تتحرك السياسة النقدية في سوريا نحو مرحلة تُظهر محاولة كسر الجمود الاقتصادي عبر مسارين متوازيين: إدخال عملة جديدة بفئات متعددة، والانخراط في شراكات دولية لتحديث البنية المالية الرقمية. هذا التحرك جاء في وقت تواجه فيه دمشق تحديات معقدة تتراوح بين الضغوط الاقتصادية الممتدة وتبدلات المواقف الخارجية، بما فيها مؤشرات الانفتاح الأميركي المحدود. وفي ظل السعي لإعادة ضبط أدوات السياسة النقدية واستعادة جزء من الثقة الداخلية والخارجية، تبدو تصريحات حاكم المصرف المركزي انعكاساً لجهد استثنائي لإعادة التموضع الاقتصادي في لحظة حساسة.
قال حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر حصرية، خلال مشاركته في مؤتمر "رويترز نكست"، إن دمشق وصلت إلى مرحلة متقدمة في مشروع إصدار عملة جديدة تتضمن ثماني فئات، مبيناً أن التركيز الحالي ينصب على تعزيز استقرار العملة والسياسة النقدية وأوضح أن المصرف عقد اجتماعاً مع شركة "فيزا" ضمن خطة واسعة لتطوير أنظمة دفع رقمية جديدة في سوريا، لافتاً إلى أن التعاون يشمل أيضاً "ماستركارد"، وقال: "يسعدنا أننا نعمل مع فيزا وماستركارد".
سوريا تشهد حالياً انخفاضاً كبيراً في معدل التضخم، معتبراً أن تقدير البنك الدولي لنمو الاقتصاد السوري بنسبة 1% لا يعكس الإمكانات الحقيقية للاقتصاد وذكر أن المصرف يعمل على تطوير أساليب للحصول على تقديرات دقيقة للناتج المحلي الإجمالي، في محاولة لتحسين أدوات القراءة الاقتصادية.
أشار حصرية إلى أن المصرف ناقش خلال الأيام الماضية استراتيجية للتقدم في ملفات العملة وأنظمة الدفع وقضايا مالية أخرى، موضحاً التواصل مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بدأ منذ نيسان/أبريل الماضي، وأن صندوق النقد سيقدم مساعدة فنية في بعض المبادرات رغم عدم التوصل إلى برنامج تعاون كامل بعد.
وعن ملف العقوبات الأميركية، قال إن التطورات الأخيرة تبدو أشبه بمعطى غير متوقع هناك توقعات بأن يُقدم الكونغرس الأميركي قريباً على إلغاء قانون قيصر، في خطوة قد تغيّر مسار الضغوط الاقتصادية المفروضة على دمشق.