تهويل بريطاني وتصعيد إسرائيلي متزامن في لبنان

2025.12.17 - 11:02
Facebook Share
طباعة

 يتصاعد الضغط السياسي والأمني على لبنان مع اقتراب انتهاء المهلة المحددة للجيش اللبناني لتنفيذ قرار حصر السلاح بيد الدولة مع نهاية العام الجاري. وبالرغم من استمرار الاتصالات الدبلوماسية التي تهدف إلى احتواء أي تصعيد محتمل، تواصل تل أبيب وعدد من العواصم الغربية اعتماد سياسة التهويل وفرض إجراءات تُوصف بالانتقامية، تستهدف بالدرجة الأولى البيئة الحاضنة للمقاومة.

وخلال الأيام الماضية، برز الدور البريطاني بشكل لافت في هذا السياق، إذ تصدّرت لندن المشهد عبر انخراط مباشر في ما وُصف بحملة ترهيب سياسية وأمنية بحق اللبنانيين، بالتوازي مع استمرار الاعتداءات الإسرائيلية. ففي تطور ميداني خطير، استأنف الجيش الإسرائيلي عملياته الاغتيالية، حيث استهدف أمس سيارتين على طريق جدرا – سبلين في قضاء الشوف، وطريق العديسة – مركبا في قضاء مرجعيون، ما أدى إلى استشهاد مواطنين اثنين وإصابة خمسة آخرين بجروح متفاوتة.

وتُعد غارة سبلين الأولى من نوعها شمال نهر الأولي منذ عدة أشهر. وأسفرت عن استشهاد شاب من حركة أمل ينحدر من بلدة زغدرايا في قضاء صيدا، كان يقود شاحنة تابعة لمعمل لتصنيع البطاطا في الجنوب. ووفق معلومات متداولة، كشفت قوة من الجيش اللبناني على الشاحنة المستهدفة، وتبين أنها خالية من أي سلاح أو مواد متفجرة، ما ينفي أي مبرر أمني للهجوم.

وجاء هذا التصعيد بعد ساعات قليلة من جولة نظمها الجيش اللبناني لسفراء الدول الغربية والعربية على الحدود الجنوبية، في إطار عرض الوضع الميداني. كما أطلع قائد الجيش العماد رودولف هيكل رئيس الجمهورية جوزف عون على نتائج الجولة والتطورات الأمنية المرتبطة بها.

وفي هذا السياق، كشفت معلومات أن أحداث بلدة يانوح التي وقعت الأسبوع الماضي دفعت جهات غربية إلى توجيه نصائح مباشرة لقائد الجيش بالموافقة على تفتيش المنازل والممتلكات الخاصة. إلا أن العماد هيكل تمسك برفض هذه النصائح، مؤكدًا أن الدخول إلى الأملاك الخاصة يتطلب إذنًا قضائيًا خاصًا بكل حالة، ولا يمكن للجيش القيام بذلك إلا في حال وجود جرم مشهود. ومع ذلك، جرى التعاون مع صاحب المنزل في يانوح، الذي وافق طوعًا على تفتيش منزله لتسهيل مهمة الجيش وعدم عرقلتها.

بالتوازي، بدأت تتكشف ملامح مخطط دولي جديد يتعلق بمستقبل الحدود الجنوبية، في ظل البحث في مرحلة ما بعد انتهاء ولاية قوات “اليونيفل”. وتشير المعلومات إلى أن الدول ذات الثقل داخل “اليونيفل”، وعلى رأسها إيطاليا وفرنسا وإسبانيا، تقترح نشر قوة أممية جديدة بالتوافق مع الحكومة اللبنانية. في المقابل، تعارض الولايات المتحدة هذا الطرح، وتدفع باتجاه تشكيل قوة دولية تحت راية الأمم المتحدة تنتشر عند الخط الأزرق ضمن منطقة عازلة تمتد إلى عمق خمسة كيلومترات، وبعدد أقل من الجنود، مع شرط أساسي يتمثل بعدم انتشار الجيش اللبناني داخل هذه المنطقة، وحصر وجوده في الخطوط الخلفية جنوب نهر الليطاني.

