي الذي تتحمله النساء عند غياب الأب ما ينعكس على قراراتهن بشأن الإنجاب والانفصال، كما يزيد من صعوبة تأمين حماية الأطفال في ظروف النزاع والتهجير التي شهدتها البلاد خلال السنوات الماضية.
في السياق ذاته، رأت منال السيد، مؤسسة مشاركة في "منتدى ولف"، أن الفصل بين الحضانة والولاية يخلق فجوة بين المسؤولية الفعلية في الرعاية والسلطة القانونية إذ تتحمل الأم معظم أعباء الرعاية اليومية دون أي تمكين في اتخاذ القرارات الأساسية المتعلقة بالتعليم والصحة والسفر للأطفال.
وأكدت في حديثها لوسائل إعلام محلية، أن الحل يكمن في اعتماد تنظيم قانوني يربط ممارسة الولاية بالمصلحة الفضلى للقاصر ويضمن إشراك الأم الحاضنة في اتخاذ القرارات الجوهرية دون الحاجة للجوء للوصاية الذكورية أو تدخل أطراف غير مرتبطة بالطفل.
تتزامن هذه المطالبات مع دعوات من منظمات نسوية وحقوقية لإطلاق مراجعة قانونية شاملة لقوانين الأحوال الشخصية، بهدف تحقيق توازن عادل بين الحقوق والواجبات، وحماية الأسرة من التعسف وتقديم ضمانات للأطفال والأمهات على حد سواء وتؤكد الجهات المعنية أن الإصلاح القانوني يجب أن يعكس التغيرات الاجتماعية ودور النساء في الإعالة والرعاية، مع المحافظة على استقرار الأسرة وحماية مصالح القاصر بطريقة واضحة وملزمة. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 2