أعرب رئيس مجلس الأمن الدولي لشهر كانون الأول، سفير سلوفينيا لدى الأمم المتحدة صامويل زبوغار، عن تأكيده دعم المجلس لسيادة سوريا ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها. وجاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقد في دمشق يوم الخميس 4 كانون الأول، حيث تحدث باسم وفد الدول الأعضاء في مجلس الأمن الذي يزور سوريا.
وقال زبوغار إن كلمة “الثقة” كانت المحور الأبرز للزيارة، موضحًا أن الهدف الأساسي هو بناء الثقة مجددًا بين مجلس الأمن والشعب السوري، وتعزيز فرص مستقبل أفضل تقوده سوريا نفسها بدعم من المجتمع الدولي. وشدد على أن أعضاء الوفد جاؤوا لدعم الجهود المبذولة داخل البلاد في ملفات متعددة، وعلى رأسها العملية السياسية والمصالحة الوطنية.
لقاءات مع الحكومة السورية ومؤسسات مختلفة
أجرى الوفد خلال وجوده في دمشق سلسلة لقاءات شملت الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، ووزير الخارجية أسعد الشيباني، وعددًا من الوزراء والمسؤولين في الحكومة السورية. كما عقد اجتماعات مع مسؤولي الأمم المتحدة في دمشق، وممثلين عن منظمات المجتمع المدني، وقيادات دينية، بالإضافة إلى لقاءات مع أفراد من المجتمعات المتأثرة بأحداث الساحل والسويداء، ولجان التحقيق، وذوي بعض المفقودين.
ووفق ما أوضحه زبوغار، تطرقت النقاشات إلى ملفات واسعة من بينها العدالة، والمصالحة، والعملية السياسية الشاملة، والحوار الوطني، والتنمية الاقتصادية، وإعادة الإعمار، ومكافحة الإرهاب. وأكد أن مستقبل سوريا يجب أن يكون ملكًا للسوريين أنفسهم، وأن المجتمع الدولي مستعد لدعم هذا التوجه.
وأشار زبوغار إلى أن وجود فريق أممي داخل سوريا يساعد في توفير الخبرات والدعم اللازمين للدفع نحو مسار مستقر وأكثر عدلًا.
لقاء مع لجنة تقصي أحداث السويداء
زار وفد مجلس الأمن اللجنة الوطنية المعنية بالتحقيق في أحداث السويداء للاطلاع على منهجية العمل وآليات جمع الأدلة، بهدف تعزيز مسار العدالة في سوريا الجديدة وبناء الثقة مع السوريين فيما يتعلق بكشف الحقيقة والمحاسبة.
رئيس اللجنة، القاضي حاتم النعسان، أوضح أنه تم خلال اللقاء عرض الخطوات التي اتُخذت خلال صيف 2025، بما في ذلك اعتماد اللجنة منهجية مهنية مستندة إلى بروتوكولات الأمم المتحدة في التحقيق. وشملت الإجراءات التركيز على حقوق الضحايا، وحماية الشهود، وضمان الشفافية في جمع الأدلة وتوثيق الوقائع.
وبيّن النعسان أن اللجنة ميّزت بين الأفعال الإجرامية والانتهاكات الحقوقية، وحددت ما يستوجب مساءلة قانونية. وأشار إلى وجود تنسيق مباشر مع لجنة التحقيق الدولية الخاصة بسوريا، التي دخلت السويداء بتسهيل من الحكومة، معتبرًا ذلك مؤشرًا على انفتاح الدولة على كشف ملابسات الأحداث وتحمل مسؤولياتها.
كما أشار المتحدث باسم اللجنة، عمار عز الدين، إلى أن الهدف الأساسي للجنة هو تحديد المسؤوليات الجنائية بدقة وتقديم توصيات تمنع تكرار الأحداث، مؤكدًا أن الشراكة مع الأمم المتحدة ضرورية لضمان تحقيق ذو مصداقية يتماشى مع المعايير الدولية.
اجتماع وفد مجلس الأمن مع الشرع
كشف مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة، إبراهيم علبي، عن تفاصيل الاجتماع بين وفد مجلس الأمن والرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع.
وأوضح أن الشرع تناول خلال الاجتماع الانتهاكات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية، معتبرًا إياها أولوية يجب أن يناقشها مجلس الأمن، واستشهد بحادثة بيت جن بوصفها مثالًا على التوغلات المتكررة. كما ناقش الجانبان القضايا الاقتصادية والتنموية، إضافة إلى تأثير العقوبات على حياة السكان.
وقال علبي إن الوفد أبدى دعمًا واضحًا لسوريا، معتبرًا أن الزيارة في ذكرى التحرير تحمل دلالة خاصة، وتعكس “تضامنًا” مع البلاد في هذه المرحلة. وأكد أن أعضاء المجلس أظهروا موقفًا موحدًا خلال الزيارة، وهو ما وصفه بأنه تحوّل مهم في طريقة تعامل المجلس مع الملف السوري مقارنة بالسنوات السابقة التي شهدت انقسامًا حادًا.
وأشار علبي إلى أن زبوغار أوضح قبل وصول الوفد إلى دمشق أن الهدف الأساس هو استعادة ثقة السوريين بمجلس الأمن، لافتًا إلى أن الوفد يسعى إلى بناء هذه الثقة عبر خطوات عملية.
ويرى علبي أن استمرار اتفاق أعضاء المجلس حول دعم السوريين يمكن أن يسهم في إعادة سوريا إلى موقع الاستقرار، بدلًا من كونها بؤرة أزمات، الأمر الذي سينعكس على الأمن والسلام الدوليين.
جولة ميدانية وزيارات في دمشق
وصل وفد مجلس الأمن إلى سوريا عبر معبر جديدة يابوس صباح الخميس، وبدأ جولته بزيارة حي جوبر، الذي تعرّض لدمار كبير خلال سنوات الحرب. ثم شملت الجولة عددًا من المواقع التاريخية والتراثية في دمشق القديمة، من بينها فندق بيت الوالي في باب توما، والجامع الأموي.
كما عقد الوفد سلسلة اجتماعات مع فعاليات مدنية ورجال دين من مختلف الطوائف في فندق “سميراميس”، ضمن جهود لتعزيز التواصل مع مختلف مكونات المجتمع السوري.