تشهد محافظة السويداء حالة من التوتر الشديد بعد تسجيل وفاة معتقلين اثنين خلال أقل من 48 ساعة، إثر حملة أمنية نفذتها قوات “الحرس الوطني” تخللتها اعتقالات وانتشار مكثف على الطرقات الرئيسية وفي محيط البلدة القديمة.
فقد وصل ماهر فلحوط إلى أحد مشافي المحافظة مفارقًا الحياة بعد يومين فقط من احتجازه، ليكون ثاني حالة وفاة خلال ساعات قليلة، عقب وفاة الشيخ رائد المتني الذي نُقل جثمانه إلى المستشفى وعليه آثار واضحة للضرب، بحسب شهادات محلية، ما أثار موجة غضب عارمة في صفوف الأهالي.
وبحسب المعلومات المتداولة، فإن فلحوط والمتني أوقفا معاً يوم الأحد في إطار حملة أمنية واسعة. وبعد يومين فقط، أُعلن عن وفاة فلحوط، بينما سبقته وفاة المتني التي جاءت في ظروف ملتبسة أثارت الكثير من الجدل.
الروايات حول وفاة الشيخ رائد المتني تعددت بشكل كبير؛ إذ تؤكد جهات محلية أنه تعرض للتعذيب خلال فترة الاحتجاز، وأن الآثار على جسده كانت واضحة لحظة وصوله إلى المستشفى. في المقابل، تتحدث مصادر مقربة من “الحرس الوطني” عن أنه كان يعاني من ارتفاع حاد في ضغط الدم، وأن وفاته ناجمة عن تناوله جرعات كبيرة من أدوية الضغط. كما أشارت روايات أخرى إلى احتمال إقدامه على الانتحار.
ورغم اختلاف الروايات، فإن مشاهد الجثمان وما بدا عليه من علامات اعتداء جسدي دفعت العديد من الأهالي للمطالبة بإجراء تحقيق مستقل وشفاف يكشف ما جرى بالتفصيل ويحدد المسؤولين عن وفاة الرجلين.
وتزامنت الحادثتان مع حملة أمنية واسعة شملت اعتقالات بحق أشخاص تتهمهم جهات قريبة من “الحرس الوطني” بأنهم “مرتبطون أمنياً مع السلطة في دمشق”، وسط انتشار أمني كثيف على الطرقات ونقاط التفتيش.
وتداول الأهالي تسجيلًا مصورًا ظهر فيه عدد من المعتقلين وهم يتعرضون للإهانة، عبر حلق ذقونهم بالقوة والاعتداء عليهم بالضرب والشتائم. وقد أثار ظهور هذا التسجيل صدمة واسعة في المحافظة، باعتباره دليلاً إضافيًا على تعرض المحتجزين للإذلال والمعاملة غير القانونية.
وفي سياق موازٍ، أصدر “الحرس الوطني” بيانًا رسميًا قال فيه إن التحقيقات كشفت عن “مؤامرة وخيانة كبرى” تورطت فيها مجموعة ممن وصفهم بـ“المتخاذلين والعملاء”، بالتنسيق مع “جهات خارجية وسلطة دمشق”، معتبراً أن الهدف كان تنفيذ خرق أمني خطير يستهدف أمن السويداء وسكانها.
ومع استمرار الغضب الشعبي، ترتفع الأصوات المطالبة بوقف الانتهاكات، ومحاسبة كل من يثبت تورطه في ممارسات التعذيب أو الإذلال أو الاحتجاز غير القانوني، إلى جانب المطالبة بآلية رقابية مستقلة تمنع تكرار هذه الحوادث في المستقبل.