بين بيان العشيرة وتسريب تل أبيب… أين تقف الحقيقة في مقتل أبو شباب؟

2025.12.05 - 08:07
Facebook Share
طباعة

تفتح حادثة مقتل ياسر أبو شباب، قائد الميليشيا المتعاونة مع إسرائيل والمعروفة بـ“القوات الشعبية”، باباً واسعاً للتساؤلات حول طبيعة الصراع الداخلي في غزة خلال الحرب وتحوّل بعض المجموعات المسلحة إلى أدوات أمنية لإسرائيل وفي الوقت الذي سارعت فيه عشيرة أبو سنيمة لإعلان مسؤولية أحد أبنائها عن قتله، برزت روايات متضاربة تكشف تعقيدات المشهد أكثر مما تحسمه.

ففي بيان رسمي حمل توقيع عطية عودة أبو سنيمة، مختار العشيرة، أكدت العائلة أن أحد أبنائها هو من نفّذ مقتل أبو شباب خلال مواجهة مباشرة، واصفة العملية بأنها فعل “دفاع عن الأرض والكرامة” ضد من وصفته بـ“الخارج عن قيم الشعب الفلسطيني” البيان حمل نبرة مزيجاً من الفخر والثأر، مشيراً إلى أن أبناء العشيرة الذين قُتلوا شرق رفح—ومن بينهم محمود محمد أبو سنيمة وجمعة محمد أبو سنيمة—رحلوا وهم “يسطّرون صفحة مشرفة في مسيرة الصمود”.

لكن “القوات الشعبية” التي كان يقودها أبو شباب سارعت إلى تقديم رواية معاكسة تماماً، مؤكدة أن مقتل زعيمها جاء خلال محاولته فضّ نزاع عائلي بين أفراد من عائلة أبو سنيمة، في محاولة واضحة لتجنب انكشاف الانقسامات داخل التنظيم وفي مشهد يعكس حجم التصدع داخل البنية القبلية والعسكرية في جنوب القطاع، دخلت قبيلة الترابين على الخط وأصدرت بياناً وصفت فيه مقتل أبو شباب بأنه “نهاية صفحة سوداء”، في إشارة إلى الاتهامات الثقيلة التي لاحقته بالتعاون الأمني مع الجيش الإسرائيلي.

اللافت أن الرواية الإسرائيلية جاءت مختلفة عن الجميع، بل أكثر حدة فقد نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤولين أمنيين أن أبو شباب لم يُقتل بالرصاص، وانما ضُرب حتى الموت على يد عناصر من جماعته نفسها خلال شجار داخلي الرواية تكشف أن إسرائيل تدخلت بعد تدهور وضعه، حيث جرى نقله من رفح لتلقي العلاج، لكنه فارق الحياة في الطريق إلى مستشفى "سوروكا" في بئر السبع كما أكدت إذاعة الجيش الإسرائيلي نقل نائبه غسان الدهيني إلى المستشفى ذاته بعد إصابات خطيرة خلال الاشتباكات.

تعدد الروايات لا يلغي حقيقة أساسية: أبو شباب كان يقود إحدى أبرز المجموعات التي عملت مع الاحتلال الإسرائيلي في مهمات ميدانية وأمنية داخل غزة خلال الحرب، وهو موقع جعله هدفاً للرفض الشعبي والقبلي، وربما للخلافات الداخلية أيضاً مقتله بهذه الصورة—سواء بيد أبناء عشيرته أو نتيجة صراع داخل مجموعته—يعكس حجم الاحتقان الذي تراكم حوله، كما يكشف عن أن ما يسمى بـ“القوات الشعبية” لم تكن مجرد ميليشيا محلية، فهي بنية هشة قائمة على الولاءات المتبدلة والصراعات الداخلية.

وفي ظل غياب تحقيق مستقل وتضارب مصادر المعلومات، يبقى السؤال مفتوحاً: هل كان مقتل ياسر أبو شباب نتيجة تصفية داخلية، أم ثأراً عشائرياً، أم انفجاراً لصراع خفي طالما ظل تحت السطح؟ ما هو ثابت حتى الآن أن موته أسدل الستار على إحدى أكثر الشخصيات إثارة للجدل في غزة خلال الحرب، وفتح الباب أمام مرحلة جديدة من إعادة ترتيب القوى القبلية والمسلحة في القطاع. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 2