سجّل سقوط نظام عائلة الأسد نهاية فصل طويل من القمع المنظم في سوريا، حيث شكلت المعتقلات الذراع الأكثر قسوة للسيطرة على المجتمع وإخضاعه للخوف ما شهدته البلاد خلال الأيام الأولى لمعركة "ردع العدوان" كشف عن حجم الانتهاكات التي ارتكبها النظام وبرزت أهمية فتح السجون كخطوة رمزية وميدانية لإنهاء إرث عقود من الاعتقال التعسفي والتعذيب تحرير المعتقلين لم يكن مجرد خروج من الزنازين، فهو مؤشرًا على تحول حقيقي في موازين القوى وقدرة السوريين على استعادة حياتهم وأرضهم.
مع سيطرة فصائل الثوار على حلب في نهاية نوفمبر 2024، فتح سجن المدينة المركزي أبوابه لنحو 1500 معتقل، بينهم نساء وأطفال، بعد أن كانت الزنازين تكتظ بأكثر من 50 شخصًا في الغرفة الواحدة سبق ذلك محاولات سابقة عام 2013 لم تنجح في تحرير المعتقلين، ما جعل العملية الجديدة علامة فارقة في مسار الثورة السورية.
وفي حماة، أفرج الثوار عن مئات المعتقلين من السجن المركزي بينهم من قضوا عقودًا كاملة بتهم ملفقة، بالإضافة إلى لبنانيين اختفت أخبارهم لعشرات السنين سجن حماة المركزي يمثل إرثًا من القمع منذ أحداث 1982، وكان فتحه خطوة لإعادة الثقة للمجتمع المحلي بعد عقود من الإخفاء القسري.
أما في حمص، فتمت عملية تحرير مئات المعتقلين من السجن المركزي وسجن حمص العسكري وسجن البالونة في الريف الشرقي حيث خرج بعض المعتقلين الذين قضوا أكثر من 13 عامًا خلف القضبان وهم يحملون آثار التعذيب على أجسادهم هذا التحرير شكل دفعة معنوية كبيرة للمدنيين بعد سنوات من الحصار والقصف والتهجير.
اما دمشق، أبرزت عملية فتح سجن صيدنايا في 8 ديسمبر 2024 ما وصفته التقارير الحقوقية بالأكثر دموية في البلاد، حيث خرج مئات المعتقلين السياسيين بعد سنوات طويلة من الاعتقال والتعذيب كذلك شهدت العاصمة تحرير سجن عدرا المركزي والفروع الأمنية مثل 215 و227 والخطيب والمزة العسكري، ما أعاد للمدينة جزءًا من كرامة المدنيين بعد عقود من القمع.
إلى جانب هذه السجون، حررت الفصائل مراكز احتجاز أخرى في طرطوس واللاذقية ودرعا والسويداء، ومن بينها معتقلون قضوا عشرات السنوات خلف القضبان مثل الطيار رغيد الططري الذي أمضى نحو 40 عامًا في السجن بهذه العمليات انتهى الامتداد الجغرافي لمنظومة سجون الأسد لكن مهمة السوريين في البحث عن أحبائهم المفقودين ومعالجة آثار سنوات الاعتقال تبقى مستمرة، مؤشرة إلى حجم التحديات أمام إعادة بناء مجتمع مصاب بسنوات من الخوف والقمع.