يشكل تراكم 40 ألف طن من البطاطا في المخازن أزمة حقيقية للقطاع الزراعي اللبناني، ليس فقط من ناحية الاقتصاد المحلي، بل أيضًا على صعيد الأمن الغذائي والمزارعين الذين يعتمدون على هذا المحصول كمصدر رئيسي للدخل في هذا السياق، تأتي حملة "20 كلغ بطاطا بتساعد" التي أطلقها وزير الزراعة الدكتور نزار هاني، لتشكل محاولة متكاملة لمعالجة أزمة الموسم الزراعي، من خلال الجمع بين الدعم الحكومي والمبادرة المجتمعية والشراكة مع القطاع الخاص.
أُطلقت الحملة بالتعاون مع وزارة الإعلام ونقابات مزارعي البطاطا في البقاع وعكار، تمثل نموذجًا لإستراتيجية متعددة الأبعاد، إذ لا تقتصر على تحريك السوق، وانما تشمل تنظيم الإنتاج، تحسين الجودة التوسع في الزراعة التعاقدية واعتماد دورات زراعية تقلل الكلفة وتحافظ على التربة هذا التوجه يشير إلى وعي الوزارة بضرورة التخطيط طويل المدى للحفاظ على الإنتاجية، وليس مجرد معالجة أزمة فورية.
من الجانب الاجتماعي تؤكد الحملة على دور التضامن المجتمعي، حيث يمكن لكل فرد أو مؤسسة أو مدرسة المشاركة بشراء 20 كيلوغرامًا من البطاطا، في مبادرة تهدف إلى إشراك المجتمع المدني في حماية الموسم الزراعي ودعم المزارع الذي يواجه ارتفاع تكاليف الإنتاج وتقلّبات السوق. هذه الخطوة تحمل بعدًا إنسانيًا واضحًا، إذ تساهم في الحد من الهدر الغذائي وتخفيف الضغط عن المزارعين الذين أمضوا أشهرًا في الزراعة والقطاف.
اقتصاديًا، تعتبر البطاطا من المحاصيل الأساسية التي تساهم في تأمين الغذاء المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد. فشل الموسم الزراعي يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وزيادة العجز في السوق المحلي، ما يضاعف التحديات الاقتصادية التي يواجهها لبنان.
لذلك، يمكن اعتبار الحملة أداة دعم اقتصادي صغيرة لكنها مؤثرة، تساهم في استقرار الأسعار وضمان استمرار الإنتاج في المستقبل.
كما أن إشراك الشركات الكبرى والشخصيات العامة، مثل ماكدونالدز، سبينيس، AJL، بيكاسو، سامر كبارة، والفريق الإعلامي المخرج كارلوس آمسيان، روجيه زغيب، سيرج مجدلاني وأندي خولي، يعكس نجاح النموذج التعاوني بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني، ما يزيد من فرص تحقيق أثر مستدام على الموسم الزراعي وعلى وعي المجتمع بأهمية دعم المنتجات المحلية.
سيكون من المهم متابعة نتائج الحملة في تحريك السوق وتخفيف المخزون في المخازن، وتقييم مدى قدرة المبادرة على حماية المزارعين واستقرار القطاع الزراعي، خصوصًا في ظل التحديات المناخية وارتفاع كلفة الإنتاج الحملة، إذا نجحت، يمكن أن تتحول إلى نموذج مستقبلي لإدارة الأزمات الزراعية في لبنان، يجمع بين الدعم الحكومي والمبادرات المجتمعية والمشاركة الاقتصادية الفعلية.
ختامًا، تعكس حملة "20 كلغ بطاطا بتساعد" أن الزراعة ليست مجرد إنتاج، بل نبض الأرض والحياة، وأن حماية الموسم الزراعي تتطلب جهودًا مشتركة بين الدولة، المجتمع، والقطاع الخاص، لتكون الرسالة واضحة: المزارع اللبناني ليس وحده، ودعمه مسؤولية جماعية تحمي الغذاء والاستقرار الاقتصادي.