بعد مرور عام على سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024، يجد اللاجئون السوريون في لبنان أنفسهم أمام واقع مزدوج: رغبة في العودة إلى بلدهم، وخوف من ما ينتظرهم في ظل الفوضى الأمنية والاقتصادية المستمرة. لبنان استقبل موجة جديدة من اللاجئين هربًا من العنف، حيث يواجه العديد منهم صعوبات اقتصادية ومعيشية، بينما يفضل آخرون البقاء بسبب غياب الضمانات الأمنية في سوريا.
أعداد اللاجئين والضغوط المعيشية
يقدر عدد اللاجئين السوريين في لبنان حتى منتصف 2025 بحوالي 1.5 مليون شخص، بينهم ما يقارب نصف مليون مسجل رسميًا. الضغوط الاقتصادية الخانقة، من ارتفاع الإيجارات وتكاليف الحياة إلى نقص فرص العمل، دفعت آلاف اللاجئين إلى التفكير بالعودة رغم المخاطر الكبيرة في بلدهم الأم.
برنامج العودة الطوعية: أرقام وتحديات
أُطلق برنامج العودة الطوعية في يوليو 2025 لتسهيل عودة اللاجئين إلى سوريا بمساعدة مالية وخدمات دعم إعادة الاندماج. لكن، على الرغم من الحوافز، يظل الكثيرون مترددين في العودة بسبب انعدام الأمن، وتفشي العنف، وغياب الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والمدارس، ما يجعل العودة مغامرة محفوفة بالمخاطر.
العودة القسرية تحت ضغوط الفقر
العديد من اللاجئين يعودون ليس طواعية، بل نتيجة ضغوط اقتصادية ومحدودية فرص العيش في لبنان. يعيش العائدون صعوبة في بناء حياتهم من جديد وسط بيوت مدمرة وخدمات محدودة، فيما يبقى الخطر الأمني قائمًا بسبب التفجيرات، عمليات القتل، والخطف، والفوضى المحلية. هذا الواقع يعكس أن العودة في الوقت الحالي ليست قرارًا آمنًا، بل خيار صعب بين المعاناة في لبنان أو المخاطرة في سوريا.
العنف المستمر وعائق العودة
مع سقوط النظام، تجددت موجات العنف والمجازر في مناطق مختلفة من سوريا، بما في ذلك تفجيرات واشتباكات مسلحة وأعمال انتقامية طائفية. هذا العنف دفع آلاف السوريين إلى مغادرة البلاد مجددًا، مؤكدًا أن سوريا ما بعد الأسد ليست أكثر أمنًا، وأن أي عودة تبقى محفوفة بالمخاطر.
التعليم والخدمات: عقبة إضافية أمام العودة
غياب الخدمات الأساسية، بما في ذلك التعليم، يمثل عقبة كبرى أمام العودة. حتى الذين عادوا يجدون أنفسهم أمام مدارس مغلقة أو خدمات محدودة، فيما يضطر الطلاب السوريون في لبنان للانتظار أو التسجيل في مدارس بعد الظهر، مما يعكس التحديات المستمرة في توفير حياة كريمة.
خلاصة: العودة ليست خيارًا بسيطًا
العودة إلى سوريا بعد سقوط النظام ليست مسألة أمنية فحسب، بل مسار محفوف بالتحديات الاقتصادية والاجتماعية. الفقر والتهجير والفوضى الأمنية تجعل من العودة خيارًا معقدًا، بينما يبقى الحفاظ على حياة اللاجئين واستقرارهم في لبنان أو أي بلد آخر أولوية إنسانية.