يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الخميس، تنفيذ سلسلة من الضربات الجوية والعمليات الميدانية التي شملت قصفاً ومدفعية ونسف مبانٍ في عدة مناطق داخل قطاع غزة، وخصوصاً خلف ما يُعرف بخط التماس أو “الخط الأصفر”، في وقت تتهم فيه حركة حماس إسرائيل بإفراغ اتفاق وقف إطلاق النار من مضمونه عبر استمرار التصعيد.
ففي جنوب القطاع، شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي غارات داخل الخط الأصفر شرق خان يونس، بالتزامن مع قصف مدفعي طال المناطق الشرقية للمدينة. كما نفذت الطائرات الإسرائيلية هجمات مكثفة على شرق رفح، بينما أطلقت الآليات العسكرية نيرانها شمالي المدينة في محيط أحياء سكنية وأماكن نزوح.
وفي غزة المدينة، أفادت مصادر محلية بأن قوات الاحتلال فجّرت روبوتاً مفخخاً داخل حي الشجاعية، قبل أن تنسحب آلياتها باتجاه الخط الأصفر. كما تعرّضت خيام النازحين غرب المدينة لإطلاق نار من الزوارق الحربية، ما زاد من حالة الذعر وعدم الأمان في المناطق الساحلية.
وعلى الرغم من دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لم تتوقف عمليات القصف والهدم، إذ تواصل قوات الاحتلال تدمير ما تبقى من مبانٍ في المناطق الشرقية، في وقت تعيش فيه العائلات العائدة إلى منازلها المدمرة حالة من القلق الدائم نتيجة استمرار إطلاق النار والقصف المدفعي.
قصف يستهدف النازحين ومواقف منددة
مساء أمس، أعلن مستشفى الكويت التخصصي في خان يونس استشهاد خمسة مواطنين، بينهم طفلان، في هجوم لطائرات مسيّرة استهدف خيام النازحين في منطقة المواصي غرب المدينة. وأكد الدفاع المدني أن خيمة إيواء مكتظة تعرضت لأربعة صواريخ، ما أدى إلى سقوط ضحايا وإصابات وتسبب في حالة من الفوضى والخوف بين آلاف النازحين.
وتقول الطواقم الميدانية إن القطاع يعيش “واقعاً مريراً” مع استمرار الضربات على المناطق التي تحتضن أعداداً كبيرة من المشردين، وسط غياب أي بيئة آمنة للمدنيين.
وفي بيان رسمي، أدانت حركة حماس الهجوم على خيام النازحين قرب المستشفى الكويتي، واعتبرته “جريمة حرب” و”انتهاكاً صريحاً لاتفاق وقف إطلاق النار”. وشددت الحركة على أن استمرار القصف يشكل محاولة واضحة من إسرائيل للتهرب من التزامات الاتفاق، مطالِبة الوسطاء والدول الضامنة بالتدخل لوقف التصعيد ومنع المزيد من الاستهدافات للمدنيين.
ملف الرفات: شرط إسرائيلي لاستكمال التفاوض
على صعيد موازٍ، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الرفات الذي تسلّمته إسرائيل أمس يعود للعامل التايلندي سودثيساك رينثالاك، في حين ما يزال رفات آخر الرهائن الإسرائيليين ران جفيلي داخل القطاع.
وتسلمت إسرائيل الجثة عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر بعد أن عثرت عليها فصائل المقاومة خلال عمليات ميدانية في شمال غزة. وتربط الحكومة الإسرائيلية انطلاق المرحلة الثانية من التفاوض بشأن وقف إطلاق النار بتسلم كامل رفات الأسرى المحتجزة لدى المقاومة.
وبحسب الآلية المتداولة، تفرج إسرائيل — مقابل كل رفات أسير — عن جثامين 15 فلسطينياً من الذين قتلتهم خلال الحرب على غزة وتحتجز جثثهم منذ شهور طويلة.
بهذا تتقاطع التطورات الميدانية مع التعقيدات السياسية، في مشهد يعكس هشاشة وقف إطلاق النار واستمرار معاناة المدنيين تحت القصف والتهجير دون أي بوادر لانفراج قريب.