شهدت المنطقة مؤخرًا تحولات مهمة في العلاقات بين السعودية وإيران، بعد اتفاق تاريخي برعاية صينية عام 2023 هذا التقارب نتج عن ضغوط اقتصادية وسياسية وأمنية متراكمة ورغبة في تهدئة النزاعات الإقليمية الممتدة منذ سنوات وبينما ركزت التحليلات على اليمن وسوريا والعراق، يظهر لبنان وحزب الله كأحد الملفات الحساسة التي تسعى الرياض وطهران لمعالجتها عبر قنوات دبلوماسية خلفية غير معلنة.
قنوات الحوار السعودية‑الحزب في لبنان:
في لبنان، بدأت تظهر إشارات عن فتح حوار خلفي بين الحزب والسعودية، وهو ما كان بعيد المنال قبل فترة وجيزة تهدف هذه القنوات إلى تخفيف التوتر السياسي الداخلي وتهيئة بيئة تسمح للحزب بالتكيف مع التحولات الإقليمية دون المساس بموقعه السياسي التقليدي وتشير وسائل إعلام محلية إلى أن الحزب لا يزال مترددًا بين الحفاظ على دوره العسكري والسياسي من جهة، وضرورة الانخراط في المشهد الإقليمي الجديد من جهة أخرى مع التوافق السعودي‑الإيراني كشرط أساسي لإدماجه السياسي بشكل آمن.
الدور المزدوج للسعودية:
تلعب السعودية دورًا مزدوجًا في هذا الملف من الناحية الدينية، تمثل المرجعية الأكبر للمسلمين السنّة، ما يمنحها قدرة على تخفيف التوتر الطائفي الداخلي في لبنان عبر خطاب وسطي يشجع على التعايش بين المكونات ومن الناحية السياسية تمتلك الرياض وزناً إقليمياً ودولياً، خصوصًا بعلاقاتها الوثيقة مع الولايات المتحدة، ما يعزز أي مبادرة سعودية ويتيح دفع إصلاحات سياسية واقتصادية تُسهم في دمج الحزب ضمن الدولة.
استراتيجيات التعامل مع حزب الله:
المقاربة الحالية تميل إلى التعامل مع الحزب بدقة وليس بالقوة فقط، ايضاً يسمح بتفعيل مؤسسات الدولة وتعزيز الحوار الوطني ويظل استيعاب الحزب ممكنًا ضمن إطار ضمانات إقليمية ودولية واضحة، مع إرساء قاعدة لإعادة الدولة إلى لعب دورها ومؤسساتها وهو ما يمكن أن توفره السعودية في هذه المرحلة الحرجة.
السعودية كضامن للاستقرار:
تظهر السعودية اليوم كلاعب محوري في لبنان، عبر قدرتها على موازنة النفوذ السياسي والديني، وتقديم ضمانات تمكن من دمج حزب الله في العملية السياسية وتخفيف التوترات الداخلية أي تحول ناجح يتطلب توازنًا دقيقًا بين الدور الإقليمي للرياض، والموقف الإيراني، والمصالح الداخلية اللبنانية، لضمان استقرار الدولة وتعزيز مؤسساتها.