بعد سقوط النظام السوري في 8 كانون الأول 2024، شهدت المناطق الجنوبية سلسلة متصاعدة من الانتهاكات الإسرائيلية، تمثلت في توغل متكرر داخل الأراضي السورية، وعمليات اعتقال واختطاف، شملت مدنيين من جميع الأعمار، بينهم قاصرون.
وثقت جهات حقوقية 39 حالة اختطاف، شملت رجالا ونساء وأطفالًا، خلال عمليات التوغل التي نفذتها القوات الإسرائيلية منذ الأيام الأولى لسقوط النظام، إضافة إلى عمليات التفتيش للمنازل وبناء الحواجز وإقامة نقاط مراقبة ثابتة ومؤقتة في القرى والمدن الواقعة بالقرب من الشريط الحدودي.
عمليات الاختطاف جرت على مراحل، وتنوعت بين مداهمات ليلية ونهارية، وتم توثيقها بالاسم الكامل والتاريخ، ضمن مساعٍ حقوقية تهدف إلى متابعة ملفات المختطفين وضمان حقوقهم القانونية والإنسانية، بالتعاون مع جهات دولية مختصة. تهدف هذه التوثيقات إلى الكشف عن مصير المختطفين وضمان الإفراج عنهم، ورفع مستوى الضغط على الاحتلال الإسرائيلي للحد من الانتهاكات.
في 5 كانون الأول 2025، أفرج الاحتلال الإسرائيلي عن أربعة أشخاص كانوا محتجزين منذ أكثر من سبعة أشهر، في منطقتي ريف القنيطرة وبلدة بيت جن بريف دمشق. لم تُعرف التهم الموجهة لهم أو ظروف احتجازهم، لكن الإفراج جاء بعد ضغوط مجتمعية واسعة، مع استمرار القلق حول مصير باقي المختطفين.
تزامن الإفراج مع تحركات جماعية من أهالي بلدة بيت جن للمطالبة بمعرفة مصير أبنائهم، وسط رفض متكرر للممارسات الإسرائيلية. وقامت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بجولات ميدانية في البلدة لمراقبة خروقات الاحتلال وتسجيل الأضرار الناجمة عن العمليات العسكرية الإسرائيلية، وهي الجولة الثالثة بعد الهجوم الذي راح ضحيته 13 مدنيًا وأصاب أكثر من 25 آخرين.
الزيارات الميدانية شملت أيضًا بلدة سعسع ومزرعة بيت جن، حيث رصدت فرق الأمم المتحدة تأثير عمليات التوغل على المنازل والمزارع والبنى التحتية المحلية، إضافة إلى التأثير النفسي والاجتماعي على السكان الذين يعانون من فقدان الأمن والخوف المستمر من عمليات الاعتقال والمداهمات.
تحليل معمق للملف
التوغلات الإسرائيلية بعد سقوط النظام: يمثل استمرار التوغل مؤشرًا على رغبة الاحتلال في السيطرة على جنوب سوريا واستغلال الفراغ الأمني الذي خلفه انهيار النظام السابق.
اختطاف القاصرين والبالغين: يشير إلى انتهاكات واسعة للحقوق المدنية، ويبرز الحاجة لتدخل حقوقي دولي لضمان الإفراج عن المختطفين ومحاسبة المسؤولين.
الأثر المجتمعي والنفسي: عمليات الاختطاف المتكررة ونقص الأمن أدت إلى حالة من الخوف والقلق بين الأهالي، مع تهديد مستمر لحياة المدنيين واستقرار المجتمعات المحلية.
دور الأمم المتحدة: يمثل وجود بعثات الأمم المتحدة خطوة إيجابية لمراقبة الوضع، لكنه لا يحل المشكلة الجذرية المتمثلة في الاحتلال والاعتقالات المستمرة.
الأفق المستقبلي: استمرار الاحتلال وعدم الإفراج عن جميع المختطفين يهدد الاستقرار، ويستدعي ضغطًا دوليًا ووسائل قانونية لضمان حقوق المدنيين وحماية السكان في جنوب سوريا.