ويُفهم من الطرح الأمريكي أن المقصود هو إنشاء منطقة منزوعة السلاح وليست منزوعة السكان، إلا أن هذا المقترح لا يلقى تجاوبًا من الجانب اللبناني، الذي يصر على حق الجيش في الانتشار على كامل الأراضي اللبنانية المحررة دون استثناء.

التهويل البريطاني وتحذيرات السفر

في إطار الضغط المتزايد، أصدرت وزارة الخارجية البريطانية تحديثًا واسعًا لتحذيرات السفر إلى لبنان، شمل مناطق واسعة من بيروت وضواحيها الجنوبية، إضافة إلى محافظات الجنوب والنبطية والبقاع وبعلبك – الهرمل والشمال وعكار، فضلًا عن جميع مخيمات اللاجئين الفلسطينيين.

وأكدت الخارجية البريطانية أن الوضع الأمني لا يزال “غير مستقر”، رغم دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 27 تشرين الثاني 2024. وأشارت إلى استمرار الغارات الجوية والقصف المدفعي في مناطق متفرقة من لبنان، لا سيما قرب الحدود مع إسرائيل وفي سهل البقاع، مع تقارير عن ضربات في الجنوب ومحافظة النبطية شمال نهر الليطاني، مع عدم استبعاد وقوع ضربات في مناطق أخرى، بما فيها الضواحي الجنوبية لبيروت.

ونصحت الوزارة بعدم السفر إطلاقًا إلى مناطق محددة، وبالامتناع عن السفر إلا للضرورة القصوى إلى مناطق أخرى، محذرة من احتمال إغلاق الطرق أو تعطل طرق الخروج في أي وقت، ومشددة على عدم الاعتماد على قدرتها على تنفيذ عمليات إجلاء في حالات الطوارئ.

وشملت التحذيرات تفاصيل جغرافية دقيقة لمناطق في بيروت وضواحيها، مع استثناء طريق المطار، إضافة إلى تحذيرات واسعة في الجنوب والبقاع وبعلبك – الهرمل والشمال وعكار، وصولًا إلى إدراج جميع مخيمات اللاجئين الفلسطينيين ضمن نطاق التحذير.

اتهامات واعتقالات في بريطانيا

من جهة أخرى، وجهت الشرطة البريطانية اتهامات إلى لبنانيين اثنين بالانتماء إلى “حزب الله” وحضور معسكرات تدريب وصفتها بـ”الإرهابية” في لبنان. وجرى اعتقال الرجلين في منزليهما في لندن في نيسان الماضي، قبل إعادة اعتقالهما الأسبوع الماضي وتوجيه تسع تهم تتعلق بالإرهاب.

وبحسب وكالة “رويترز”، أوضح رئيس شرطة مكافحة الإرهاب في لندن أن التحقيق استغرق وقتًا طويلًا وجرى بالتعاون مع جهات أمنية خارج البلاد، مؤكدًا في الوقت ذاته عدم وجود تهديد فوري نتيجة أنشطة المتهمين.

تحركات ميدانية على الحدود

بالتزامن مع ذلك، استكملت بريطانيا مشروع تأهيل مراكز الجيش اللبناني الحدودية. فبعد الانتهاء من مركز العويضة بين الطيبة والعديسة، بدأت أعمال تأهيل مركز مارون الرأس، على أن تنتقل لاحقًا إلى مركز يارون. وفي المقابل، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي أعمال الحفر جنوب الخط الأزرق قبالة بلدة صلحا المحتلة، لاستكمال بناء الجدار الفاصل الممتد من عيترون باتجاه جلّ الدير وصولًا إلى يارون.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 10