"طلائع الباشان": المستوطنون الشباب يخططون للاستقرار في سوريا قانونياً

2025.12.04 - 10:25
Facebook Share
طباعة

 بدأت حركة استيطانية إسرائيلية جديدة تعرف باسم "طلائع الباشان" خطواتها نحو إقامة مستوطنة يهودية في منطقة القنيطرة وجبل الشيخ جنوب سوريا. الحركة، التي تضم شباباً مستوطنين يؤمنون بفكرة أن سوريا جزء من "إسرائيل الكبرى"، لم ترضخ لأوامر الجيش الإسرائيلي، وشرعت بتوقيع عريضة تطالب الكابينت الإسرائيلي بإقرار الاستيطان وتحث الحكومة على اتخاذ خطوات قانونية تسمح لهم بالاستقرار في المنطقة بشكل رسمي، في خطوة يعتبرونها ضرورية لتعزيز السيادة الإسرائيلية.

بعد انهيار اتفاق فصل القوات بين إسرائيل وسوريا نهاية العام الماضي، والذي كان قد تم توقيعه عام 1974، أعلن الجيش الإسرائيلي عن سقوط الاتفاق وتوغل داخل المنطقة العازلة والقنيطرة وجبل الشيخ بذريعة إنشاء منطقة عازلة. لكن الجيش لم يتحرك بمفرده، إذ تبعته هذه الحركة الاستيطانية الجديدة، التي نجحت قبل أيام في فتح فتحة بالسياج الحدودي باستخدام مناشير كهربائية، وسللت 13 مستوطناً إلى قرية "بريقة" قرب قرية بئر عجم السورية، في محاولة لإقامة مستوطنة في المنطقة التي يسيطر عليها الجيش منذ نحو عام. وتمكنت القوات الإسرائيلية من ملاحقتهم وإعادتهم إلى إسرائيل للتحقيق معهم.

رغم ذلك، واصل أفراد الحركة نشاطهم السياسي، وبدأوا توقيع العريضة التي لاقت صدى واسعاً بين المستوطنين، فيما عقدت الحركة مؤتمرها الأول في مدينة القدس بحضور شخصيات يمينية ودينية مؤيدة للاستيطان في سوريا، من بينهم النائب السابق موشيه فيغلين.

تمتد المساحة العازلة التي أسسها اتفاق فصل القوات عام 1974 نحو 235 كيلومتراً مربعاً، من قمة جبل الشيخ شمال الجولان إلى جنوبه، بعرض يتراوح بين مئات الأمتار و14 كيلومتراً. المنطقة تخضع لسيطرة إسرائيلية على غرب الخط باستثناء القنيطرة، بينما يبقى الجانب الشرقي تحت سيطرة سوريا، وتدير قوات الأمم المتحدة المنطقة الفاصلة. إلا أن السيطرة الفعلية التي فرضها الجيش منذ انهيار الاتفاق تجاوزت 460 كيلومتراً مربعاً، بما في ذلك جميع قمم جبل الشيخ و10 مواقع عسكرية كبيرة، مع الحفاظ على وجود عسكري دائم داخل المنطقة العازلة وأوسع منطقة نفوذ تصل إلى 60 كيلومتراً داخل سوريا.

منذ ديسمبر الماضي وحتى نوفمبر الحالي، نفذت إسرائيل أكثر من 1000 غارة جوية وأكثر من 400 عملية توغل برية، مستهدفة المحافظات الجنوبية السورية، ما أدى إلى تدمير مطارات وقواعد الجيش السوري، وقضاء على نحو 85% من قدراته الدفاعية.


حجر الأساس الاستيطاني
وصف الجيش الإسرائيلي محاولة الحركة الاستيطانية بانتهاك خطير يشكل مخالفة جنائية ويعرض المدنيين والجنود للخطر، مؤكداً في الوقت نفسه استمرار وجوده العسكري داخل المنطقة العازلة، وهو ما أكده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خلال زيارته المنطقة في نوفمبر الماضي. بالمقابل، قالت الأمم المتحدة إن هذه الأنشطة تمثل انتهاكاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.

أعضاء الحركة أعلنوا عن رغبتهم بوضع حجر الأساس لأول مستوطنة يهودية عبر السياج باسم "نيفيه هاباشان"، مع مراسيم رمزية تضمنت غرس الزهور وإنشاء ركن تذكاري لجنود إسرائيليين قتلى. ويروج ناشطو الحركة لفكرة أن أرض "باشان" هي ميراث الأجداد وأن هناك مساحات واسعة للاستيطان، داعين الحكومة الإسرائيلية إلى السماح لهم بالاستقرار وإبعاد أي تهديد من المنطقة.

وفق الكتب الدينية اليهودية، يشير اسم "الباشان" إلى مناطق شرق نهر الأردن تمتد إلى هضبة الجولان، بما في ذلك حوران والجولان واللجاة، وهي مناطق خصبة أُعطيت لبني إسرائيل بحسب الرواية التوراتية. وقد أطلق الجيش الإسرائيلي على عمليته العسكرية اسم "سهم باشان" عقب سقوط الأسد، مستهدفاً القوات السورية وقواعدها.


خرائط وتطبيقات رقمية
كشف موقع 972+ الإسرائيلي أن أعضاء الحركة يستخدمون تطبيق واتساب لنشر خرائط سوريا وتحديد مناطق الاستيطان المفضلة، بدعم من حركة "أوري تسافون" التي تروج للاستيطان في جنوب لبنان. زعيمة منظمة "نحالا" دانيلا فاس أعلنت أن الحركة تطمح للاستيطان في غزة ولبنان والجولان وجبل الشيخ، ونشرت خريطة توراتية بعنوان "حدود أبراهام" تظهر إسرائيل على كامل مساحة لبنان ومعظم سوريا والعراق، مؤكدة أن الاستيطان هو الحل لتحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي لإسرائيل.

من جهة أخرى، قلل الباحث يوحنان تسوريف من تأثير التحركات الاستيطانية الجديدة على المجتمع الإسرائيلي، مشيراً إلى أن الدعم السياسي والمالي لهذه التحركات لا يغير الاستراتيجية الحكومية، وأن غالبية الإسرائيليين يدعمون في الوقت الراهن الترتيبات الأمنية والتوصل إلى اتفاق سلام مع سوريا.


توتر عسكري مستمر
المحلل العسكري عاموس هرئيل يرى أن إسرائيل تحرص على عدم الانجرار إلى حرب شاملة، مع إبقاء مستوى من التوتر العسكري في سوريا ولبنان، ما يمنح تل أبيب هامشاً للتحرك العسكري ويعزز خطابها الأمني القائم على الردع. بينما تؤكد بعض الأوساط البحثية أن السياسة الإسرائيلية تفتقر إلى رؤية استراتيجية شاملة، مكتفية بالتمسك بالوضع القائم دون صياغة تصور بعيد المدى لإعادة ترتيب المشهد.

في ظل استمرار التصعيد في الضفة الغربية وغزة ولبنان، تسعى هذه التحركات الاستيطانية مثل "طلائع باشان" و"أوري تسافون" إلى فرض معادلة استيطانية جديدة في سوريا، وقد تمتد خلال الأسابيع المقبلة، مستغلة التوتر عند الحدود الشمالية وهشاشة الوضع الداخلي السوري والتغيرات الإقليمية.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 9