أعاد لبنان فتح واحد من أكثر الملفات حساسية في علاقته مع سوريا المتعلق بالسجناء والموقوفين بين البلدين يحمل أبعاد قانونية وإنسانية وسياسية في آن واحد.
استقبل رئيس الجمهورية العماد جوزف عون نائب رئيس مجلس الوزراء طارق متري في إطار مسعى رسمي للتوصل إلى اتفاقية ثنائية تنظم هذا الملف الشائك الذي ظل لسنوات موضع تجاذب وتعقيد.
اللقاء الذي عقد بدعوة من رئيس الجمهورية ضم وزير العدل وعددا من القضاة ما يعكس توجه واضح لإحاطة الملف بإطار قانوني مؤسسي بعيد عن المعالجات الظرفية أو السياسية الضيقة ووفق ما أعلنه متري فقد شدد الرئيس عون على ضرورة دراسة أفضل الصيغ القانونية الممكنة للتفاهم مع الجانب السوري بما يضمن حقوق الموقوفين ويؤمن مسارا قانونيا واضحا للتعامل مع القضايا العالقة.
تأتي هذه المبادرة ضمن سياق أوسع يتعلق بإعادة ضبط العلاقات اللبنانية السورية بعد سنوات من البرود والتوتر فالتأكيد على الرغبة القوية في إقامة أفضل العلاقات مع سوريا لا يبدو مجرد موقف دبلوماسي بل يعكس إدراكا رسميا لبنانيا بأن معالجة الملفات المشتركة وفي مقدمتها القضايا الإنسانية والقضائية تشكل مدخلا أساسيا لأي تعاون مستقبلي مستقر بين البلدين.
ومن الناحية السياسية يفتح هذا التحرك الباب أمام إعادة تفعيل قنوات التواصل المؤسساتي بين بيروت ودمشق ضمن مقاربة تقوم على المصالح المتبادلة والاحترام المتبادل من دون القفز فوق التعقيدات القائمة أما قانونيا فإن أي اتفاق محتمل حول السجناء والموقوفين سيشكل سابقة مهمة قد يسهم في تخفيف الاحتقان الاجتماعي لدى عائلات الموقوفين ويحد من الإشكالات القضائية المتراكمة.
في المحصلة لا يمكن فصل هذا الملف عن المشهد الإقليمي الأوسع حيث تتقدم مقاربات التهدئة وإعادة تنظيم العلاقات الثنائية على حساب القطيعة ويبدو أن لبنان عبر هذا المسار يحاول تثبيت معادلة جديدة في علاقته مع سوريا عنوانها التعاون المنظم بدل الإشكالات المفتوحة والاحتكام إلى القانون بدل إدارة الأزمات المؤجلة.